الحكومة الأفغانية تتحدث عن مقتل قائد في «طالبان»

وزير الخارجية الباكستاني يزور كابل لبحث عملية السلام في أفغانستان

طابور من المدرعات الأفغانية في منطقة ند علي بولاية هلمند عقب استعادتها من عناصر حركة «طالبان» (إ.ب.أ)
طابور من المدرعات الأفغانية في منطقة ند علي بولاية هلمند عقب استعادتها من عناصر حركة «طالبان» (إ.ب.أ)
TT

الحكومة الأفغانية تتحدث عن مقتل قائد في «طالبان»

طابور من المدرعات الأفغانية في منطقة ند علي بولاية هلمند عقب استعادتها من عناصر حركة «طالبان» (إ.ب.أ)
طابور من المدرعات الأفغانية في منطقة ند علي بولاية هلمند عقب استعادتها من عناصر حركة «طالبان» (إ.ب.أ)

ضمن مساعي الحكومة الأفغانية لتخفيف وطأة حدة هجمات «طالبان»، كثفت القوات الأفغانية هجماتها في عدد من الولايات، وأعلنت الداخلية الأفغانية مقتل حاكم الظل المعين من قبل «طالبان» لإقليم بكتيكا جنوب شرقي أفغانستان، حسبما نقلته وكالة «خاما بريس» الأفغانية المقربة من الجيش. وقال بيان للداخلية الأفغانية نشرته الوكالة: إن بير أغا، حاكم الظل المعين من قبل «طالبان» لولاية بكتيكا، قتل خلال عملية أمنية في منطقة جومل في إقليم بكتيكا مع أربعة من مرافقيه، وتمكنت قوات الأمن الأفغانية من مصادرة عدد من قطع الأسلحة والذخيرة كانت بحوزتهم. ووصف البيان بير أغا، حاكم الظل الذي تمت تصفيته، بأنه أحد الزعماء الرئيسيين في حركة طالبان، وكان يطلع بدور رئيسي في تخطيط وتنسيق الهجمات المسلحة لقوات «طالبان». ولم يرد عن «طالبان» أي نبأ يؤكد مقتل بير أغا، حتى إعداد هذا التقرير. وكانت الحكومة الأفغانية تحدثت عن مقتل ثلاثة مدنيين في انفجار وقع في بلدة غوزرة، التابعة لولاية هيرات غرب أفغانستان، بعد انفجار لغم تحت سيارتهم على جانب الطريق. وقال جيلاني فرهاد، المتحدث باسم حاكم ولاية هيرات: إن القتلى المدنيين الثلاثة من عائلة واحدة، ولم تتبن أي جماعة معارضة للحكومة المسؤولية عن الانفجار. ونقلت وكالة «بختار» الأفغانية للأنباء عن وزارة الدفاع الأفغانية قولها: إن ثلاثين من مقاتلي حركة طالبان قتلوا، وجرح ثمانية آخرون غيرهم في عمليات قامت بها القوات الحكومية الأفغانية في ولاية كابيسا شمال شرقي العاصمة كابل، وأن القوات الحكومية تمكنت - حسب البيان - من استعادة السيطرة على عدد من القرى في الولاية كانت تحت سيطرة قوات «طالبان»، كما أشار البيان إلى تمكن القوات الأفغانية من الاستيلاء على عدد من قطع الأسلحة الثقيلة والخفيفة ومخزن للأسلحة كان بحوزة مقاتلي «طالبان»، كما أشار بيان الجيش إلى تمكنه من استعادة السيطرة على عدد من القرى في مديرية تاغاب في ولاية كابيسا نفسها، وأن الجيش الأفغاني بدأ إقامة عدد من المراكز الأمنية في مديرية ناوا. من جانبها، قالت حركة طالبان، إن قواتها تمكنت من قتل وجرح خمسة وعشرين من أفراد القوات الحكومية، وتدمير عدد من الآليات العسكرية في ولاية أروزجان وسط أفغانستان. وأشار بيان للحركة إلى تدمير ثلاث عربات نقل مصفحة في اشتباكات عنيفة وقعت عصر السبت، ومقتل وجرح من كانوا في هذه العربات المصفحة. كما ذكر البيان نفسه لحركة طالبان، أن خمسة وعشرين من قوات الشرطة والجيش الأفغاني قتلوا أو جرحوا، وأنه تم تدمير إحدى عشرة مصفحة ودبابة خلال اشتباكات متفرقة في الولاية نفسها خلال الأيام القليلة الماضية.
وكانت قوات «طالبان» أعلنت شن هجمات على مركز صالح الأمني في منطقة بولاك نيكا في مديرية تختا بول في ولاية قندهار جنوب أفغانستان. وحسب بيان حركة طالبان، فإن قواتها تمكنت من السيطرة على المركز الأمني بعد معركة ضارية مع القوات الحكومية أسفرت عن مقتل أربعة من الجنود وإجبار بقية القوة الحكومية على الفرار من المنطقة مخلفة وراءها شاحنة عسكرية وعدداً من الدراجات النارية وقطع الأسلحة. وشهدت ولاية زابل جنوب شرقي أفغانستان اشتباكات بين القوات الحكومية وقوات «طالبان» في منطقة تشابا باند في مديرية أرغنداب، حيث ذكرت «طالبان» استيلاء قواتها على مركز أمني بعد مقتل ثمانية جنود حكوميين وفرار بقية القوات المتواجدة في المركز، إضافة إلى ذلك فقد سيطرت قوات «طالبان» على مركز أمني آخر في المنطقة نفسها، وأصيب في العمليات ثلاثة من أفراد قوات «طالبان» في حين قتل رابع.
واتهمت حركة طالبان القوات الأميركية والحكومية الأفغانية بشن هجمات على المدنيين في منطقتي كوشتي وزانجيري دراب في مديرية جرم سير في ولاية هلمند الجنوبية وقصف منازل المدنيين في المنطقة؛ مما أدى إلى مقتل 23 من أفراد أسرة أحد المواطنين ويدعي أختر محمد كان بينهم عدد من الأطفال والنساء. ونشرت «طالبان» شريطاً مصوراً عن الدمار الذي لحق بالمجمع السكني وصوراً للضحايا من المدنيين.
وكانت قوات «طالبان» أعلنت مقتل أربعة من الجنود الحكوميين وأسر أربعة أخرين في المنطقة الواقعة بين سنغين وجريشك في ولاية هلمند الجنوبية. وقال بيان للحركة: إن اشتباكات عنيفة وقعت بين قوات الحركة وقوات الحكومة في المنطقة.
سياسياً، فقد أعلن أن وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي سيزور العاصمة كابل خلال الأيام المقبلة للاجتماع بالمسؤولين الأفغان لبحث العلاقات الثنائية وعملية السلام في أفغانستان والجهود المبذولة من أجل عقد لقاء بين ممثلين عن الحكومة الأفغانية وحركة طالبان.
وأعلن قرشي دعم بلاده حواراً أفغانياً ـ أفغانياً من أجل السلام في أفغانستان، لكنه لم يتحدث إن كان بإمكان حكومته إقناع قيادة «طالبان» بالجلوس إلى طاولة الحوار مع الحكومة الأفغانية، حيث تعارض «طالبان» أي حوار معها حتى الآن. وكان المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان زلماي خليل زاد التقى رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان الأسبوع الماضي، كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسالة لعمران خان يحثه فيها على أن تلعب باكستان دوراً مهماً في عملية السلام في أفغانستان، وأن تقنع «طالبان» بالجلوس إلى طاولة الحوار الأفغاني مع الحكومة. وفي رده على رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بأن بلاده ملتزمة بمصالحها في عملية تحقيق السلام الدائم في أفغانستان وإجراء مصالحة وطنية.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟