«لوزيعة» عادة أمازيغية للتكافل والتسامح والفرح

«لوزيعة» تقليد اجتماعي تكافلي عند القبائل في الجزائر
«لوزيعة» تقليد اجتماعي تكافلي عند القبائل في الجزائر
TT

«لوزيعة» عادة أمازيغية للتكافل والتسامح والفرح

«لوزيعة» تقليد اجتماعي تكافلي عند القبائل في الجزائر
«لوزيعة» تقليد اجتماعي تكافلي عند القبائل في الجزائر

«لوزيعة» عادة اجتماعية تكافلية، تنتشر لدى الأمازيغ في منطقة القبائل. يحتفلون بها في الأعياد والمناسبات الدينية ومواسم الحصاد والحرث وقطاف الزيتون. تسمى باللغة الأمازيغية «تيمشرط». في هذه المناسبة يجهز الجميع طعامهم بلحم العجل أو «الفرْد»، حسب تسمية الثور لدى الأمازيغ.
يشرف على تنظيم احتفالية «لوزيعة»، مجلس أعيان العرش «تاجمعت». والعرش هو العائلة الكبيرة الممتدة إلى جد واحد، وأحيانا يُشكل العرش قرية أو عدة قرى مجاورة. ولكل قرية أعيانها. لذا في وليمة «لوزيعة» يدعى إليها أعيان القرى المجاورة ليتشاركوا الطعام والفرح.
«يتوارث الأمازيغ سكان منطقة القبائل عادة (تيمشرط - لوزيعة) جيلاً بعد جيل»، كما قال سمير وهو مهندس برمجيات، وأحد أعراش تيزي أوزو لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «لوزيعة عادة مقدسة ورثناها عن الأجداد، وكل وليمة لوزيعة أذهب إلى قريتي في تيزي أوزو، لأحتفل مع أبناء عرشنا». وعن إضفاء القداسة على «لوزيعة»، قال: «(قدسيتها) لأنها تطبق المساواة بين جميع أفراد العرش في طقوس احتفالية تكافلية، تُبهج الجميع، وتُشيع السرور بينهم، وتنتهي فيها الخصومات بالتغافر، أي المسامحة».
قبل موعد «لوزيعة» يجمع مجلس وجهاء العرش «تاجمعت» الأموال من سكان القرية لشراء العجول المطلوبة لاحتفالية «تيمشرط»، كل حسب استطاعته، والفقير لا يدفع، ويتحمل الميسورون القسم الأكبر من ثمن الأضاحي، وتسمى أضحية تقرباً لله. والبعض يقدم بدل المال خروفاً أو كبشاً، فتباع الأغنام بالمزاد في ساحة القرية ثم يُضاف ثمنها إلى صندوق «لوزيعة» لشراء العجول. وقد فسر الحاج أمقران لـ«الشرق الأوسط»، سبب نحر العجول فقط في هذه الاحتفالية قائلاً: «لأن العجل فيه لحم أكثر وشحم أقل». وعن توزيع رؤوس العجول على السكان قال: «لا يقسم الـ(بوزلوف) يباع بالمزاد، ويشتريه من يدفع أكثر». وهي لحظة ينتظرها الجميع، تعطي للاحتفالية بهجة كبيرة، تجعل الجميع ينتظرون بشغف، بيع «البوزلوف» في المزاد العلني، لاستحالة تقسيمه على الجميع، يظفر به من يدفع أكثر، وتعود الأموال إلى صندوق «تاجمعت» لتمويل أعمال خيرية بالقرية، ومن يشتري البوزلوف يحتفظ بحصته في «لوزيعة».
بعد جمع المال تكلف «تاجمعت» مختصين لديهم خبرة بشراء العجول، وعند قدومهم مع العجول الأضاحي، يستقبلونهم بأهازيج الفرح حتى مكان نحر الأضاحي، حيث يفرشون مساحة واسعة بالنايلون ليضعوا عليها اللحم بعد تقطيعه وتقسيمه إلى حصص متساوية، من ثم يجتمع سكان القرية لإقامة الدعاء، يتقدمهم شيخ المسجد، يتضرعون إلى الله شاكرين نعمه راجين دوامها، ويدعوهم الشيخ إلى عمل الخير والتكافل والتضامن لتمتين أواصر المحبة والتعاون والتسامح فيما بينهم.
تكون «لوزيعة» مناسبة لزواج الفتيات والشبان. فالبنات في سن الزواج يخضبن أكفهن وأقدامهن بالحناء، ويلبسن أفضل ما لديهن من ملابس تقليدية قبائلية مطرزة، زاهية بألوانها، والمرأة سافرة الوجه تتزين بحلي فضية قبائلية من أطواق وأساور مرصعة بالأحجار الكريمة. وتجري احتفالية «لوزيعة» مختلطة ذكورا وإناثا من كل الأعمار والمستوى الاجتماعي. إنها فرصة للمصاهرة، فالنساء يراقبن البنات لاختيار الزوجة لأبنائهن الشباب في سن الزواج، حسب محاند الأربعيني، الذي اختار زوجته في هذا الحفل قبل عشرين عاماً، قائلاً: «البنت في بلاد القبائل لا تخرج من البيت. نحن مجتمع محافظ. وإن خرجت تكون مع أهلها. فتصبح وليمة (لوزيعة) فرصة لتراها النساء والشباب، إذا أعجبتهم يخطبونها».
يقول المؤرخ الدكتور محمد أرزقي فراد «إن (لوزيعة) عادة قديمة عند الأمازيغ قبل دخول الإسلام إلى شمال أفريقيا، واستمرت بعد الإسلام لأنه دين يحض على التكافل والتعاون والمحبة والتسامح فاحتضنها». وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أشار إلى البعد الإنساني لـ«لوزيعة» في التسامح وإنهاء الخصومات بين بعض أفراد العرش، فتعكس الوفاء لعادات الأجداد والتمسك بتعليمات الدين الحنيف، الذي يوصي بإعانة المحتاج، وإلى التآخي والتسامح بين الأفراد، وبهذا المعنى «لوزيعة» تتجاوز توزيع اللحم على الجميع بالتساوي لتشمل الجانب المعنوي، ويعتبر بقاؤها ضرورة اجتماعية لتعزيز الروابط والصلات بين جميع أفراد العرش، فضلاً عن قيم التكافل والتآزر بينهم، بعيداً عن كل الأحقاد وما شابهها من ممارسات قد تهدد تماسك كيان المجتمع أو تضع استقراره على المحك. ويضيف المؤرخ: «لذا نجد أن الأجداد على الرغم من عدم تلقيهم التعليم الكافي فإن فهمهم الجيد لسنة الحياة جعلهم يرفضون التنازل عن مثل هذه العادة التي اتخذوها وسيلة للصلح والتسامح بين الجميع، وفرصة لنسيان الأحقاد بين المتخاصمين، وهي الميزة التي ما زالت قائمة إلى يومنا هذا، إذ يحاول أعيان قرى منطقة القبائل جعل الاحتفالية للمصالحة بين الأطراف المتخاصمة ولنسيان الأحقاد تحت لواء الأخوة، قناعة منهم بأن ذلك لا يخدم الصالح العام بقدر ما يهدده، خصوصاً في الوقت الحالي الذي يبقى كل فرد بحاجة إلى أخيه لمواجهة الصعوبات مجتمعين».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.