كتاب جديد لبوش الابن عن والده

في سابقة لم تحدث من قبل لرئيس أميركي

صورة أرشيفية للرئيسين الأميركيين جورج إتش دبليو بوش وابنه جورج خلال افتتاح مركز جورج دبليو بوش الرئاسي في مدينة دالاس بولاية تكساس الأميركية 25 أبريل من العام الماضي (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية للرئيسين الأميركيين جورج إتش دبليو بوش وابنه جورج خلال افتتاح مركز جورج دبليو بوش الرئاسي في مدينة دالاس بولاية تكساس الأميركية 25 أبريل من العام الماضي (أ.ف.ب)
TT

كتاب جديد لبوش الابن عن والده

صورة أرشيفية للرئيسين الأميركيين جورج إتش دبليو بوش وابنه جورج خلال افتتاح مركز جورج دبليو بوش الرئاسي في مدينة دالاس بولاية تكساس الأميركية 25 أبريل من العام الماضي (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية للرئيسين الأميركيين جورج إتش دبليو بوش وابنه جورج خلال افتتاح مركز جورج دبليو بوش الرئاسي في مدينة دالاس بولاية تكساس الأميركية 25 أبريل من العام الماضي (أ.ف.ب)

كشفت دار «كراون» الأميركية للنشر عن أن الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش كتب قصة حياة والده جورج هربرت بوش الرئيس رقم 41 للولايات المتحدة الأميركية فيما يعد المرة الأولى التي يكتب فيها رئيس أميركي قصة حياة رئيس آخر هو والده.
وأوضحت دار النشر أن الكتاب، الذي لا يحمل أي عنوان حتى، الآن سينشر في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وكانت دار «كراون» قد نشرت قصة حياة جورج إتش دبليو بوش في عام 2010.
وقال بوش الابن في بيان لدار النشر: «جورج إتش دبليو بوش رجل دولة عظيم ووالد. وقد أحببت كتابة قصة حياته، وأتمنى أن يستمتع الآخرون بقراءتها».
وطبقا لبيان دار كراون فإن الكتاب سيغطي جميع مراحل حياته وتأثيره على ابنه من طفولة جورج دبليو في غرب تكساس إلى رحلاته مع والده خلال حملاته الانتخابية، ومن قراره دخول عالم السياسة إلى رئاسته للولايات المتحدة لفترتين متتاليتين.
وأوضحت مايا مافجي من دار نشر كراون في بيان لها: «بما أنهما الأب والابن الوحيدان اللذان خدما بصفتهما رئيسين للولايات المتحدة منذ جون كونسي وابنه الذي يحمل الاسم نفسه، فإن جورج إتش دبليو بوش وجورج دبليو بوش يحتلان مكانة مميزة في التاريخ». وأضافت أن جورج دبليو بوش سيضمن الكتاب «رؤيته المميزة للصفات الشخصية والمبادئ التي شكلت حياة جورج إتش دبليو غير العادي في خدمة الوطن والأسرة».
ولم تكشف دار النشر الناحية المادية لعقد جورج بوش الابن مع دار النشر.
وأوضحت: «إن نسخة مسموعة من الكتاب ستصدر في اليوم الذي ستصدر فيه النسخة الورقية»، مشيرة إلى أنها ستطبع مليون نسخة من الكتاب في طبعته الأولى.
وقالت: «إنها المرة الأولى التي يروي فيها رئيس أميركي سيرة حياة والده، الرئيس أيضا، بعينيه هو وكلماته هو».
ويعطي الكتاب صورة شاملة عن حياة جورج بوش الأب الشخصية والمهنية، بما في ذلك سنوات الخدمة العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية في المحيط الهادي، وعمله الريادي في تجارة النفط في تكساس، إضافة إلى دخوله المعترك السياسي وفوزه بمقعد في الكونغرس وترؤسه وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» وسنوات حكمه خلال توليه البيت الأبيض (1989 - 1993).
يذكر أن العلاقة بين الرئيسين قد أثارت إعجاب الباحثين والشخصيات السياسية والرأي العام. ويعتقد الكثير أن بوش الابن شعر بالمنافسة مع والده، وتحمس للتفوق عليه وفي الوقت ذاته الحصول على موافقته.
وطبقا للمعلومات المنشورة في الصحف ووسائل الإعلام الأميركية فإن جورج دبليو بوش فكرة في كتابة قصة حياة والده في عام 2010 إلا أنه بدأ في الكتابة الفعلية بعدها بعامين، واستشار الكثير من الأصدقاء وأفراد الأسرة، بمن فيهم والده. ومن المتوقع أن يصدر الكتاب في 300 صفحة، وتنوي كراون طباعة مليون نسخة من الطبعة. ورغم أن بوش الابن حصل على مساعدات فيما يتعلق بالأبحاث المتعلقة بالكتاب فإنه كتبه بنفسه.
والمعروف أن جورج إتش دبليو بوش الذي بلغ التسعين من عمره في شهر يونيو (حزيران) الماضي لم يتمكن من الفوز بفترة ثانية عقب هزيمته في انتخابات عام 1992 أمام بيل كلينتون، إلا أن مكانته كشخصية سياسية تحسنت كثيرا عقب ذلك. وفي عام 2012 تم إعداد برنامج وثائقي تلفزيوني بعنوان «41» في إشارة إلى كونه الرئيس الحادي والأربعين للولايات المتحدة، أثار الكثير من الإعجاب.
والمعروف أن جورج بوش الابن كان رئيسا للولايات المتحدة لمدتين متتاليتين بين عامي 2001 و2009، وكان محافظا لولاية تكساس الأميركية. ويعيش هو وزوجته لورا في دالاس، حيث أسسا مركز جورج دبليو بوش الرئاسي في جامعة «ساثرن مثوديست». وتجدر الإشارة إلى أن كتابه «نقاط القرارات» هو أكثر مذكرات الرؤساء مبيعا في تاريخ الولايات المتحدة.
وأشار الكثير من المراقبين إلى أن بوش الأب هو واحد من الرؤساء الأميركيين القلائل في العصر الحديث الذين لم يكتبوا مذكراتهم. إلا أنه أصدر عدة مؤلفات من بينها «الأفضل: حياتي في خطابات وغيرها من الكتابات» و«عالم متغير» بالتعاون مع مستشار الأمن القومي السابق برنت سكوكروفت.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».