«قوات سوريا الديمقراطية» تتقدم داخل بلدة هجين شرق سوريا

القوات العراقية تقصف رتلاً للتنظيم

TT

«قوات سوريا الديمقراطية» تتقدم داخل بلدة هجين شرق سوريا

حققت «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية – العربية، بدعم أميركي، تقدماً داخل هجين، أبرز البلدات الواقعة ضمن الجيب الأخير الذي يسيطر عليه تنظيم داعش في شرق البلاد، وفق ما قال أحد قيادييها لوكالة الصحافة الفرنسية الخميس.
وتقود هذه القوات المؤلفة من فصائل كردية وعربية، منذ 10 سبتمبر (أيلول) هجوماً بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، لطرد التنظيم من هذا الجيب الواقع في ريف دير الزور الشرقي بمحاذاة الحدود العراقية. ويدافع التنظيم بشراسة عن المنطقة، وأبرز بلداتها هجين والسوسة والشعفة.
وقال ريدور خليل، القيادي في صفوف هذه القوات: «تدور معارك ضارية داخل بلدة هجين، بعدما تقدمت قواتنا وباتت تسيطر على بعض أحيائها»، مضيفاً أن «العمليات العسكرية مستمرة بوتيرة عالية».
وفتحت «قوات سوريا الديمقراطية»، «ممرات آمنة للمدنيين، واستطاعت تحرير أكثر من ألف مدني، غالبيتهم نساء وأطفال من داخل هجين، خلال الأيام الماضية»، وفق خليل الذي اتهم التنظيم المتطرف باستخدامهم «دروعاً بشرية»؛ مؤكداً أن فتح الممرات «سيستمر».
وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، تقدم «قوات سوريا الديمقراطية» داخل البلدة، «بعد هجوم عنيف شنته قبل يومين»، مشيراً إلى تمكن عشرات العائلات من النزوح على مراحل.
وترافق الهجوم، وفق عبد الرحمن، مع قصف مدفعي وجوي يشنه التحالف، وهو «الأعنف منذ بدء العمليات العسكرية في المنطقة» في سبتمبر.
وأسفرت المعارك المستمرة والقصف - بحسب المرصد - عن مقتل «34 عنصراً من تنظيم داعش، بينهم ثلاثة انتحاريين على الأقل»، فضلاً عن 17 مقاتلاً من «قوات سوريا الديمقراطية».
وخلال الفترة الماضية، استفاد التنظيم المتطرف من سوء الأحوال الجوية، ومن خلاياه النائمة في محيط الجيب، ليشن هجمات مضادة ضد «قوات سوريا الديمقراطية» ويجبرها على التراجع، بعدما كانت قد أحرزت تقدماً ميدانياً. وأسفر هجوم واسع الشهر الماضي عن مقتل 92 عنصراً من تلك القوات.
وأرسلت «قوات سوريا الديمقراطية» خلال الأسابيع الماضية بدورها مئات المقاتلين إلى خطوط الجبهة، قبل أن تشن هجومها الواسع قبل يومين.
ويقدر التحالف وجود نحو ألفي «جهادي» في هذا الجيب. ويرجح أن العدد الأكبر منهم هم من الأجانب والعرب، وبينهم - بحسب «قوات سوريا الديمقراطية» - قيادات من الصف الأول.
واعتبر خليل أن «تحرير هجين من (داعش) لا يعني الانتهاء من التنظيم الإرهابي؛ لأنه يتخذ أشكالاً أخرى، من خلال خلاياه المنتشرة هنا وهناك»، مضيفاً أن «عمليات مطاردته ستستمر وقتاً طويلاً».
ومنذ بدء الهجوم في سبتمبر، قتل 827 مقاتلاً من التنظيم، و481 من «قوات سوريا الديمقراطية»، وفق المرصد الذي وثق أيضاً مقتل 308 مدنيين، بينهم 107 أطفال، غالبيتهم في غارات للتحالف.
وأفادت مصادر عسكرية عراقية، الخميس، بأن قوات التحالف الدولي تمكنت من تدمير 30 عجلة عسكرية لـ«داعش» على الشريط الحدودي بين العراق وسوريا.
وقالت مصادر في الجيش العراقي، إن قوات التحالف الدولي المساندة للقوات العراقية في صحراء الأنبار، قرب الشريط الحدودي مع سوريا، «تمكنت وفق معلومات استخبارية حصلت عليها فرقة المشاة الآلية الثامنة في الجيش العراقي، من تدمير 30 عجلة عسكرية تابعة لتنظيم داعش، كانت بالقرب من الشريط الحدودي في الأراضي السورية».
وأوضحت أن العملية تمت «تحديداً في الجهة المقابلة لقوات مغاوير قيادة حرس الحدود العراقي، وأن الرتل دُمر بالكامل».
وتساند قوات التحالف الدولي القوات العراقية المنتشرة على الشريط الحدودي مع سوريا، في العمليات الجوية والقصف المدفعي، لمنع أي تسلل لـ«داعش» إلى الأراضي العراقية.
إلى ذلك، نقل موقع «روسيا اليوم» عن مصادر، قولها إن خمسة مدنيين بينهم أطفال ونساء، قتلوا بقصف نفذه التحالف الدولي بقيادة واشنطن، على مدينة هجين، الأربعاء.
ونقل عن ناشطين أن «غارات التحالف استهدفت مناطق متفرقة داخل مدينة هجين، ما أدى إلى سقوط 25 ضحية مدنية، بينهم أطفال ونساء وعشرات الجرحى، فضلاً عن الدمار الواسع الذي طال الممتلكات والمنازل».
ويأتي هذا القصف الأعنف منذ بدء العمليات العسكرية في المنطقة منذ 10 سبتمبر الماضي، في إطار دعم التحالف لـ«قوات سوريا الديمقراطية» التي شنت مؤخراً هجوماً شرساً على «داعش»، حققت به بعض التقدم، وسيطرت على أكثر من نصف بلدة هجين.
وينفي التحالف الدولي التقارير التي تحدثت عن سقوط عشرات المدنيين بين القتلى، جراء ضرباته على بلدة هجين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.