«عاصي.. الحلم» يتحقق في «مهرجانات بعلبك» رغم قسوة الظروف الأمنية

افتتاح حاشد في القلعة التاريخية تحت أجنحة الجيش اللبناني

عاصي الحلاني في الحفل (رويترز)
عاصي الحلاني في الحفل (رويترز)
TT

«عاصي.. الحلم» يتحقق في «مهرجانات بعلبك» رغم قسوة الظروف الأمنية

عاصي الحلاني في الحفل (رويترز)
عاصي الحلاني في الحفل (رويترز)

بعد سنة من الهجرة القسرية إلى «جديدة المتن»، في ضاحية بيروت الشمالية، بسبب الأحداث الأمنية القاهرة، عادت «مهرجانات بعلبك الدولية» إلى مركزها الرئيس في القلعة التاريخية الرومانية، التي أضيئت معابدها وأعمدتها الضخمة، ونصبت الأكشاك في إحدى ساحاتها، وشرعت بواباتها احتفاء بالحدث.
ويوم أول من أمس، انطلقت الحافلات من بيروت، وزحفت الجموع الغفيرة من المناطق، غير آبهة بالأخبار المرعبة التي تتحدث عن آلاف المتطرفين الفارين من سوريا، والقابعين في الجرود (ما لا يتجاوز 40 كم قريبا من هناك)، وعن معارك ضارية تدور معهم، وعن محاولاتهم اختراق الحصار للقيام بعملية أمنية نوعية في الداخل اللبناني. حفل افتتاح مهرجانات بعلبك مع عاصي الحلاني استحق من الكثيرين التنقل، وتجاوز كل الأخبار السيئة، خاصة أن الجيش اللبناني كان قد أعطى موافقته، وأخذ على عاتقه تأمين الحفلات.
بالخوذات والدروع، وكامل الاستعدادات العسكرية، كان الجيش اللبناني موجودا على كل مفرق وزاوية، وأحاط القلعة مع قوى الأمن الداخلي. بعض طلقات الرصاص المتفرقة، التي ربما كانت تلعلع في الهواء بمناسبة فرح أو عزاء، لم تهز الوافدين للمشاركة في الاحتفالية.
ليلة بعلبكية بامتياز، أرادها عاصي الحلاني ابن المنطقة، الذي رفض العام الماضي تقديم عمله في أي مكان غير القلعة الرومانية ببهائها وعظمة بنيانها، وما للوقوف على أدراجها من رمزية كبرى لدى الفنانين، وفي سجل مسارهم.
هذه السنة كان لعاصي الحلاني ما أراد. على أدراج «معبد باخوس»، الذي أضيفت إليه بعض قطع الديكور الصغيرة، وبقي محافظا على جماليته الصامدة منذ ألفي سنة، وقف عاصي الحلاني مؤديا 20 أغنية، بدأها بأغنية جديدة أهداها لبعلبك، على وقع خبط أقدام «فرقة المجد» للدبكة، تقول كلماتها «جينا يا بعلبك شرّعي البوابي، مدي كفوفك ولضيوفك لاقيها».
مع بدء متأخر، وصل إلى ساعة، ومحاولة لتنظيم جمهور بدا فوضويا أكثر مما يجب، واستراحة أكثر من ثلث ساعة، استمر الحفل إلى ما بعد منتصف الليل، وتألق عاصي الحلاني فرحا وهو يحقق حلمه الأثير.
«عاصي.. الحلم» هو اسم العمل الذي قسم إلى أربع فقرات وكأنها تمثل الفصول الأربعة، وتحكي مسار الفنان البعلبكي الذي لعب صغيرا بين المعابد هنا، وعاد اليوم إليها فارسا يجمع حوله ما يناهز خمسة آلاف شخص آتين من مختلف المناطق.
ورغم أن المنظمين وعاصي الحلاني يصرون على أن العمل مسرحي فإنه ليس في حقيقة الأمر كذلك، ولعل الأقرب إلى واقع الحال هو أنه حفل غنائي، راقص، حيث قدمت 22 لوحة استعراضية من تصميم فرانسوا رحمة، لم تصل في غالبيتها إلى مستوى التمايز باستثناء لوحتين أو ثلاث، إلا أنها أبهرت الحضور بسبب الألوان والإضاءة، وأنعشت القلوب. وبدا إخراج جو مكرزل مناسبا لفكرة العمل، الذي كان عبارة عن إطار عام يستطيع من خلاله عاصي الحلاني أن يقدم أفضل أغنيات «ريبرتواره» الغني، بقالب يناسب المهرجانات، ويبتعد قدر الممكن عن صيغة الحفل الكلاسيكي الذي يمكن أن يقدم كل يوم، وفي أي مكان آخر، خارج القلعة، وخارج جدول المهرجانات الدولية.
غنى الحلاني بعلبك ولبنان. شدا بحبيبته، واعترف بعصبيته، وغيرته. وما بين الموال والهوارة والميجانا قضى عشاق عاصي الحلاني سهرة عامرة بالفلكلور والدبكة، والأغنيات الشعبية، وتلك الرومانسية. وشاركت عاصي غناء على المسرح ابنته ماريتا بأغنيتين، حيث أدت معه «بحبك وبغار» و«قولي جاي»، كما غنت منفردة «آي ويل سورفيف»، وبدت متألقة في الغناء الغربي. كما شارك عاصي على المسرح غناء، نجما برنامج «ذا فويس» غازي الأمير وربيع جابر بإطلالات شبابية لطيفة أضافت إلى الحفل نكهة مختلفة.
جمهور عاصي لم يحتج لوقت طويل، كي يندمج مع فنانه الأثير، ويغني معه، ويدبك. فهذا الجمع جاء لينسى، ويستمتع، وليقضي وقتا طيبا، وليضع جانبا كل مخاوفه حول المعركة في الجرود المجاورة، التي يقال ويتردد أنها ستشهد جولات حامية الوطيس بعد ساعات أو أيام، لا أحد يدري.
مهرجانات بعلبك انطلقت حيث يجب أن تكون، بحماية الجيش اللبناني، وثلاثة حفلات عمليا لعاصي الحلاني، الأول لأهل البلد حضره 2500 شخص، كما جرت العادة، تكريما لأهالي بعلبك قبل البدء باستقبال الزوار، ثم حفلا أمس، وأول من أمس، والباقي تقرره الظروف التي يدعو الجميع أن تبقى مواتية لعميد المهرجانات كي يكمل موسمه، فرحا ومغتبطا، كما بدأه.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.