تأسس «حزب الله» بمبادرة إيرانية بعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت في عام 1982، وعرف انطلاقته الأولى في منطقة البقاع قبل أن يتوسع إلى مناطق لبنانية أخرى، خصوصاً جنوب البلاد والضاحية الجنوبية لبيروت.
وبنى الحزب، الذي يؤكد أن مرجعيته هي «ولاية الفقيه»، عقيدته السياسية على أساس مقاومة إسرائيل. وكانت إحدى أولى أبرز العمليات التي نسبت إليه، تفجير مقريْ القوات الأميركية والفرنسية في أكتوبر (تشرين الأول) 1983 في بيروت، الذي أسفر عن مقتل 300 عنصر من هذه القوات، وفي وقت لاحق عن انسحاب هذه القوات من لبنان؛ بحسب تقرير يوثق لمسار الحزب نشرته وكالة الصحافة الفرنسية، أمس.
وخاض «حزب الله»، الذي يتلقى المال والسلاح من طهران وتسهل سوريا نقل أسلحته وذخائره، حرباً ضد إسرائيل في عام 2006 اندلعت إثر خطفه جنديين بالقرب من الحدود مع لبنان. وتسببت الحرب في مقتل 1200 شخص في لبنان؛ معظمهم مدنيون، و160 إسرائيلياً غالبيتهم عسكريون. وانتهت بصدور القرار الدولي رقم «1701» الذي أرسى وقفاً للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله»، وعزز انتشار قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان. وبموجبه، انتشر الجيش اللبناني للمرة الأولى منذ عقود على الحدود مع إسرائيل بهدف منع أي وجود عسكري «غير شرعي» عليها.
وتتهم أجهزة استخبارات غربية «حزب الله» بالتورط خلال الثمانينات في عمليات خطف كثيرة طالت غربيين في لبنان. وتتهمه بلغاريا بالتورط في التفجير الذي استهدف حافلة تقل إسرائيليين في يوليو (تموز) 2012 على أرضها.
ورفض «حزب الله» بعد انتهاء الحرب اللبنانية (1975 - 1990) التخلي عن أسلحته كما فعلت الميليشيات اللبنانية الأخرى، بحجة مقاومة إسرائيل. ويأخذ خصوم الحزب عليه أنه يستخدم السلاح للضغط على الحياة السياسية اللبنانية والتحكم بالقرار. ولدى «حزب الله» حاليا ترسانة ضخمة، وإن كان لا يُعرف حجمها. وقال أمينه العام حسن نصرالله في مناسبات عدة إن حزبه بات يمتلك أسلحة وصواريخ متطورة عدة قادرة على الوصول إلى عمق إسرائيل.
وفي 20 سبتمبر (أيلول) عام 2018، أعلن الأمين العام لـ«حزب الله» أن «المقاومة باتت تملك من الصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة ومن الإمكانيات التسليحية ما يسمح لها، إذا فرضت إسرائيل على لبنان حرباً أن تواجه مصيراً وواقعاً لم تتوقعه في يوم من الأيام».
في عام 2013، كشف «حزب الله» بشكل علني عن مشاركته في النزاع في سوريا المجاورة إلى جانب قوات النظام. وانقسم لبنان بحدة حول تدخله في سوريا الذي ساهم على مر السنوات في تغيير المعادلة الميدانية لصالح النظام، وفي إفقاد الحزب بعضا من هالته في العالم العربي. ويتراوح عدد مقاتليه في سوريا، بحسب خبراء، بين 5 آلاف و8 آلاف. وشارك في معارك بارزة؛ أهمها ضد مقاتلي المعارضة في ريف حمص (وسط سوريا) في 2013 بهدف تأمين الحدود اللبنانية - السورية، وضد الفصائل المعارضة في مدينة حلب (شمال سوريا). وفي سبتمبر 2018، أعلن «حزب الله» أن مقاتليه باقون في سوريا «حتى إشعار آخر».
في العراق، شارك مقاتلون من «حزب الله» خلال السنوات الماضية إلى جانب «الحشد الشعبي» في معارك ضد «داعش». وبعد خسارة التنظيم، أعلن الحزب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 استعداده لسحب «أعداد كبيرة» من قادته وكوادره من العراق.
في اليمن، يتهم «حزب الله» بدعم الحوثيين الذين تشن حملة عسكرية ضدهم.
شارك «حزب الله» في الحكومة اللبنانية للمرة الأولى في 2005، وعزز حضوره على الساحة السياسية منذ ذلك الوقت. وفي مايو (أيار) 2008، تطورت أزمة سياسية في لبنان إلى معارك في الشارع بين «حزب الله» والأكثرية النيابية في ذلك الحين بزعامة سعد الحريري. وسيطر خلالها «حزب الله» لأيام عدة على القسم الأكبر من الشطر الغربي لبيروت. وتلت هذه الأحداث تسوية تم التوصل إليها في الدوحة.
في عام 2016، قامت تسوية جديدة بين الأفرقاء اللبنانيين بعد سنتين من الفراغ في منصب رئاسة الجمهورية، أوصلت ميشال عون، حليف «حزب الله»، إلى سدة الرئاسة، والحريري إلى رئاسة الحكومة.
وبعد إرجاء للانتخابات النيابية منذ عام 2009 نتيجة التوترات السياسية، حصلت انتخابات تشريعية في مايو 2018 في لبنان بوصفها إحدى نتائج هذا التوافق الهش، عزز خلالها «حزب الله» وحلفاؤه، إلى حد بعيد، كتلهم في مجلس النواب. وكُلِّف الحريري بعد الانتخابات تشكيل حكومة، لكنه لم ينجح في ذلك بعد نحو 7 أشهر من التكليف، في وقت يسعى فيه «حزب الله» إلى تكريس قوته المتنامية سياسيا بتشكيلة حكومية لصالحه.
تصنف الولايات المتحدة «حزب الله» «منظمة إرهابية»، في عام 2013، ووضع الاتحاد الأوروبي ما سماه «الجناح العسكري» لـ«حزب الله» على لائحته لـ«المنظمات الإرهابية». وأعلنت وزارة العدل الأميركية في يناير (كانون الثاني) 2018 إنشاء وحدة خاصة للتحقيق «حول تمويل (حزب الله) والاتجار بالمخدرات». وتفرض واشنطن عقوبات على عدد من قادة الحزب.
و«حزب الله» متهم أيضا من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بالتورط في قتل رفيق الحريري في عملية تفجير استهدفت موكبه في عام 2005. وينفي «حزب الله» ذلك، متحدثا عن «مؤامرة».
«حزب الله» من مواجهة إسرائيل إلى الضغط على الحياة السياسية اللبنانية
يتلقى المال والسلاح من طهران وتسهل سوريا نقل أسلحته وذخائره
«حزب الله» من مواجهة إسرائيل إلى الضغط على الحياة السياسية اللبنانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة