رحيل سعيد صالح.. {فتى} الضحك المشاكس

صاحب عبارة «مرسي الزناتي اتهزم يا رجاله» وأكثر من 500 عمل فني

صالح في مسرحية «العيال كبرت»
صالح في مسرحية «العيال كبرت»
TT

رحيل سعيد صالح.. {فتى} الضحك المشاكس

صالح في مسرحية «العيال كبرت»
صالح في مسرحية «العيال كبرت»

أضحك سعيد صالح جماهيره من المصريين والعرب في معظم أعماله المسرحية والسينمائية والتلفزيونية، وغيبه الموت ظهر أمس عشية يوم مولده بمستشفى المعادي للقوات المسلحة (جنوب القاهرة) عن عمر يناهز 76 عاما تاركا في عيونهم دمعة تشبه الضحك إلى حد البكاء. وشيعت جنازته أمس إلى مثواه الأخير من مسقط رأسه بمركز أشمون بمحافظة المنوفية، وسط أهله وأسرته، وعدد محدود من الفنانين والصحافيين والإعلاميين.
عانى نجم الكوميديا سعيد صالح في أيامه الأخيرة من تدهور حاد في صحته، وأدخل مستشفى المعادي العسكري منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، إثر تعرضه لقرحة في المعدة وخضع لعملية نقل دم لمواجهة الأنيميا وظل في المستشفى قرابة الأسبوعين. ومع تفاقم حالته نقل إلى المستشفى نفسه ودخل في غيبوبة ولم يفق منها خلال يومين سوى مرة واحدة فقط. وأكد الأطباء أنه لم يكن من المفترض أن يغادر المستشفى الفترة الماضية لكنه أصر على استكمال علاجه بالمنزل، على أن يقوم بالذهاب للمستشفى دوريا ولكن مع تدهور الحالة كان يجب أن ينقل فورا للمستشفى.
وقبل نحو شهر عاشت أسرة الفنان الراحل معاناة اجتماعية بعد حريق شب في شقته بحي الدقي.. نجم عنه أزمة شديدة بين ابنة الفنان وزوجته شيماء فرغلي، بعدما قامت شيماء بالظهور في الفضائيات تطالب بمساعدة الفنان القدير وهو ما رفضته ابنته واعتبرته إهانة كبيرة لتاريخ والدها وأكدت أن زوجته تمنع العائلة عن زيارة والدها أو مساعدته. وناشدت ابنته نقابة الممثلين بالتدخل.. قائلة: «لا أبحث عن دعم مادي ونريد متابعة حالته الصحية.. والفنان (مابيتشحتش عليه)».
ولد سعيد صالح بمحافظة المنوفية في 31 يوليو (تموز) 1938، وحصل ‏على ليسانس الآداب من جامعة القاهرة عام 1960، وكانت بدايته في عالم الفن على يد الممثل حسن يوسف الذي اكتشفه وقدمه إلى المسرح. لكنه سرعان ما لفت الأنظار إليه بقوة في ‏أولى مسرحياته (هالّو شلبي) مع نجم الكوميديا الكبير عبد المنعم مدبولي، وصك صالح على عتباتها واحدة من «إفيهاته» الشهيرة، في عبارة «أستك منه فيه»، التي أصبحت «لازمة» فنية، يلخص بها مفارقات الحياة والصراع الكوميدي في النص.
بيد أن الظهور الأكبر والانتشار الأوسع لسعيد صالح كان من خلال المسرحية الأشهر في تاريخ المسرح في مصر «مدرسة المشاغبين» التي حققت نجاحا كاسحا على مدار ست سنوات متواصلة ظلت تعرض خلالها.
ويعتبر كثير من النقاد هذه المسرحية بداية روح جديدة في الكوميديا المصرية، حيث نقلت فن الضحك من الإطار العاطفي الشخصي والأسري الضيق، إلى فضاء أوسع، تشتبك فيه الكوميديا مع قضايا المجتمع، وتعريها من خلال مفارقاتها الساخرة. كما سلطت هذه المسرحية الضوء على جيل جديد، أضاف إلى الكوميديا والفن بشكل عام، كان على رأسه سعيد صالح وعادل إمام، والراحلان يونس شلبي وأحمد زكي.. ولا تزال عالقة في أذهان الجمهور عبارة صالح الشهيرة في تلك المسرحية «مرسي الزناتي اتهزم يا رجاله» وكأنها قناع فني يجدد نفسه في منعطفات الواقع، بكل تعقيداته وضغوطه السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
بعدها واصل سعيد نجاحه بمسرحية «العيال كبرت» مع طاقم عمل أغلبه من «مدرسة المشاغبين». ويعتقد الكثيرون أنها فاقت نجاح سابقتها. وطيلة حياته سعى سعيد صالح، إلى أن ينوع في أدواره سواء في المسرح أو السينما، أو الدراما التلفزيونية، وأن يخلق لها نوافذ فنية جديدة، فمارس الغناء والتلحين في بعض المسرحيات، وكتب الشعر بالعامية المصرية، وعرف عنه حبه للثقافة والمعرفة، وكان صديقا لعدد كبير من الشعراء والكتاب.
ولم تغب نزعة التمرد والمشاكسة عن شخصية نجم الكوميديا الراحل، فتمرد على النص المكتوب، وخرج عليه بشكل سافر على خشبة المسرح، وبسبب هذا الخروج دخل السجن، حين وقف على خشبة المسرح مخاطبا الجمهور في مسرحية «كلام حبيبي» قائلا: «أمي أتجوزت 3 مرات.. الأول وكلنا المش، والتاني علمنا الغش، والتالت لا بيهش ولا بينش» في إشارة رمزية إلى رؤساء الجمهورية الثلاثة (عبد الناصر والسادات ومبارك) الذين تناوبوا على حكم مصر، فحكم عليه بالسجن ستة أشهر، وعاد للسجن مرة أخرى في عام 1991، حيث ألقي القبض عليه بسبب تدخين (الحشيش) كما أعلن وقتها ثم أُفرج عنه لعدم كفاية الأدلة. ثم ما لبث أن دخله مرة ثالثة، للسبب نفسه، في 1996، لكنه أُفرج عنه بعد بضعة أشهر.
يعلق صالح على هذه التجربة في أحد حواراته الصحافية قائلا: «حقيقة أنا فخور بهذا الحبس، لأن هذه التجربة كانت من أجمل سنوات حياتي، فقد قابلت فيها شخصيات رائعة، منهم عم يوسف وهو رجل دين بحق، وأنصح كل من يفترون باسم الدين أن يتعلموا منه، فهو الذي علمني الصلاة، وقال لي: (لو عاوز تكلم ربنا صلي ولو عاوزه يكلمك أحفظ القرآن)، وبالفعل حفظت ثلثي القرآن».
واعترف صالح بأنه كان يتعاطى المخدرات في الماضي؛ لكنه «تاب» الآن، مبديا ندمه على ذلك، وذكر أنه حج بيت الله الحرام أكثر من مرة منذ أن خرج من السجن.
شارك سعيد صالح في أكثر من 500 فيلم ومسرحية وفيديو. ويعد من أكثر الفنانين عطاء طيلة مشوارهم الفني، ومن أشهر الأعمال التي قدمها في التلفزيون مسلسل «السقوط في بئر سبع»، كما شارك في مسلسلات «المصراوية»، «آن الأوان»، «رجل بلا ماضي»، «البراري والحامول»، «المارد»، «العبقري»، «عودة الروح»، «أشجان»، «هارب من الأيام»، «عودة الروح».
كما شارك رفيق عمره الفنان عادل إمام في عدد من الأفلام السينمائية المهمة منها: «أمير الظلام» و«زهايمر» و«الجردل والكنة» و«سلام يا صاحبي».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.