في بداية موسم الأمطار من كل عام، خلال الفترة ما بين نوفمبر (تشرين الثاني) أبريل (نيسان) تحدث معجزة في عالم الطبيعة على جزيرة نائية صغيرة الحجم في المحيط الهندي، ألا وهي جزيرة «كريسماس».
ويتدفق طوفان قرمزي اللون من سرطانات البحر الحمراء من فصيلة «جيكاركويديا ناتاليس» التي تقدر أعدادها بالملايين عبر تلك الجزيرة الصخرية التي تقع على بعد 350 كيلومترا جنوب جزيرة جاوا الإندونيسية وتبعد نحو 1500 كيلومتر من شواطئ أستراليا، مما يؤدي إلى إغلاق الشواطئ والطرقات، استعدادا لحدوث مشهد رائع يتكرر مرة واحدة كل عام.
ومع ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة نسبة الرطوبة والأمطار، تشق سرطانات البحر طريقها في مسيرة طويلة من الغابة إلى الشاطئ من أجل التزاوج ووضع البيض.
ويقول بيتر جرين رئيس قسم علوم البيئة بجامعة لا تروب في مدينة ملبورن الأسترالية إن «الأمر المثير للاهتمام هو أن سرطانات البحر الحمراء تتدفق بأعداد هائلة، بحيث تسيطر على سائر ديناميكيات الجزيرة وأنظمتها البيئية».
ولا تعيش تلك السرطانات التي لا يزيد حجمها عن 116 ملليمترا سوى على جزيرة كريسماس وجزيرة كوكوس المجاورة لها. ويقدر تعداد تلك الكائنات البحرية ذات العشر أرجل بنحو 45 إلى 80 مليون سرطان، حسبما يقول باحثون ومسؤولو المتنزهات على الجزيرة التي تبلغ مساحتها 135 كيلومترا مربعا ويصل تعدادها السكاني إلى 1350 نسمة.
وتمثل ثلثا مساحة الجزيرة محمية طبيعية تغطيها غابة مطيرة كثيفة الأشجار، وهي في الواقع جزيرة أسترالية تشتهر بأنشطة تعدين الفوسفات.
ولم يتوصل العلماء بالتحديد إلى الطريقة التي تعرف بها سرطانات البحر موعد تحركها، سوى أنه عندما تبدأ الأمطار في الانهمار، حيث إن بضع قطرات من الأمطار لن تكون كافية، كما يتعين أن تكون التربة رطبة بما يكفي.
ويرى جرين أن هجرة سرطانات البحر تعتمد بشكل كامل على غريزتها.
وأوضح قائلا إن «الطريقة التي تبدأ فيها سرطانات البحر الهجرة بشكل منسق هي نفس الطريقة التي تتحرك بها فصائل حيوانية نحو هدف موحد بغرض الوصول إلى نتيجة مشتركة عبر التاريخ».
وتقود الهجرة الذكور البالغة كبيرة السن.
ويقول روب مولر كبير حراس المتنزه الوطني على جزيرة كريسماس إن «سرطانات البحر تستطيع استشعار التوقيت في الشهر، وهي تسعى إلى الوصول إلى الشاطئ قبل أسبوعين من تاريخ وضع البيض، وهو التاريخ الذي تحدده عملية المد والجزر حسب وضعية القمر في السماء».
وأضاف: «إنها تقطع هذه الرحلة منذ ملايين السنين وقد أتقنت خطواتها».
وعادة ما تسير السرطانات خلال النهار وتتوقف ليلا، وهي تتحرك ببطء ولكن بخطوات ثابتة وتقطع نحو كيلومتر ونصف يوميا. وربما يبلغ طول المسافة عند أطول نقطة ما بين الغابة والشاطئ ما بين خمسة إلى سبعة كيلومترات. وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية أنه من أجل تسهيل رحلة الهجرة بالنسبة للسرطانات، أقام حراس المتنزه سياجا بطول خمسة كيلومترا على طول الطريق، كما شيدوا أنفاقا صغيرة وجسرا لحمايتها من حركة السيارات.
وعندما تصل سرطانات البحر إلى المدينة، فإن حركة الحياة تتباطأ، حسبما يقول أحد السكان المحليين. ويقول جاهنا لوك مدير التسويق السياحي في جزيرة كريسماس إنه ما أن تصل السرطانات إلى ساحة التزاوج بعد مسيرتها الطويلة، فإنها تغتسل أولا في مياه البحر المالحة.
{سرطانات البحر} الحمراء تظهر مجدداً في جزيرة كريسماس
{سرطانات البحر} الحمراء تظهر مجدداً في جزيرة كريسماس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة