الجزائر: «كتلة الموالاة» تمارس ضغطاً سياسياً للتمديد لبوتفليقة

TT

الجزائر: «كتلة الموالاة» تمارس ضغطاً سياسياً للتمديد لبوتفليقة

أعطى معاذ بوشارب، الزعيم الجديد لحزب الغالبية في الجزائر، مؤشرات تفيد بأن الرئيس يعتزم الترشح لولاية خامسة في الانتخابات الرئاسية المتوقعة في أبريل (نيسان) المقبل.
وكانت صحيفة «المجاهد»، المقربة من الرئاسة قد كتبت في افتتاحية أول من أمس، أن «عدم إعلان الرئيس رغبته في الترشح يعود لكون الموعد لا يزال مبكراً».
وقال بوشارب «منسق» حزب «جبهة التحرير الوطني»، أمس في العاصمة خلال أشغال مؤتمر حزب «تجمع أمل الجزائر»، الموالي للرئيس، إن بوتفليقة «لن يدخر جهداً لإسعاد الجزائريين، فقد ابتلي بحب الجزائر، وهو يؤمن بأن الحياة عطاء، وقد شرف مساره النضالي»، مضيفاً أن «مؤسسات الجمهورية لن تتزعزع تحت ظل الرئيس... وبوتفليقة سيواصل تنفيذ برنامجه عن قناعة. فبفضله التأمت الجراح وزالت الأحزان»، وكان يقصد بذلك ما خلفته فترة الصراع مع موجة الإرهاب التي ضربت الجزائر في تسعينات القرن الماضي.
وتابع بوشارب موضحاً أن سياسة المصالحة التي اعتمدها الرئيس عام 2005 «كانت بمثابة دعاء سيدنا إبراهيم (رب اجعل هذا البلد آمناً)». وفهم من تابعوا هذا الكلام داخل قاعة فسيحة غصت بالمندوبين للمؤتمر بأن الرئيس سيمدد حكمه، وأنه لن ينتظر أي تغيير على الأوضاع، خصوصاً أن من أطلق هذه التصريحات قيادي على رأس حزب يرأسه بوتفليقة نفسه.
وحضر بداية أشغال مؤتمر الحزب، الذي يقوده وزير الأشغال العمومية سابقاً عمر غول، عناصر «كتلة الموالاة» الكبيرة، التي تتكون من أحزاب «التحالف الرئاسي»، أهمها حزب رئيس الوزراء أحمد أويحيى الذي كان موجوداً في القاعة، وعدد كبير من الوزراء الحاليين والسابقين، ما ترك انطباعاً بأن الجميع جاء ليناشد بوتفليقة الترشح لولاية خامسة.
يشار إلى أن غول استخلف نفسه، بموجب تأييد واسع لترشحه لولاية جديدة، من دون أن ينافسه أحد على موقع القيادة. وبدا المؤتمر، الذي يدوم 3 أيام، بمثابة حفل كبير للموالين للرئيس، تجمعوا لسبب واحد هو تجديد الولاء لبوتفليقة.
من جهته، دعا محجوب بدة، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، والقيادي البارز في «جبهة التحرير»، أمس، الرئيس، إلى «إكمال مسيرة البناء التي بدأها قبل 19 سنة»، وكان يقصد بذلك دعوته الترشح من جديد. وترأس أمس بسطيف (شرق) اجتماعاً لعشرات البرلمانيين السابقين، يدعمون كلهم فكرة «التمديد».
من جهته، صرح صديق شهاب، المتحدث باسم «التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي يقوده أويحيى، للصحافة أمس، بأن مقترح تأجيل رئاسية 2019، عاماً، الذي روج له الحزب الإسلامي (حركة مجتمع السلم)، «لا مبرر له». ودافع عما يسمى «الاستمرارية» التي تعني، حسبما قال، «مواصلة تجسيد الإصلاحات العميقة والشاملة، التي بدأها الرئيس منذ سنين طويلة».
وعندما سئل شهاب عن حالة الرئيس الصحية، التي تمنعه بحسب مراقبين من الاستمرار في الحكم، خصوصاً أنه على كرسي متحرك منذ أكثر من 5 سنوات، أجاب: «يعلم الجزائريون، والأمر ليس سراً، أن صحة الرئيس ليست كما كانت في السابق، وهو نفسه قال إنه يقاوم الظروف العصيبة التي يمر بها بكرامة وعزة نفس».
ونشرت صحيفة «المجاهد» الحكومية، رداً على دعوة «مجتمع السلم» إلى تأجيل الانتخابات، بأن «عهدة الرئيس تنتهي في أبريل المقبل، وقد ناشدته أكبر الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات أرباب العمل والمجتمع المدني مواصلة مهمته». وقالت أيضاً إنه «إذا كان الرئيس لم يقدم جواباً (بشأن مسألة تمديد حكمه)، فهذا من دون شك لأنه يقدر بأن الوقت لا يزال مبكراً. غير أن الرئيس لا يمكن أن يتغافل عن كون الانتخابات المقبلة تتعلق بسيادة الشعب، التي ينبغي احترامها، وبالتالي فإن الصندوق وحده هو من سيحسم نتيجة الاستحقاق التعددي».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم