إسرائيل تحاصر رام الله وتشن حملات دهم وتوقيفات... و«حماس» و«فتح» تتوعدانها بالتصعيد

قتْل جنديين إسرائيليين وجرح آخرَين قابلته تصفيات طالت 4 فلسطينيين شنوا عمليات ضد الاحتلال

TT

إسرائيل تحاصر رام الله وتشن حملات دهم وتوقيفات... و«حماس» و«فتح» تتوعدانها بالتصعيد

فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على مدينة رام الله في الضفة الغربية، حيث معقل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومقار السلطة، ومنعت أي فلسطيني من الدخول إلى المدينة أو مغادرتها، في إجراء غير مسبوق منذ حصار الرئيس الراحل ياسر عرفات عام 2002، وذلك بعد تنفيذ فلسطيني عملية قرب المدينة أدت إلى مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين.
ودفعت إسرائيل بتعزيزات إلى الضفة الغربية، أمس، مع تصاعد العمليات الفلسطينية، متوعدة بملاحقة المنفذين، وذلك بعد ساعات من قتلها 3 فلسطينيين، بينهم متهمان بتنفيذ عمليتين قرب مستوطنة عوفرا وفي المنطقة الصناعية بركان. وقتل فلسطيني رابع في ظل تدهور مستمر.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان، أنه يجري عمليات تدقيق شاملة في رام الله وبقية الضفة الغربية للبحث عن منفذي عملية قرب مستوطنة عوفرا الأسبوع الماضي.
وأغلقت إسرائيل حاجز بيت إيل المدخل الشمالي لمدينة البيرة، ومفترق عين سينيا ومفارق قلنديا وعطارة وحلميش، وطريق الكسارات وبوابة سلواد وعين يبرود وجبع.
وجاءت التطورات المتلاحقة بعدما هاجم فلسطيني مجموعة من الجنود قرب مستوطنة عوفرا القريبة من رام الله فقتل اثنين وجرح جندياً ثالثاً ومستوطناً كان في المكان. وقال الجيش: إن فلسطينياً مسلحاً أطلق النار على الجنود من سيارته، ثم ترجل من سيارته وأجهز عليهم قبل أن ينسحب من المكان.
وأكد مدير خدمة الإسعاف الإسرائيلية، أن فلسطينياً أطلق الرصاص على أربعة جنود اسرائيليين فقتل اثنين وأصاب الآخرين، وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أن المسلح أصيب برصاصات أطلقها عابر كان يحمل سلاحاً. وحدثت الواقعة قرب مستوطنة عوفرا اليهودية التي شهدت عملية مماثلة الأحد الماضي وأصيب خلالها 7 مستوطنين.
ووفقاً للناطق باسم الجيش الإسرائيلي، فإن منفذ العملية شخص واحد كان يقود سيارة نزل منها وأطلق النار تجاه جنود ومستوطنين في المكان. وأدى الهجوم الجديد إلى اغتباط فلسطيني كبير وردود فعل غاضبة في إسرائيل.
واعتبرت العملية الجديد صفعة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي أشاد، «بالعمليات النوعية» التي قتل فيها صلاح البرغوثي وأشرف نعالوة، متباهياً بأن «ذراع إسرائيل الطويلة، ستصل إلى كل من يمس بمواطنيها». وأعلن الجيش أنه قتل البرغوثي (29 عاماً) المتحدر من قرية كوبر غرب رام الله بعد عملية نفذتها وحدات خاصة إسرائيلية لاعتقال منفذي عملية عوفرا.
وأقدم «مستعربون» يستقلون مركبة تجارية قديمة من نوع «مرسيدس» على إغلاق الطريق أمام البرغوثي، وقتلوه. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية: إن المستعربين من وحدة «يمام» هم من نفذوا عملية إطلاق النار على البرغوثي. وقتلت إسرائيل البرغوثي قبل أن تقتل أشرف نعالوة (23 عاماً) في مخيم عسكر الجديد شرق مدينة نابلس.
وقتل نعالوة بعد اشتباك قصير بعدما رفض تسليم نفسه.
ونعت حركتا «فتح» و«حماس» وباقي الفصائل البرغوثي ونعالوة كأبطال على طريق التحرير. وتوعدت «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» جيش الاحتلال في الضفة الغربية، وقالت في بيان مقتضب: «لا يزال في جعبتنا الكثير مما يسوء العدو ويربك كل حساباته». وأضافت: «جمر الضفة تحت الرماد سيحرق المحتل ويذيقه بأس رجالها من حيث لا يتوقع». وتبنت «كتائب القسام» الشهيدين البرغوثي ونعالوة. وقالت الكتائب في بيان: «إن كتائب الشهيد عز الدين القسام تزف بكل الفخر والاعتزاز إلى العلا شهيديها المجاهدين: صالح عمر البرغوثي سليل عائلة البرغوثي المجاهدة، وبطل عملية عوفرا التي أوقعت 11 إصابة في صفوف المحتلين، وأشرف وليد نعالوة بطل عملية بركان التي قُتل فيها صهيونيان وأصيب آخر بجراحٍ والذي دوخ قوات الاحتلال وأجهزتها الأمنية على مدار شهرين من المطاردة».
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل حمدان العارضة (60 عاماً)، وهو من عرابة قضاء جنين. وأكد الجيش الإسرائيلي مقتله، وقال في بيان له، إنه حاول دهس مجموعة من الجنود في مدينة البيرة القريبة من رام الله، وأطلق عليه الجنود الرصاص؛ ما أدى إلى مقتله.
كذلك قتل الإسرائيليون الشاب الفلسطيني مجد جمال مطير (26 عاماً) بإطلاق النار عليه في شارع الواد بالبلدة القديمة من القدس المحتلة، معلنة أنه طعن جنديين من حرس الحدود الإسرائيلي.
وأكدت «كتائب القسام» أن المقاومة ستظل حاضرة على امتداد خريطة الوطن، ولا يزال في جعبتها الكثير مما يسوء الاحتلال ويربك كل حساباته. وتعهدت «القسام» الاحتلال بأن «لا يحلم بالأمن والأمان والاستقرار في الضفة.
وفي محاولات لتصعيد المواجهة، دعت «حماس» و«فتح» إلى النفير العام في الضفة الغربية، اليوم (الجمعة). وقالت «حماس»: إنه يجب التصعيد في جمعة الغضب «انتصاراً لدماء الشهداء»، داعية إلى التوجه إلى نقاط التماس كافة مع الاحتلال.
وأعلنت «حماس»، أن الالتحام مع الاحتلال ومستوطنيه، سيكون في مختلف المناطق بالضفة، مؤكدة على أن المشاركة الفاعلة لإيصال رسالة للاحتلال، بأن شعبنا لم ولن ينسى الشهداء، وسيقف متحداً خلف المقاومة وخيارها. وقالت «حماس»: إن حالة المواجهة والمقاومة في الضفة، فرصة لإفشال المؤامرات التي تحاك لشعبنا وقضيتنا.
كما دعت حركة «فتح» جماهير الفلسطينيين إلى تصعيد المواجهة اليوم في كل الضفة «وفاءً للشهداء واستمراراً نحو تحقيق أهدافنا». وزفت الحركة الشهداء الذين ارتقوا برصاص الاحتلال فجر أمس في معركة الدفاع المستمرة عن حقوق شعبنا، محذرة في بيان «جيش الاحتلال ومستوطنيه من استمرارهم في مسلسل القتل والاعتداءات التي لن تزيد شعبنا إلا إصراراً وثباتاً واستمراراً في المواجهة». وقالت «فتح»: «إن التصعيد المستمر للاحتلال وعصابات مستوطنيه والاعتداءات المستمرة على قرانا وبلداتنا ومدننا ومخيماتنا وبلطجة المستوطنين ضد مواطنينا الآمنين لن يجلب لهم لا أمناً ولا استقراراً، وأن استهداف شعبنا في كل المحافظات عبر تصعيد الاعتداءات والتصفية والاعتقالات وآخرها التهديد والتحريض على قتل الرئيس محمود عباس، لاقت الرد الفلسطيني الذي يؤكد أننا لن نرحل من أرضنا ولن تسقط لنا راية، وسيستمر شعبنا بالنضال والمقاومة حتى رحيل المحتل ومستوطنوه من أراضينا».
ودعت «فتح» الفلسطينيين كافة «إلى اليقظة التامة وتصعيد المواجهة وتفعيل لجان الحراسة للدفاع عن قرانا في كل شبر من أرضنا»، كما دعت إلى وحدة الموقف والتذكير بأن التناقض الرئيسي والمركزي مع الاحتلال ومستوطنيه، فلتتوحد الجهود ولتتكاتف السواعد من أجل حماية أبناء شعبنا، داعية شعبنا للوعي وحرمان الاحتلال من أي معلومات مجانية من خلال كاميرات المراقبة المنتشرة التي تخدم أغراض الاحتلال وعبر تناقل المعلومات والصور عبر وسائل التواصل الاجتماعي».
ولاحقاً، تفجرت مواجهات مع القوات الإسرائيلية في رام الله ونابلس وطولكرم والخليل. وأصيب عدد من المواطنين خلال مواجهات اندلعت في مناطق مختلفة في الضفة الغربية. ومقابل ذلك، قام عشرات المستوطنين بمهاجمة الفلسطينيين على الطرق الشمالية؛ ما أدى إلى إصابات. وحاول المستوطنون اقتحام بلدات فلسطينية قرب المستوطنات في شمال الضفة.
- انتفاضة ثالثة
وأشعلت الهجمات المتتالية مخاوف إسرائيلية من انطلاق انتفاضة مشابهة لانتفاضة 2015، التي شهدت سلسلة من عمليات إطلاق النار والطعن والدهس ضد إسرائيليين. وعززت الهجمات الفلسطينية من تحذيرات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي ايزنكوت قبل أسابيع حين قال: إن الضفة مقبلة على تصعيد ميداني، وهو الأمر الذي لم يستوعبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي رد بأن الضفة هادئة وتحت السيطرة. وقالت إحصائية لجهاز الأمن العام (الشاباك) الإسرائيلي: إنه يوجد زيادة في عدد الهجمات منذ شهر أغسطس (آب) الماضي، وإن الفلسطينيين نفذوا 114 هجوماً الشهر الماضي، وهو الأكبر منذ ذلك الحين.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.