مصر توقف جمَّالاً وفتاة سهَّلا لسائح دنماركي الصعود إلى الهرم الأكبر

بعد انتقادات واسعة لحادثة الفيديو الفاضح

الجمَّالون والخيالة في منطقة الأهرام يثيرون جدلاً لضلوع بعضهم في قضايا متنوعة (الشرق الأوسط)
الجمَّالون والخيالة في منطقة الأهرام يثيرون جدلاً لضلوع بعضهم في قضايا متنوعة (الشرق الأوسط)
TT

مصر توقف جمَّالاً وفتاة سهَّلا لسائح دنماركي الصعود إلى الهرم الأكبر

الجمَّالون والخيالة في منطقة الأهرام يثيرون جدلاً لضلوع بعضهم في قضايا متنوعة (الشرق الأوسط)
الجمَّالون والخيالة في منطقة الأهرام يثيرون جدلاً لضلوع بعضهم في قضايا متنوعة (الشرق الأوسط)

أوقفت السلطات المصرية أمس، جمَّالاً يعمل في منطقة الأهرام الأثرية، وفتاة، لاتهامهما بمساعدة سائح دنماركي وصديقته على التسلل خلسة إلى المنطقة الأثرية ليلاً، وتسلق الهرم الأكبر، وتصوير مشاهد إباحية. وأعلنت وزارة الداخلية أمس، أنها ألقت القبض عليهما بعد اعترافهما بارتكاب الواقعة.
وأثارت واقعة تصوير مقاطع فيديو وصور إباحية أعلى قمة هرم خوفو، للمصور الدنماركي وصديقته، غضباً واسعاً في مصر، بعد نشر مقاطع الفيديو والصور على موقع «فيسبوك»، متهمين الشاب الدنماركي بإهانة رمز أثري وتاريخي كبير لمصر وللحضارة الفرعونية، وهو ما أدى إلى دفع أجهزة الدولة بسرعة للتحقيق في الواقعة وتوقيف المتهمين.
وأعلنت الداخلية المصرية أن فرق بحث شُكلت بمشاركة أجهزة وزارة الداخلية؛ حيث جرى التعرف على صاحب مقطع الفيديو، ويدعى أندرياس هيفيد أندر سين، دنماركي الجنسية، مواليد 1985، وهو مصور فوتوغرافي، وصل البلاد بتاريخ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وغادر بتاريخ 4 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. وأضافت أن السائح تسلق الهرم الأكبر، عقب تسلله للمنطقة الأثرية ليلاً بصحبة الدنماركية الجنسية جوزفين سارة بالس، مواليد 1998، التي وصلت للبلاد بتاريخ 28 نوفمبر، وغادرت بتاريخ 30 نوفمبر من الشهر نفسه، وتمكن من تصوير مشاهد فاضحة لهما بسطح الهرم.
وذكر بيان الداخلية أن جهود أجهزتها أثمرت عن ضبط موسى عمر موسى، ويعمل جمَّالاً في المنطقة الأثرية، ساعد الدنماركيين على التسلل إلى منطقة الأهرام، مساء يوم 29 نوفمبر الماضي، مقابل حصوله على 4 آلاف جنيه (الدولار الأميركي يعادل 17.8 جنيه مصري)، بالتنسيق مع فتاة تدعى هند علي إبراهيم، التي تعرفت على السائحين من خلال شبكة الإنترنت، وقد أُحيلا للنيابة.
وقال الموقوف الأول موسى عمر، في مقطع فيديو وزعته وزارة الداخلية المصرية على الصحف ووسائل الإعلام، أمس، إنه في يوم 28 نوفمبر (قبل الواقعة بيوم)، حضرت إليه فتاة تدعى هند، وبرفقتها سائحان دنماركيان، وطلبوا مساعدته في تسلق الهرم الأكبر، فأخبرهم أن الصعود سيكلفهم 1400 دولار، ليمنعهم من تنفيذ الفكرة، وعرض عليهم توصيلهم نهاراً لداخل المنطقة الأثرية فقط، على أن يتقابلوا في العاشرة صباح 29 نوفمبر.
وأضاف الجمَّال، أنه في الثامنة مساء يوم الواقعة (29 نوفمبر) حضر الثلاثة إليه، وطلبوا تسلق الهرم الأكبر، فوافق مقابل الحصول على 4 آلاف جنيه، ووصل بهم إلى بوابة «تُرب المسلمين» بعد وصولهم للمنطقة الأثرية. وأوضح أنه لم يجد موظف الآثار على البوابة وقت التسلل، وقفز السائحان إلى الداخل، ثم غادر.
يشار إلى أن وزير الآثار الدكتور خالد العناني، قد وعد نواب البرلمان المصري، الأحد الماضي، بالعمل على إظهار الحقيقة في واقعة الفيديو الفاضح، بعد تقديم بلاغ رسمي من الوزارة إلى النائب العام، للتحقيق في الواقعة لمحاسبة المقصرين. وأكد أن تسلق الهرم ممنوع، وأن المقصر سينال عقابه.
ويشكو قطاع كبير من الزائرين المصريين والأجانب من سوء معاملة الجمَّالين والخيَّالة، الذين يلحون عليهم في ركوب الجمال والخيول، ويتسببون في مضايقتهم باستمرار.
إلى ذلك، ذكر المصور الدنماركي المتهم بالتسلق ونشر صور فاضحة، في آخر حواراته مع صحيفة «إكسترا بلاديت» الدنماركية قبل أيام، تفاصيل تسلقه لهرم خوفو في الجيزة، والتقاط صور مثيرة على القمة. قائلاً: «كنت أحلم طيلة سنوات بتسلق الهرم الأكبر، وكانت تراودني دوماً فكرة التقاط صورة عارية فوق قمته، والآن أنا حزين للغاية لغضب بعض الأشخاص مني».
وحسب ما قاله الشاب للصحيفة، فقد ذهب إلى الهرم في المرة الأولى بصحبة صديقة نرويجية، وحاول إقناع الأمن بأنه سيلتقط صوراً عادية من قمة الهرم، فرفض الحراس وشكوا في أمرهما.
ورجع الاثنان وقضيا بعض الوقت في القاهرة، يفكران في حيلة جديدة، وذهبا للمحاولة الثانية، وحين حاولا التسلق استوقفهما الأمن داخل منطقة الأهرام، وبعدما خضعا للاستجواب في أحد أقسام الشرطة، أطلق الأمن سراحهما من دون إجراءات لاحقة.
وأضاف: «في المرة الأخيرة، سلكتُ مع صديقة دنماركية طريقاً مختلفة، بعيداً عن الأمن، وكنت أكثر وعياً من المرة السابقة، وانتظرنا قليلاً حتى خفت حركة السياح في الهضبة. انتظرنا زهاء ساعة ونصف، حتى تأكدنا تماماً من خلو الهرم من السياح، من ثم تحركنا لنتسلق الهرم الأكبر، ووصلنا للقمة بعد 25 دقيقة فقط». وتابع: «شعرنا بسعادة غامرة بعد بلوغنا القمة»، ولفت إلى أنه لم يمارس الجنس مع صديقته على قمة الهرم، موضحاً أن ما حدث هو «مجرد مشهد، وتم التقاط الصورة ونحن عاريان فقط».
ونفى في حديثه تعمد السخرية من رمز ديني أو تاريخي، بقوله: «أنا فقط ألتقط الصور، لن أسافر إلى مصر في الفترة المقبلة، حتى لا يُلقى القبض عليَّ هناك».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».