«جسر التفّاحة»... بوح الضحايا في سجن أبو غريب

رواية تضم شخصيات من مختلف أطياف الشعب العراقي

«جسر التفّاحة»... بوح الضحايا في سجن أبو غريب
TT

«جسر التفّاحة»... بوح الضحايا في سجن أبو غريب

«جسر التفّاحة»... بوح الضحايا في سجن أبو غريب

صدرت عن دار «الآن» بعمّان رواية «جسر التفّاحة» للروائي العراقي عوّاد علي، الذي عرفناه باحثاً وناقداً مسرحياً منذ ثمانينات القرن الماضي، لكن هاجسه السردي لم يظلَّ خامداً تحت الرماد، فأصدر عام 2008 «حليب المارينز» وتبعها بثلاث روايات أخرى، وهي: «نخلة الواشنطنيا» و«حماقة ماركيز» و«أبناء الماء»، قبل أن يصدر روايته الخامسة التي تنفرد بشكلها الجديد القائم على فن المدونات، ومضمونها الجريء الذي يرتكز على الجرائم الفظيعة التي ارتكبها الجيش الأميركي في سجن «أبو غْرَيب» بعد احتلال العراق عام 2003 بحجة إسقاط الديكتاتورية، ونشر الديمقراطية، والدفاع عن «حقوق الإنسان»! والثيمة الرئيسية في الرواية قائمة على انتهاك حقوق الإنسان العراقي، ومسخ كرامته، وإذلاله جنسياً، وهي بذلك تعرّي المسكوت عنه، وتكشفه بألسنة الضحايا الأبرياء الذين لم يقترفوا ذنْباً يستحق هذا العقاب الأخلاقي المشين الذي يصيب الإنسان بجرح لا يندمل مدى الحياة.
تحتشد الرواية بعدد كبير من الشخصيات والأحداث تغطي حقبة الاحتلال الأميركي للعراق، وتمتد حتى النصف الثاني من عام 2017. لكن بعض أحداث النص تعود إلى أوائل الأربعينات من القرن الماضي عبر تقنية الاستعادة الذهنية. ولعل أبرز الشخصيات الرئيسة هو الأب نوّاف، الخضّار الذي يقتل وهو يقاتل الجيش الأميركي في معركة الفلوجة الأولى في أبريل (نيسان) 2004، ويظل حاضراً في أحلام اليقظة والمنام لابنه، سارد الرواية وكاتب مدوناتها الثلاث وأربعين مدوّنة. لا يحمل البطل الرئيس في الرواية اسماً محدداً، وقد ظل مجهولاً على مدار النص الروائي، الأمر الذي وسّع من دلالته الرمزية ليشمل كل الضحايا الذين زُج بهم في سجن أو غريب وتعرضوا لمختلف أنواع التعذيب مثل الصعق بالعصي الكهربائية، واستعمال الموسيقى الصاخبة، وإجبارهم على النباح، وارتداء الملابس الداخلية النسائية، وإكراههم على ممارسة الأفعال الشاذة.
تشكِّل الكتابة نوعاً من تفريج الهموم التي تراكمت على الراوي، وربما كان لوجود النساء الأربع في حياته المبكرة دور في إنعاش المدونات وعامل إغراء فيها يخفّف من فاجعية الأحداث وقسوتها على المتلقي، وأولى هذه النساء هي «ندى الفجر» أو «نجوى» قبل أن يزوّجوها إلى ابن عمّها، ونهلة التي أوشكت أن تورطه بما لا يُحمد عقباه فهرب منها إلى غير رجعة، وهنادي، المرأة المُهجّنة التي تنحدر من أب سوداني وأم عراقية، والرابعة هي الخلاسية باولينا التي تعرّف إليها عن طريق صديق طفولته ميخائيل إلياس الذي جاء من أميركا صحبة خطيبته روزلين، ومكثا بعض الوقت في أربيل.
والرواي هو أنموذج للشخصية المثقفة التي تفتّح ذهنها على أيدي المدرّسين الذين أحبهم مثل الأستاذ أصلان البياتي، مدرس اللغة العربية الذي يحفّزه على قراءة روايات كُتاب الواقعية السحرية، والأدب الروسي، ويناقشه في قراءته التأويلية المشاكِسة لملحمة «جلجامش»، والأستاذ هيثم الدليمي، مدرس التاريخ الذي يحثّه على التفريق بين الأخبار والوقائع الصحيحة والمختلَقة، ويحرِّضه على إعمال العقل والاحتكام إليه.
وعلى الرغم من النجاحات التي يحققها الراوي على الأصعدة الثقافية والاجتماعية والعاطفية، إلاّ أنّ هناك شيئين أساسيتين لم يفلح في طمسهما، الأول حادثة اغتصابه في سجن أبو غريب، والثانية وقع كلمة «نازح» التي تُثير فيه الإحساس بالمذلّة، والشعور بالهوان. ولهذا يقرر الهجرة إلى خارج العراق، ويستقر به المقام في مدينة هانوفر، ليجد صديقه إبراهيم الذي أغتُصب في «أبو غْريب» أيضاً قد سبقه إلى مدينة نورنبيرغ، وعمل فيها مهندساً زراعياً، قبل أن ينتقل إلى مدينة نيس الفرنسية، ويقفل راجعاً بعد مدة من الزمن.
مثلما اتسع فضاء الرواية الجغرافي في العراق وشمل الفلوجة والأنبار وكركوك ونينوى وأربيل، فإنه يتسع عالمياً ليشمل تركيا وألمانيا وفرنسا وأميركا، فهي رواية شخصيات وأحداث وأمكنة بامتياز. ويكفي أن نتتبع حركة البطل المأزوم نفسياً وهو يتنقل بين عدة بلدان أوروبية لنكتشف من خلالها مدناً كثيرة، مثل هانوفر ونيس ونورنبيرغ وإزمير، التي خففت من وطأة مأساته الشخصية وفسحت له المجال كي يندمج ثانية في المجتمع، ويتأهل من جديد لحياة طبيعية حافلة بالمغامرات العاطفية العابرة، كما حدث له مع مليكة الفرنسية القادمة من شمال أفريقيا. ولعل أهمية هذا اللقاء أنه يكشف طبيعة هذه الشخصية المزدوجة. وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى شخصية شارلوت، العجوز الألمانية التي تكبر الراوي بثلاثة عقود.
أما لقاؤه بـ«بردى» فيشكل الانعطافة الثانية في الرواية، حينما نكتشف أنها مُغتصبة من قِبل اثنين من «الشبّيحة» عقب استشهاد والدها في معركة حلب، فكلاهما ضحية لجريمة واحدة لكنهما تجاوزاها بمواصلة الحياة والانغماس في العمل. وكانت مفاجأة بردى له لمناسبة حفل الزفاف أنها وجدت له عملاً في مكتبة أنجليكا شنايدر، وهي سيدة ألمانية ذات ميول يسارية، ومتعاطفة مع ضحايا الإرهاب والحروب، ومناوئة للتوجهات الأميركية في العراق. أما مفاجأة السيدة شنايدر التي أحبّت الضحيتين معاً، وضمنت لهما عملاً في المكتبة فقد حجزت لهما جناحاً في فندق لمدة أسبوع، وتمنت له والدته عبر «السكايب» أن يرزقه الله ولداً يسمّيه «نوّاف» تيمناً باسم والده الذي قاتل الغزاة ومات عند مشارف الفلوجة ولم يعثروا على جثته؛ التي يعتقد عامة الناس أن القطعات الأميركية قد ذوّبت جثث المقاومين بمواد كيمياوية.
دأب عوّاد، كما في رواية «أبناء الماء»، على الزجّ بشخصيات تنتمي إلى مختلف أطياف الشعب العراقي، ففيها العربي والكردي والتركماني، المسلم والمسيحي، والصابئي والإيزيدي والشبكي والكلدوآشوري وسواها من المكونات العراقية الصغيرة، بل ويتعداها إلى ديانات ومذاهب أخرى مثل ديانة «الويكا» التي تنتمي إليها «تانيا» صديقة المدوِّن الآخر صفوان كامل الذي اقترح على الراوي أن يشترك معه في كتابة عمل روائي، لكن هذا الأخير اعتذر وتمنى عليه أن ينجز عمله من منظوره الخاص.



كيف تحوّل روتينك اليومي إلى مصدر «للفرح والرضا»؟

كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)
كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)
TT

كيف تحوّل روتينك اليومي إلى مصدر «للفرح والرضا»؟

كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)
كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)

يعتقد البعض أنه عليه الذهاب في إجازة باهظة، أو على الأقل الانتظار حتى انتهاء أسبوع العمل، للشعور بالسعادة والرضا الحقيقيين في الحياة. في الواقع، يمكنك أن تجد الفرح في روتينك اليومي، كما تقول المؤلفة وخبيرة اتخاذ القرارات السلوكية كاسي هولمز، بحسب تقرير لشبكة «سي إن بي سي».

وفقاً لمسح حديث أجري على ألفين من سكان الولايات المتحدة، يمر واحد من كل أربعة أميركيين بنوبات من الملل مع روتينه. لمكافحة ذلك، تقول هولمز لنفسها عبارة بسيطة في اللحظات التي تدرك فيها أنها غير مهتمة: «احسب الوقت المتبقي».

على سبيل المثال، كانت هولمز تأخذ ابنتها في مواعيد لشرب الشاي منذ أن كانت في الرابعة من عمرها. بعد خمس سنوات، يمكن أن تبدو جلسات التسكع وكأنها مهمة روتينية.

قالت هولمز: «الآن أصبحت في التاسعة من عمرها، لذلك ذهبنا في الكثير من المواعيد في الماضي... لكن بعد ذلك، فكرت، (حسناً، كم عدد المواعيد المتبقية لنا)؟».

بدلاً من الانزعاج من النزهات المتكررة، بدأت في حساب عدد الفرص المتبقية لها للاستمتاع قبل أن تكبر ابنتها وتنتهي أوقات الترابط هذه.

أوضحت هولمز، التي تبحث في الوقت والسعادة «في غضون عامين فقط، سترغب في الذهاب إلى المقهى مع أصدقائها بدلاً مني. لذا سيصبح الأمر أقل تكراراً. ثم ستذهب إلى الكلية... ستنتقل للعيش في مدينة أخرى».

ساعدها حساب الوقت المتبقي لها في العثور على «الفرح والرضا» في المهام الروتينية.

«الوقت هو المورد الأكثر قيمة»

إلى جانب مساعدتك في العثور على السعادة، قالت هولمز إن التمرين السريع يدفعها إلى إيلاء اهتمام أكبر لكيفية قضاء وقتها. لم تعد تستخف بالنزهات مع ابنتها -بدلاً من ذلك، تسعى إلى خلق المحادثات والتواصل الفعال، وهو أمر أكثر أهمية.

من الأهمية بمكان ما أن تفعل الشيء نفسه إذا كنت تريد تجنب الشعور بالندم في المستقبل، وفقاً لعالم النفس مايكل جيرفيس.

وشرح جيرفيس لـ«سي إن بي سي»: «الوقت هو المورد الأكثر قيمة لدينا... في روتين الحياة اليومي، من السهل أن تخرج عن التوافق مع ما هو الأكثر أهمية بالنسبة لك. لكن العيش مع إدراكنا لفنائنا يغير بشكل أساسي ما نقدره وكيف نختار استخدام وقتنا».

وأضاف: «إن تبنّي حقيقة أننا لن نعيش إلى الأبد يجعل قيمنا في بؤرة التركيز الحادة. بمجرد إدراكك أن الوقت هو أغلى السلع على الإطلاق، فلن يكون هناك انقطاع بين الخيارات التي تريد اتخاذها وتلك التي تتخذها بالفعل».