يعترف الطاهي بيدرو إيفيا بأنه لم يفكر قط في أن يصبح طاهياً رغم أنه بالفعل كثيراً ما قام بالطهي عندما كان طفلاً. لكن إبداعه وتعلقه بثقافة «مايان» التي تعد أحد أكبر الحضارات في تاريخ أميركا اللاتينية، وكذلك موهبته جعلت منه أشهر طباخ في شبه جزيرة يوكاتان بالمكسيك.
وتتميز نكهات منطقة «اليوكاتان» بقدرتها على الاحتفاظ بطريق الطهي التقليدية المختلفة والمستمدة من ثقافات كثيرة حيث يستغرق الطهي في بعض الحالات نحو 20 ساعة للوصول إلى مذاق فريد.
وفي مقابلة مع صحيفة «الشرق الأوسط»، أوضح إيفيا الذي يمتلك 23 مطعماً بمدينة ميريدا، عاصمة يوكاتان، كيف أن الطعام العربي أثر على الأطباق المحلية. وقد حرصت على تذوق الأطباق المختلفة في كل شيء بسبب النكهة ومذاقها المركز، فيما كنت أجري المقابلة الخاصة.
> ما هي نكهة «اليوكاتان»
ــ يتميز اليوكاتان بأنه مزيج من الثقافات الهامة التي تبدأ من حضارة «المايان» وتمتد إلى المستعمرات ووصول الإسبان إلى المنطقة، وغيرها من المؤثرات الخارجية التي صنعت يوكاتان اليوم، فهي خليط من التراث الأوروبي والآسيوي والماياني الخالص. وبفضل تنوع أرضها، فإن «يوكاتان» غنية بكثير من المنتجات التي يمكن استخدامها في إنتاج نكهات كثيرة، من البحر والأرض والتي تعطي مذاقاً مدهشاً تغلب عليه رائحة الدخان وطعم الأرض، وهو المذاق الذي يهواه سكان يوكاتان.
> لقد لاحظت مدى التأثير الكبير لـ«مايان». هل لك أن تبين لنا هذا؟
> تعتبر يوكاتان جزءاً جوهرياً من ثقافة مايان، واليوم لا يزال هنا بعض من سكان مايان على قيد الحياة. وتستطيع أن تلحظ غناهم الثقافي، وهو ما شكل القاعدة لمطبخنا، والمقصود هنا أساليب الطهي، وتقاليد المطبخ المايني هي ما نتبعها اليوم.
> ما هذه التقاليد؟
ــ هي تقاليد متنوعة منها النار الدفينة والمطبخ المطمور تحت الأرض. تعتمد الفكرة على عمل حفرة في الأرض مملوءة بالحجارة والحطب المستخدم في الطهي.
وعندما يكتسب الجمر اللون الأحمر نقوم بوضع الطعام فوقه، ولا يزال هذا التقليد متوارثا حتى اليوم.
يشير الطاهي إلى طبق الذرة البنية الناعمة، وهو اللون الذي يكتسبه الطبق بسبب مدة الطهي التي تستمر أربعة أيام تحت الأرض. ويقدم الطبق مع الكريم والجبن. ليصبح طبقاً فريداً بالفعل.
> ماذا أضافت طريقة الطهي هذه إلى المطبخ؟
ــ بالإضافة هي نكهة الدخان. لهذا الطبق نفس طعم الذرة الكلاسيكي لكن مع نكهة التراب والدخان، وهي النكهة الطاغية في منطقتنا. وسر اللون البني هو أن الطبق طهي تحت الأرض، وتغطى الحفرة بأوراق الشجر أثناء الطهي.
في هذه اللحظة ظهر طبق السمك مع الصلصة السوداء المصنوعة من 26 نوعاً من التوابل المحروقة، وعجين الأفوكادو وشرائح البصل الطويلة. قد يبدو الطبق غريباً لكنه لذيذ.
> ما تأثير الطعام العربي على مطبخ «يوكاتان»؟
ــ بعد الحرب التي اندلعت في بداية خمسينيان القرن الماضي، وصلت مستعمرة لبنانية كبيرة إلى المكسيك. وكانت مناطق «فاركوز» و«بوبا» و«يوكتان» هي أكثر المناطق التي سكنها اللبنانيون. أخذنا منهم المقادير وأهم الأطباق ونقلناها إلينا ليصبح لدينا أطباق تحمل اسم «يكاتوس» و«كويبي» أو «كبة». قامت العائلات اللبنانية كذلك بتعديل أطباقها لتتضمن مقادير «ياكتان»، وفي المقابل أصبحت مقادير المطبخ اللبناني ضمن أطباق المطبخ الياكتيني.
> هل تتناولون المأكولات العربية يومياً؟
ــ لا يخلو بيت من بيوت اليوكاتينين من الطعام العربي مرة أو مرتين أسبوعياً، وأشعر أن الكبة من ضمن أطباق يوكاتان لأنني اعتدت على تناولها طيلة عمري البالغ 44 عاماً.
> هل لك أن تصف لنا المطبخ الياكتيني التقليدي؟
> المطبخ الياكتيني منتشر في جميع أنحاء العالم. فهذا المطبخ يستخدم المقادير الأساسية، ويخلط الأساليب القديمة مع الحديثة، لنخرج في النهاية بأطباقنا الخاصة، أي أننا لا نكتفي بالنقل عن غيرنا. فنحن نطبق مقادير الغير لإنتاج أطباق جديدة شكلت قوام مطبخنا المتنوع على مدار 20 - 30 عاماً.
> ما المكونات الأساسية للطعام الياكتيني؟
ــ من دون شك هي نباتات «فلورا» والحيوانات المتوفرة بالمكان. لكن أهم ما في طريقة الطهي لدينا هي مجموعة التوابل التي نصنع منها الصلصة. بعض هذه التوابل يتطلب عملية من عدة مراحل، مثل توابل «ريكادو» و«نيغرو» و«ريكادو الأسود» الذي يتكون من 26 نوعاً من التوابل المختلفة. كذلك لدينا مجموعة متنوعة من الصلصات المصنوعة من توابل «أكيتو» و«ريكادو»، وتنقسم إلى أربعة ألوان هي الأبيض والأسود والأحمر والأخضر.
> ما مصدر إلهامك عندما صنعت طبق المقبلات الرائع «قرص العسل»؟
ــ هو كعكة من العسل مع الفاكهة، والريزوتو الأصفر، وعش الغراب المطحون، وثلج الفانيليا، ومشروب «بالش» الماياني التقليدي، المصنوع من الأناناس الذي يخمر في شجرة «بالش» المقدسة. تعتبر منطقة يكتان من أهم المناطق المنتجة للعسل في العالم، وذلك لأننا نمتلك أنواعاً مختلفة من العسل يجري تصديره إلى ألمانيا وإنجلترا وإيطاليا وإسبانيا.
> ما الفرق بين أطباق ياكتان وأطباق المطبخ المكسيكي؟
ــ نحن بلد يختلف تمام الاختلاف عن باقي بلاد العالم. فالمكسيك تضم 32 عرقاً مختلفاً. ولكل عرق طريقته الخاصة في الطهي التي تعود إلى الأجداد. ولذلك فإن الحديث عن الأمور المتشابهة والمختلفة أمر بالغ التشعب.
بيدرو إيفيا لـ«الشرق الأوسط»: مطبخ يوكاتان مختلف ومطعّم بالنكهة العربية
أشهر طباخ في شبه الجزيرة المكسيكية
بيدرو إيفيا لـ«الشرق الأوسط»: مطبخ يوكاتان مختلف ومطعّم بالنكهة العربية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة