إسرائيل: «حزب الله» يعمل على سد الأنفاق قبل اكتشافها

مجلس الأمن يبحث اليوم مطلبها بهدم الأنفاق

معدات إسرائيلية تحفر باتجاه بلدة كفر كلا اللبنانية الحدودية الأسبوع الماضي (أ.ب)
معدات إسرائيلية تحفر باتجاه بلدة كفر كلا اللبنانية الحدودية الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

إسرائيل: «حزب الله» يعمل على سد الأنفاق قبل اكتشافها

معدات إسرائيلية تحفر باتجاه بلدة كفر كلا اللبنانية الحدودية الأسبوع الماضي (أ.ب)
معدات إسرائيلية تحفر باتجاه بلدة كفر كلا اللبنانية الحدودية الأسبوع الماضي (أ.ب)

عشية البحث في مجلس الأمن الدولي، الذي بادرت إليه الولايات المتحدة وإسرائيل، حول أنفاق «حزب الله»، أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، أن رجالات «الحزب» حاولوا في الأيام الأخيرة سد مسار نفق كشفه الجيش خلال الأيام الماضية، وأن هناك احتمالاً بأن يكونوا قد بدأوا حملة لسد كل أنفاقهم قبل أن يتم اكتشافها.
وقالت مصادر إسرائيلية إنها ستكشف في جلسة مجلس الأمن، المقرر عقدها، اليوم الأربعاء، عن تفاصيل جديدة ومعلومات استخبارية أخرى حول نشاطات «حزب الله» في جنوب لبنان، تدل على أن هناك خروقات كثيرة من الطرف اللبناني لقرار مجلس الأمن رقم 1701. وفي بيان للناطق العسكري في تل أبيب، جاء أن خبراء الجيش الإسرائيلي، الذين قاموا بتوثيق الأنفاق الأربعة التي تم اكتشافها أسفل الحدود بين لبنان وإسرائيل، يجرون مقارنة بينها وبين أنفاق «حماس» و«الجهاد الإسلامي» على الحدود مع قطاع غزة، فيجدون أن هناك فوارق كبيرة. وأن «حزب الله» يعمل فيها بطريقة نوعية ومهنية أكبر، ما يدل على أنهم يستفيدون من خبرات دولة (يقصدون إيران). وأكد أن طريقة بناء النفق الرابع، الذي كشف أول من أمس، مختلفة عن الأنفاق السابقة التي تم كشفها، وهي تشمل تبطيناً من الداخل، وظهرت فيه محاولات لسد المسار من المدخل اللبناني للنفق.
وأضاف الجيش أن الأنفاق التي اكتشفها حتى الآن منذ بدء عملية «درع الشمال» في الرابع من الشهر الحالي، اجتازت الحدود مع لبنان إلى داخل الأراضي التي تحتلها إسرائيل، وهي لا تشكل تهديداً للمستوطنات في الشمال. وعلى الرغم من أن قوات «اليونيفيل» أكدت أن اثنين فقط من هذه الأنفاق اجتازا الحدود مع إسرائيل، وليس الأنفاق الأربعة، فقد رحبت إسرائيل بموقف هذه القوات، وقالت إن «بيان (اليونيفيل) إنجاز سياسي مهم، خصوصاً أنه يأتي قبيل النقاش الخاص الذي سيجريه مجلس الأمن الدولي اليوم حول مسألة أنفاق (حزب الله)».
يلاحظ أن إسرائيل تسعى إلى توظيف الكشف عن الأنفاق إلى أقصى درجة ممكنة لزيادة الضغوط على «حزب الله» والحكومة اللبنانية في الساحة الدولية، خصوصاً أن الاهتمام بهذا الموضوع بدأ يخفت في العالم. ورغم أن تقديراتها لا ترجح أن يثمر ذلك عن نتائج فورية، إلا أن هناك تقديرات أخرى، في المقابل، تشير إلى أن إثارة هذه القضية يساهم في زيادة الضغوط على إيران لإلغاء مشروعها الخاص بإقامة مصانع تطوير الصواريخ الدقيقة في لبنان «لأن العالم يصغي جيداً للتهديدات الإسرائيلية باستخدام القوة العسكرية وشن الحرب ومعاقبة لبنان بأسره على السماح بهذا النشاط».
وفي إطار إبقاء الكشف عن الأنفاق في موضع الاهتمام، والتمهيد لجلسة مجلس الأمن الدولي، سمح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، للمرة الأولى، لشبكةCNN» »، ببث صور من أحد الأنفاق التي تم اكتشافها. وفي هذا الإطار، قام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بزيارتين إلى الموقع، إضافة إلى رئيس الدولة رؤوفين ريفلين. ومع أن إسرائيل فشلت في إقناع الولايات المتحدة بفرض عقوبات على لبنان، وفرض قيود على المساعدات الأمنية الأميركية للجيش اللبناني، فإن حكومة نتنياهو تثق بأن الاستمرار في رفع وتيرة الحديث عنه ستقنع إدارة الرئيس دونالد ترمب بضرورة الاستجابة لطلبها، وفرض نوع ما من العقوبات، أو على الأقل ممارسة الضغوط المباشرة على الرئيس اللبناني ورئيس حكومته.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم