لم تمض سوى ساعات قليلة على وفاة الفنان المصري الراحل حسن كامي، حتى أثيرت أزمة مكتبته الخاصة «المستشرق» في وسط القاهرة، بعدما أعلن محاميه الخاص عن انتقال ملكية المكتبة وجميع ممتلكات الفنان الراحل إليه عن طريق البيع، بموجب مستندات رسمية. وفي الوقت الذي اتهمت أسرة كامي محاميه الخاص بالتحايل، طالب فنانون ومتابعون مصريون الحكومة بضرورة ضم كنوز المكتبة التراثية إلى هيئات الدولة.
من جهتها، قرّرت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة المصرية أمس، اتخاذ جميع الإجراءات القانونية لحماية مقتنيات مكتبة الفنان الراحل حسن كامي، التي تضمّ مخطوطات وكتباً ووثائق نادرة، حيث جرى تشكيل لجنة برئاسة الدكتور هشام عزمي رئيس دار الكتب والوثائق القومية، لفحص وجرد جميع محتويات المكتبة، وإعداد تقرير مفصل عنها على الفور لما تحتويه المكتبة من مقتنيات تراثية.
كما جرى مخاطبة النيابة العامة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، للحفاظ على المقتنيات الفنية التراثية الموجودة في المكتبة، وعدم تمكين أي من الورثة أو غيرهم من التصرف فيها إلّا بعد انتهاء اللجنة المشكلة وفقـا للمادة الثالثة من القانون 8 لسنة 2009، وتعديلاته من فحص وجرد محتويات المكتبة، وجرى أيضا تكليف الإدارة المركزية للشؤون القانونية في وزارة الثقافة لإنذار كل من الورثة والحائز للمكتبة بمنع التصرف في محتوياتها إلّا بعد انتهاء أعمال اللجنة.
من جهته، قال عمرو رمضان، محامي كامي في تصريحات تلفزيونية أول من أمس، إنّ «ملكية المكتبة آلت إليه بتوثيق رسمي وقانوني من كامي قبل وفاته بنحو عام، وأن كامي كان يملك 1 في المائة فقط ويدير المكتبة من الناحية الأدبية فقط». وأكد «أنه يمتلك مستندات توثق ذلك، وهي التي ستفصل في الأزمة».
وأضاف رمضان أنّ «المكتبة ليست متحفاً، لكنّ سجلها التجاري لبيع الكتب والتربح من نشأتها قبل عشرات السنين، وليس بها أي مخطوطات أو تراث سوى النسخة الأصلية لكتاب (الشعر الجاهلي) لعميد الأدب العربي طه حسين». وتابع أنّ «عائلة الفنان الرّاحل لم تكن تعلم عنه أي شيء، ولم تكن هناك علاقة تجمعهم به». وأوضح أنّ «كامي باع له الفيلا قبل 3 سنوات، وقام بسداد ثمنها على أقساط، وحين طلب منه الفنان أن يقوم بنقل ملكيتها له بناء على التوكيل الذي حرره له، رفض رمضان ذلك، وطلب من الفنان الراحل أن يتوجه بنفسه ويقوم بهذه الخطوة، حيث حرر محضر إثبات حالة بشخصه، وحصل على المنقولات الشخصية من الفيلا، خاصة أنه باعها بما تحتويه من أثاث». ولفت رمضان إلى أنّه لن «يبيع المكتبة رغم أنّها لا تحقق أي عائد مادي». بينما قالت منى أحمد، محامية شقيقة الفنان الراحل حسن كامي إنّ «رمضان ليس مالكاً للمكتبة»، متهمة إياه باستغلال كبر سن الفنان الراحل «للاستيلاء على فيلته ومكتبته». وأضافت في تصريحات تلفزيونية على قناة «on» أن «المكتبة تحوي كتباً قيّمة تعود إلى آلاف السنين، ومنها كتاب (حدود مصر) و(مخطوطات النيل)». وأشارت إلى أنّ كامي «وعد قبل وفاته بتقديم هذه الكتب إلى وزارة الثقافة، والتبرع بالفيلا والمكتبة للدولة».
وتابعت محامية شقيقة الفنان الراحل حسن كامي: «فوجئنا بمنعنا من دخول المكتبة والفيلا، وقالوا لها إن كامي باعهما، وأنّه لا يمتلك أي أموال». وطالبت منى بغلق المكتبة لحين الفصل في موقفها القانوني.
في السياق نفسه، اتخذ النزاع بين محامي كامي وشقيقته بعداً آخر، بدخول نقابات ومؤسسات مصرية على خط صراع ملكية المكتبة، إذ طالب الدكتور أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، بنقل ملكية المكتبة إلى الدولة بعد موت حسن كامي. وأضاف في تصريحات تلفزيونية أن «اتحاد النقابات سيشكل فريقاً من المحامين لتولي هذه القضية».
من جانبه، دعا النائب أسامة هيكل، رئيس لجنة الثقافة والإعلام والآثار في البرلمان المصري، ورثة الفنان الراحل حسن كامي، بالتبرع بمحتويات مكتبة المستشرق، إلى مكتبة الإسكندرية أو دار الكتب بهدف الحفاظ عليها وعلى النوادر الموجودة بها. فيما قال محمد منير، المتحدث باسم وزارة الثقافة، في تصريحات صحافية، أول من أمس إنّ «الوزارة قرّرت متابعة الموضوع من الناحية القانونية والبحث عن حقيقة ملكية المكتبة»، موضحا «أن الوزارة ستسعى لاقتناء أي كتب ومخطوطات نادرة بالمكتبة».
ويعود تاريخ إنشاء المكتبة إلى نهاية القرن التاسع عشر، عندما أنشأها اليهودي المصري فيلدمان في موقعها المتميز في ميدان طلعت حرب بوسط البلد، وأطلق عليها منذ هذا الزمن مكتبة «المستشرق».
إلى ذلك، تحدث الفنان الراحل في حوارات إعلامية سابقة، عن مدى حبه الشديد للمكتبة، وعن حلمه الذي تحقق لاحقا، بعد شرائه المكتبة من مالكها الذي كان يخشى التفريط فيها أو بيعها لتاجر لا يقدر قيمة ما تحتويه من كتب ومراجع تاريخية مهمة.
وتفاعل عدد كبير من رواد التواصل الاجتماعي في مصر، في شهر مارس (آذار) الماضي، مع صور الفنان الكبير حسن كامي، من داخل مكتبته الخاصة، التي كان يحرص على التواجد بها بشكل شبه مستمر، بعد رحيل زوجته نجوى عام 2012.
وبدأ كامي الذي وافته المنية الجمعة الماضي عن عمر ناهز 82 سنة، حياته العملية في دار الأوبرا المصرية عام 1963، وغنى على مسارح الاتحاد السوفياتي، وبولندا، وفرنسا، والولايات المتحدة، واليابان، وكوريا الجنوبية، والدنمارك، ونال عددا من الجوائز العالمية، بينها الجائزة الثالثة في الغناء الأوبرالي من إيطاليا 1969، والجائزة الرابعة العالمية 1973، والجائزة السادسة من اليابان 1976. واشتهر في السينما المصرية بأدوار الرجل الثري بسبب ملامح وجهه المميزة وشعره الفضي المسترسل، وشارك في نحو 100 فيلم، ومسلسل طوال حياته الفنية.
مكتبة الفنان الراحل حسن كامي تواجه مصيراً غامضاً
وزارة الثقافة شكّلت لجنة لجرد محتوياتها وفحصها
مكتبة الفنان الراحل حسن كامي تواجه مصيراً غامضاً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة