لماذا انحسر النفس الديمقراطي في الفقه السياسي الشيعي بإيران؟

داود فيرحي يبحث عبر جزأين تطوراته في مناحيه السياسية

غلاف الجزء الأول - غلاف الجزء الثاني
غلاف الجزء الأول - غلاف الجزء الثاني
TT

لماذا انحسر النفس الديمقراطي في الفقه السياسي الشيعي بإيران؟

غلاف الجزء الأول - غلاف الجزء الثاني
غلاف الجزء الأول - غلاف الجزء الثاني

قليلة هي الكتب الصادرة في إيران التي حاولت سبر أغوار العلاقة بين الشريعة بقراءتها الشيعية ونظام الدولة عبر توظيف المناهج والمفاهيم الحديثة في العلوم الاجتماعية والسياسية.
الكتب الصادرة في هذا الحقل إما تصب في خانة دراسة الفكر السياسي بشكل عام، أو تدرس نظريات الدولة في الفقه السياسي دراسة تقليدية تفتقر إلى الرؤية المنهجية الحديثة، علاوة على افتقارها إلى وضع النظرية السياسية الناتجة عن النظام المعرفي الشيعي ضمن نظام معرفي عام.
ومن بين تلك الكتب القلائل في استكشاف النظام المعرفي الذي أنتج نظريات الدولة والحكم في الفقه الشيعي ودراسة القطيعة المعرفية التي حصلت في هذا الحقل، كتاب: «الفقه السياسي في إيران المعاصرة» من تأليف أستاذ الفكر السياسي الإسلامي بجامعة طهران داود فيرحي.
وقد دأب فيرحي على دراسة الفكر السياسي في الإسلام من منطلق مفاهيم المفكر الفرنسي ميشال فوكو كما هو واضح من أول كتاب صدر له تحت عنوان: «السلطة والمعرفة والشرعية في الإسلام». وهو يتناول في كتاب «الفقه السياسي في إيران المعاصرة» الصادر في جزأين، فترة مهمة من الفكر السياسي الشيعي، وهي فترة بداية القرن العشرين.
وتكمن أهمية هذه الفترة في عدة مواطن؛ من جهة أولى هي الفترة التي التقى فيها العالم الإيراني بالعالم الغربي الحديث، مما ترك قطيعة فكرية مع التراث، تشبه إلى حد بعيد تلك التي حدثت في العالم العربي في الفترة نفسها.
أما من جهة ثانية؛ فإنها الفترة التي حدثت فيها ثورة الدستور التي تعد مفصلية في التاريخ الإيراني من حيث إنها كانت بداية نهاية عصر الاستبداد الملكي وبداية عصر الملكية الدستورية في إيران، ومن حيث إنها أدخلت مفاهيم سياسية جديدة، مثل الديمقراطية، والدستور، والبرلمان التشريعي، إلى نظام الفكر الإيراني التقليدي، مما أدى بدوره إلى تطورات جذرية في الفكر السياسي؛ ومن ضمنه الفكر السياسي الشيعي.
وفي هذا الإطار يتناول الكاتب الفقه الشيعي في مناحيه السياسية، محاولا وضعه في النظام المعرفي الذي كان سائداً حينذاك، وفي إطار خريطة السلطة وخريطة القوى الوافدة والقوى الأصيلة في الجغرافيا المعرفية. ويستخدم فيرحي في كتابه عددا من المفاهيم التي يستقيها من ميشال فوكو، مثل «النظام المعرفي» و«ميكروفيزياء السلطة» و«الحكمانية»، ليبين عدة محاور في كل من المجلدين.
في المجلد الأول يحاول الكاتب تبيين التطورات التي حدثت في الفكر السياسي الشيعي وميلاد «الفقه السياسي» الذي يحاول الانسجام مع نظريات الدولة الحديثة ومع المفاهيم الديمقراطية، موضحا أن دخول الفكر الوافد الغربي إلى نظام المعرفة الإيراني أدى إلى بروز تيارات قوية في الفقه السياسي الشيعي... فمن جهة؛ تطورت رؤية لدى الفقهاء الشيعة تبحث في الفقه عن نظام دولة متكامل. ومن جهة أخرى؛ فقد ظهرت معالم أكثر انفتاحا على الديمقراطية في الفقه السياسي الشيعي، حيث تكلم الفقهاء عن موافقة الفقه الشيعي على النظام البرلماني والأحزاب والدستور.
وفي المجلد الثاني يحاول الباحث أن يبين لماذا انحسر النفس الديمقراطي في الفقه السياسي. فقد أدى ظهور رضا شاه مؤسس الدولة البهلوية في عشرينات القرن العشرين إلى تراجع المنظمات الدستورية والفكر الديمقراطي في المجتمع الإيراني لصالح نظام استبدادي، كما أدى إلى تراجع الوفاق بين الشريعة ونظام الحكم لصالح نظام حكم علماني معارض للشريعة. ويؤكد الباحث في هذا المجلد كيف ظهرت نظريات شمولية وانحصارية في الفقه الشيعي، مثل نظرية الولاية المطلقة للفقيه في رد فعل على محاولات طرد الدين من المجال العام ومن حقل الحكم، مبينا أن غالبية النظريات السياسية الشيعية جاءت في مجال يسميه برهان غليون «الفضاء السجالي».
ويبحث الكتاب في القسم الأول منه الجهاز المفاهيمي للفقه السياسي الشيعي ومنهجياته ضمن أربعة فصول... يهتم الفصل الأول بماهية الفقه، والفصل الثاني بالعلاقة بين الفقه الشيعي والشأن السياسي، ليتطرق في الفصلين الأخيرين إلى التطورات التي حدثت في الفقه الشيعي نتيجة ظهور نظرية الدولة الجديدة. وفي القسم الثاني، يتطرق الكتاب إلى التطورات التي حدثت في الفقه السياسي نتيجة ظهور ثورة الدستور ودخول المفاهيم الجديدة في نظام المعرفة الإيراني، مبينا المناحي الملائمة للديمقراطية والحداثة السياسية في منظري الفقه السياسي. وينتهي الكتاب ببحث عن النكسة الفكرية التي أصابت النظام المعرفي السياسي في إيران نتيجة انحسار ثورة الدستور وإبادة مكتسباتها على صعيد الحكم الديمقراطي لصالح ظهور الحكم الاستبدادي في ثلاثينات القرن العشرين، مؤكدا أن هذا التطور ترك أثره على الفقه السياسي؛ إذ شهدنا بلورة نظريات تميل إلى رفض الحداثة العلمانية والتأكيد على ضرورة التحرك نحو حكم ديني مطلق.
وقد يكون الكاتب استقى عدة مفاهيم نظرية من آراء المفكرين الفرنسيين ومن ميشال فوكو على وجه الخصوص، كما ذكرنا، إلا إن قضية «الحكمانية»(Governmentality) التي يطرحها ميشال فوكو في كتابه «تاريخ الجنسانية» من المفاهيم المركزية التي يبتني عليها كتاب «الفقه السياسي في إيران المعاصرة»؛ إذ يرى الكاتب أن الفقه الشيعي لم يلتفت إلى مسألة الحكومة والحكمانية إلا بعد ثورة الدستور، حين دخلت أفكار الحكم العلماني إلى البلاد نتيجة الاحتكاك بالآخر الغربي. فقبلها لم تكن موضوعة الحكم تطرح ضمن ثنائية الشريعة – العلمانية، لأن العلمانية لم تكن قد دخلت نظام الفكر الإيراني (لم تكن ولدت على حد تعبير ميشال فوكو). ومن هنا، يرى الكاتب أن الحكم الديني والفقه السياسي الناتج عنه ولدا في ظل تحسس إزاء الفكر الوافد وإرادة نحو التغاير أو التوافق مع هذا الفكر.
ولو أخذنا بهذا المعنى، فسيكون الفقه السياسي والحكم الديني موضوعة ناتجة عن طفرة في الفكر وعن قطيعة معرفية مع التراث الذي لم يشهد هذا الفقه السياسي ولا الثنائية التي أنتجته.
يعد مؤلف الكتاب من الوجوه البارزة في الفضاء الفكري الإيراني، وله كثير من الدراسات التي تركت أثرها في الساحة الفكرية الإيرانية؛ منها «الدولة الإسلامية ومنتجات الفكر الديني» و«منهجية الفكر السياسي في الحضارة الإسلامية» و«الشريعة والدولة في العصر الحديث» إلى جانب كتاب «السلطة والمعرفة والشرعية في الإسلام».
وبناء على هذه السمعة، كان لا بد للكتاب، الذي تجددت طبعته نحو 7 مرات في أقل من عامين، من أن يلقى ردود فعل سلبية وإيجابية. ويؤكد الباحث أن ردود الفعل السلبية التي واجهها الكتاب جاءت من كتّاب ينسبون إلى التيار المحافظ والتيارات المتشددة في المدارس الدينية؛ إذ رأوا في الكتاب «بحثا إصلاحيا في تراث الفقه السياسي» على حد تعبيره.
وفي مقابلة له، أكد داود فيرحي على أن الكتاب الذي صدر عن دار «ني» للنشر بقي في أروقة الرقابة في وزارة الثقافة الإيرانية طيلة فترة حكم محمود أحمدي نجاد، قبل أن يرى النور، مبينا أن الحوزة العلمية في مدينة قم حاولت كثيراً عرقلة مسيرة الكتاب، كما حالت دون حصوله على لقب «كتاب العام» رغم حصوله على أصوات الحكام.


مقالات ذات صلة

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

سيمون سكاما
سيمون سكاما
TT

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

سيمون سكاما
سيمون سكاما

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما» Simon Schama، في كتابه «قصة اليهود» The story of the Jews الصادر عن دار نشر «فينتغ بوكس» في لندن Vintige Books London، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين في دلتا النيل في مصر سنة 475 قبل الميلاد حتى نفيهم من إسبانيا سنة 1492 ميلادية. وهو يذكر أنهم في البداية كانوا عبيداً في مصر وطُردوا بشكل جماعي، وهم حتى اليوم يحتفلون بذكرى تحررهم من العبودية في مصر. وقد أمرهم إلههم بعدم العودة إلى مصر لكنهم عصوا أمره وعادوا مراراً وتكرارً إليها. واعتماداً على أسفار موسى الخمسة، وعلى آثار عمليات التنقيب في مصر، كانت بين يدي الكاتب مادة خصبة أعانته على جمع أدلة تفيده في نثر كتابه الذي يتناول مدة زمنية أسهمت في تكوين مصير مَن حُكم عليهم بالعيش حياة الشتات في الشرق والغرب.

ويذكر الكاتب أن اليهود عاشوا حياة الشتات، وأنهم أقلية مسحوقة دائماً بين قطبين، وبين حضارتين عظيمتين؛ بين الحضارة الأخمينية وحضارة الإغريق، بين بابل ووادي النيل، بين البطالمة والسلوقيين، ثم بين الإغريق والرومان.

وهكذا عاشوا منغلقين في قوقعة في أي مجتمع يستقرون فيه ، فمثلاً فترة انتشار الإمبراطورية الإغريقية وجدوا صعوبة في الحصول على المواطَنة الإغريقيّة لأنها كانت تعتمد على ثلاث ركائز: المسرح، والرياضة (الجيمانيزيوم) التي لا يمكن أن تتحقق من دون ملاعبَ العريُ التامُّ فيها إلزاميٌّ، الشيء الذي لا يتماشى مع تعاليم اليهودية، والدراسة الأكاديمية، التي لا يمكن أن يصلوا إليها.

صحيح أنهم عاشوا في سلام مع شعوب المنطقة (سوريين، وإغريقاً، وروماناً، وفُرساً، وآشوريين، وفراعنة، وفينيقيين) لكن دائماً كانوا يشعرون بأن الخطر على الأبواب، حسب الكاتب، وأي حدث عابر قد يتحول إلى شغب ثم تمرُّد ثم مجزرة بحقهم. ومن الطبيعي أن تتبع ذلك مجاعة وصلت أحياناً إلى تسجيل حالات أكل الأحذية وحتى لحوم البشر، ومذابح جماعية تشمل الأطفال والنساء وتدنيس المقدسات. ويضرب الكاتب هنا مثلاً بمحاولة انقلاب فاشلة قام بها القديس ياسون على الملك السلوقي أنطيوخس إبيفانيوس الرابع، فتحول هذا الأخير إلى وحش، وأمر بقتل كل يهودي في شوارع القدس وهدم المقدسات، وقدَّم الخنازير أضحية بشكل ساخر بدلاً من الخراف، وأجبر اليهود على أكل لحم الخنزير، وأخذ آلاف الأسرى لبيعهم في سوق النخاسة. وبعد فترة استقرار قصيرة في القدس، وأفول الحضارة الإغريقيّة لتحل مكانها الحضارة الرومانية، ذهب وفد من اليهود إلى الملك الروماني لمناشدته منح اليهود في القدس حكماً ذاتياً.

طبعاً هذه كانت مماطلة لا تُلغي وقوع الكارثة لكن تؤجلها. حتى إن الملك غاليكولا أمر ببناء تمثال له على هيئة إله وتنصيبه وسط معبد اليهود الذين كانوا يَعدّون ذلك من الكبائر.

حتى جاء اليوم الذي وقف فيه على أبوابها الملك الروماني بومبي الكبير فارضاً حصاراً دام عامين انتهى باصطحابه الأسرى اليهود مقيدين بالسلاسل لعرضهم في شوارع روما، تلت ذلك هجرة جماعية كانت آخر هجرة لهم. وهم فسروا ذلك بوصفه عقاباً إلهياً «لأنه لا يمكن أن يكون الله قد تخلى عنهم في وقت السلم كما في وقت الحرب. لأن السلم لم يكن سلم عزٍّ بل كان ذلاً».

وفي أوروبا العصور الوسطى، كان مفروضاً عليهم ارتداء شعار خاص لتمييزهم أيضاً عن باقي الناس، ومُنعوا من العمل في الوظائف الرسمية الحكومية مثل مهن الطبيب والمحامي والقاضي، حتى المهن الحرفية تم حرمانهم من التسجيل في نقاباتها. هذا بالنسبة ليهود الأشكنازي، أما بالنسبة ليهود إسبانيا السفاردي، فقد أصدرت الملكة إيزابيلا سنة 1492 (نفس سنة خروج الإسلام من إسبانيا) قانوناً لطرد اليهود من إسبانيا، ومنع اليهود من ارتداء الملابس الفاخرة، والتجول فقط في النهار، والعيش في أحياءً منعزلة، كما لا يحق لهم العمل مع المسيحيين أو العكس أو يكون عندهم خادمة مسيحية مثلاً، ومنعهم من امتلاك عقارات أو منح القروض إلا بشروط معينة...

لكن ما سبب هذا الاضطهاد بحق اليهود؟

حسب الكاتب، هناك سببان: أولاً وشايتهم إلى الملك الروماني وتحريضه لمحاكمة يسوع وهتافهم وقت صلبه «اقتلوه... اقتلوه»، أما السبب الآخر فهو أن الملكة إيزابيلا وضعت أمام اليهود الاختيار بين ثلاثة احتمالات: اعتناق المسيحية أو القتل أو الطرد، في حملةٍ لتطهير البلد من اليهودية. القليل من اليهود اعتنق المسيحية؛ خوفاً، وكان يطلق عليهم اسم «كونفرتو»، أو «المسيحيون الجدد»، لكن في السر استمروا في ممارسة طقوسهم اليهودية، وكان يطلق عليهم اسم «Marranos».

كتاب «قصة اليهود» لم يقتصر فقط على ذلك، فإلى إلى جانب فصول عن الحملات والحروب، هناك فصول عن اليهود في شبه الجزيرة العربية فترة النبي محمد، عليه الصلاة والسلام، ويهود الأندلس، وصلاح الدين الأيوبي، ويهود مصر، وكذلك يهود بريطانيا، ويهود إسبانيا. وكذلك يفتح لنا الكتاب نوافذ على الحياة الاجتماعية والثقافية لشعوب ذاك الزمان، ويسرد تفاصيل الهندسة المعمارية بجماليّاتها خصوصاً لدى الإغريق، حيث اشتهرت عمارتهم بالأعمدة والإفريز والرواق والفسيفساء، الشيء الذي أخذه منهم اليهود.

لكنَّ هناك نقاطاً أخفق المؤلف في تسليط الضوء عليها أو طرحها في سياق المرحلة التاريخية التي يتناولها الكتاب، ومنها مرحلة حياة عيسى، عليه السلام، من لحظة ولادته حتى وقت محاكمته وصلبه، رغم أهميتها في مجريات الأحداث بتفاصيلها التي كانت انعطافاً كبيراً في تاريخ اليهود خصوصاً والعالم عموماً. ثانياً، وعلى الرغم من دقة وموضوعية المعلومات ورشاقة السرد، فإن الكاتب لم يذكر لحظات أو مراحل إيجابية عن حياة اليهود بقدر ما ذكر أهوال الحروب والحملات ضدهم وتوابعها عليهم.

وأعتمد المؤلف على المخطوطات parchments، أو رسائل على ورق البردي، وعلى قطع فخارية أثرية اكتُشفت في القرن الماضي ضمن حملات بتمويل حكومي ضخم لبعثات أثرية بريطانية وأميركية وفرنسية تسمى «Fact finding expenditures»، أي «بعثات البحث عن الحقيقة». وكذلك على وثائق تروي قصص ناس عاديين من عقود زواج أو ملفات دعاوى قضائية، بالإضافة إلى مؤلفات المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيو.