«مات من البرد» حملة مصرية لحماية المشردين من تقلبات الشتاء

تقدم خدمة «الإغاثة العاجلة» وتنتشر في محافظات عدة

أحد الأعضاء يحمل الأغطية (إدارة الحملة)  -  عضوان بالحملة مع أحد الأطفال خلال جولة توزيع (إدارة الحملة)
أحد الأعضاء يحمل الأغطية (إدارة الحملة) - عضوان بالحملة مع أحد الأطفال خلال جولة توزيع (إدارة الحملة)
TT

«مات من البرد» حملة مصرية لحماية المشردين من تقلبات الشتاء

أحد الأعضاء يحمل الأغطية (إدارة الحملة)  -  عضوان بالحملة مع أحد الأطفال خلال جولة توزيع (إدارة الحملة)
أحد الأعضاء يحمل الأغطية (إدارة الحملة) - عضوان بالحملة مع أحد الأطفال خلال جولة توزيع (إدارة الحملة)

دشن شباب وفتيات في مصر حملة تحت عنوان «مات من البرد» بهدف توفير الملابس الشتوية والأغطية للمشردين والفقراء في عدد من المحافظات المصرية، ويسعى أعضاء الحملة إلى ابتكار وسائل جديدة لمساعدة المحتاجين تختلف عما تتبعه حملات مماثلة تنطلق دائماً مع حلول فصل الشتاء.
من بين الوسائل الجديدة التي ابتكرتها الحملة ما يطلق عليه «الإغاثة العاجلة»، وهي خدمة خاصة بإغاثة الحالات العاجلة من المشردين، حيث يقوم الأعضاء بنشر صورة ومكان وجود الشخص الذي يحتاج للمساعدة على صفحة الحملة بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ليتمكن أي شخص حتى لو لم يكن عضواً بالحملة من سرعة الوصول للموقع وتوصيل الملابس أو الأغطية بأسرع وقت ممكن.
تعمل الحملة في عدد من المحافظات، بينها القاهرة والجيزة والإسكندرية والسويس والفيوم والغربية، من خلال أعضاء صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» الذين يصل عددهم إلى نحو ثمانية آلاف عضو، بهدف توفير الملابس الشتوية والأغطية للفقراء، غير أنها تعطي أولوية للمشردين الذين لا يملكون مأوى.
وتعتمد في مواردها المالية على تبرعات أعضائها، ولا تقبل من المواطنين سوى التبرعات «العينية» من ملابس وأغطية، وفي حال التبرعات المادية يقوم أحد أعضاء الحملة باصطحاب صاحب التبرع إلى أحد المتاجر التي يتعاملون معها لشراء الملابس الشتوية والأغطية، ويمكن للمتبرع المشاركة في جولة توزيع الملابس أو تحديد المنطقة التي يفضل أن توزع فيها.
وتحاول الحملة ربط نشاطها باحتياجات الأشخاص على أرض الواقع من خلال جولات يقوم بها الأعضاء في الأحياء والمدن، لرصد أماكن المشردين والأسر الفقيرة التي تحتاج للمساعدة.
من جانبه يقول حسام العربي، منسق الحملة، لـ«الشرق الأوسط»، «يقوم الأعضاء بجولات الرصد في محيط سكنهم والأحياء المجاورة، وأحياناً نقوم بجولات عامة في مناطق مختلفة يتم تقسيمها جغرافياً فيما بيننا لرصد الحالات التي تحتاج للمساعدة، وفي حالات المشردين نتعامل مع الأمر بمنطق الطوارئ، حيث نصر على ألا تنقضي الليلة دون أن نوصل الملابس والأغطية للشخص المحتاج».
وأضاف: «لسرعة إنجاز الأمر نقوم بنشر مكان وجود الشخص المشرد على صفحة الحملة بموقع (فيسبوك)، كما نقوم بنشر التفاصيل نفسها على صفحاتنا الشخصية كي يستطيع أقرب شخص جغرافياً الوصول، كما نتلقى بلاغات الحالات الطارئة من المواطنين من خلال الصفحة أو أرقام هواتف تم تخصيصها للتواصل مع أعضاء الحملة».
ويشير العربي إلى أن «التجاوب مع الحملة كبير جداً من المواطنين الراغبين في المساعدة، وقام بعضهم بتخصيص جزء من مقرات عملهم، سواء متاجر أو مكاتب، لتسلم الملابس والمفروشات تسهيلاً على راغبي التبرع، ونقوم بجولات في الأحياء الفقيرة وسكان المقابر لتوزيع ما يتوافر لدينا، لكننا نعطي أولوية للأشخاص المشردين الذين ينامون في الشارع».
الانتشار الجغرافي الواسع لأعضاء الحملة بالمحافظات المختلفة دفعهم إلى تقديم خدمات أخرى للمحتاجين، بينها توفير الأدوية والخدمات الطبية العاجلة، خصوصاً أدوية الأنفلونزا للمشردين، إضافة إلى اتباع مبدأ التكامل بين المحافظات، بمعنى أنه إذا زادت التبرعات بالقاهرة يمكن تخصيص جزء منها لنقله لمحافظة أخرى يكثر فيها المحتاجون.
بدورها تقول نجوى السباعي، مسؤولة محافظة الجيزة بالحملة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخبرات السابقة لمعظم أعضاء الحملة في توزيع الملابس الشتوية والأغطية بالشارع جعلتنا ندرك أهمية توفير الأدوية، خصوصاً أدوية الأنفلونزا ونزلات البرد التي يتبرع بها أصحاب الصيدليات، كما يقوم بعض أعضاء الحملة من الأطباء بالنزول لتقديم المساعدة الطبية الطارئة للمشردين في حال احتياجهم لها».
وتشير السباعي إلى أن «الحملة تحرص على أن تكون جولات الأعضاء لرصد الحالات المحتاجة خلال فترة الليل، لأن الشخص الذي ينام في الشارع بهذا التوقيت يكون بالفعل مشرداً، وليس لديه مأوى، ونقوم بالجولات في الأماكن العامة كأسفل الكباري والميادين، ونطلب من معارفنا وأصدقائنا إبلاغنا بأي حالة تحتاج للمساندة أو أي أسرة فقيرة لا تملك الأغطية والملابس الشتوية الكافية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».