أناقة الصيف.. تلعب على التصميم الدقيق والتفاصيل الجريئة

الموضة الرجالية لا تطلب مخاصمة الكلاسيكية بل التفتح على التغيير

أناقة الصيف.. تلعب على التصميم الدقيق والتفاصيل الجريئة
TT

أناقة الصيف.. تلعب على التصميم الدقيق والتفاصيل الجريئة

أناقة الصيف.. تلعب على التصميم الدقيق والتفاصيل الجريئة

ارتفاع درجات الصيف لا تعني أنه عليك مخاصمة البدلات المفصلة عموما والسترة خصوصا، بل فقط إعادة النظر في أقمشتها وألوانها وقصاتها إلى حد ما. وتأكد أن معظم المصممين ليس لهم من طموح هذه الأيام سوى كسب ودك بطرح خيارات متنوعة تخاطب الصيف، بعضها من دون تبطين وبعضها الآخر بتصاميم غير رسمية استوحوها من أجواء الريفيرا، تزيدها التفاصيل المبتكرة حيوية وانطلاقا.
وعندما يتعلق الأمر بأسلوب الريفيرا، فلا أحد يختلف بأن الرجل الإيطالي أكثر من يتقنه ويروج له. سره يكمن في أنه يفهم تماما أهمية التفاصيل، سواء لبس سترة «بلايزر» مع «تي - شيرت» وبنطلون جينز، أو أضاف إليها منديل جيب أو إيشارب يلفه حول عنقه ليتحاشى به حرارة الشمس والتعرق. فالمظهر الأنيق جزء من ثقافته، وسترة البلايزر جزء من هذه الثقافة في كل المواسم، رغم أنها ولدت بالأساس في بريطانيا، في القرن الـ18. المشكلة فيها هنا أنها تمسكت بالكلاسيكية ولم تقدر أن تخفف منها سوى في السنوات الماضية على يد بيوت أزياء مثل بول سميث و«هاكيت» وبعد دخول بعض خياطي سافيل رو مجال الموضة.
قد يقول البعض إن الصيف يعني أزياء «كاجوال» ومنطلقة، ولا يتحمل البدلات أو السترات المفصلة، لكن ما أثبته الرجل الإيطالي أنه لا يتفق مع هذا الرأي. فهو لا يتردد في ارتدائها في عز الصيف بشكل واثق ومقنع. كل ما يقوم به أنه يطوع هذه القطع لكي تناسبه وتنعشه، سواء باختيارها بأقمشة منعشة أو بألوان فاتحة أو قصات مريحة لا تتنازل عن الأناقة. ما يساعده أن عدد بيوت الأزياء الإيطالية المتخصصة في الأزياء الرجالية كبير، مما يطرح أمامه خيارات كثيرة، إلا أن المسألة هنا لا تتعلق بالموضة بقدر ما تتعلق بالأسلوب الخاص، الذي يطوره من جيل إلى آخر، وفي كل مرة يزيد حداثة وحيوية وثقة. في الماضي، كان فيلم «لا دولتشي فيتا»، ولا يزال بالنسبة للبعض، هو الصورة الراسخة في الأذهان عن الأناقة الإيطالية والعيش الرغيد، وكان النجم مارشيلو ماسترياني هو ممثل هذا الأسلوب ببدلات مصممة على المقاس، يظهر فيها مثل الطاووس الذي يريد كل رجال العالم أن يتشبهوا به. لكن قد تكون تلك الصورة غير مناسبة لإيقاع حياة رجل شاب، يتعامل مع الموضة بشكل مختلف، الأمر الذي ظهر جليا في معرض «بيتي أومو» أخيرا، بإيقاعه الجديد.
«بيتي أومو» لمن لا يعرفه هو أهم معارض الأزياء الرجالية في العالم. هو أيضا أقدم من عروض ميلانو وباريس، ما يجعله البوصلة التي تحدد مسار الموضة وتوجهاتها إلى حد كبير. هذه البوصلة تشير إلى أن الأسلوب زاد عصرية وحيوية مع جرعة زائدة من التأنق من حيث معانقة الألوان المتوهجة والقصات الضيقة والبنطلونات القصيرة التي تظهر جزءا من الكاحل لكي تبرز جمال الحذاء، علما أنه من النادر أن تجد شابا إيطاليا يلبس شورتا قصيرا رغم أن الموضة تقول بأنه قطعة صيفية أساسية. فهو لا يزال يؤمن بأنها قطعة خاصة بالبحر ولا مكان لها في وسط المدينة إلا في حالة واحدة أن يلعب على بعض التناقضات لكي يرتقي بالـ«شورت» بتنسيقه مع سترة مفصلة على الجسم ومنديل جيب مثلا. أما المظهر الذي تسلطن في «بيتي أومو» سواء على منصات العرض أو خارج قاعات العرض حسبما أظهرت صور الحضور، فهو البنطلون المريح، منسدلا كان أو ضيقا، مثنيا من أسفل في حال لم يكن قصيرا، ينسقه مع «تي - شيرت» وبلايزر يزينه منديل جيب بلون ساطع أو نقوشات واضحة. وحتى يحافظ على انتعاشه في كل الأوقات، يختار أنواع الأقمشة بدقة عالية، مثل النسيج القطني الذي أصبحت الكثير من الشركات وبيوت الأزياء يدخلونه في صناعة بدلاتهم حاليا، بدءا من «دولتشي آند غابانا» وجيورجيو أرماني وسالفاتوري فيراغامو، إلى زيغنا وكانالي وغيرهم. كل هؤلاء أيضا تبنوا الألوان الفاتحة وقمصان قطنية بياقات مبتكرة لا تتطلب ربطات عنق دائما، وكنزات من الحرير المخلوط. ورغم أن أجواء الريفيرا كانت على بال كثير منهم عندما قدموا اقتراحاتهم لهذا الصيف، إلا أن الموضة لا تقيد نفسها بأي خريطة جغرافية، مما يجعل هذه التصاميم مناسبة لأي مكان من بورتوفينو إلى ميامي ولأي رجل بغض النظر عن جنسيته ما دامت الأناقة هي مبتغاه.
الجميل في «البلايزر» بشكله الحالي أنه يتمتع بكثير من المزايا على رأسها أنه يمنح إطلالات متنوعة ومتجددة في كل مرة، إلى درجة أن البعض يعتبره من الأساسيات وأحد أركان خزانة الرجل، أيا كان أسلوبه. فمع بعض التنسيق يمكن أن يعطي إطلالة كلاسيكية أو «سبور». ويلعب اللون والقماش ونوع الأزرار دورا في تحديد شكل هذه الإطلالات. تصور نفسك مثلا في بلايزر، بأي لون، مع قميص وربطة عنق عريضة ومنديل جيب، ثم تصور أنك تلبسه مع كنزة من الحرير المخلوط بياقة مستديرة وبنطلون من الكتان وحذاء «لوفر» أو صندل مفتوح. الإطلالتان مختلفتان تماما: الأولى أنيقة مع بعض الكلاسيكية، والثانية منطلقة وشبابية للغاية.
ما يعترف به كثير من المصممين أن تطويره بشكل جذري، من الأمور الصعبة كما هو الحال بالنسبة لمعظم القطع الرجالية، لكنه يتيح فرصة الابتكار في التفاصيل، مثل تحديد خصره وأكتافه، وأيضا بإطلاق العنان للألوان، التي يلاحظ أنها ترفض أن تبقى حيادية واصطبغت بألوان الطبيعة مثل الأحمر والأزرق والأخضر والأبيض. في هذا الصيف هي من الألوان الدارجة والعصرية، التي تناسب كل الأعمار والأذواق حسب درجاتها.

* اللون الأحمر

* يناسب شابا واثقا من نفسه ويريد التميز عن غيره. في حال تم اختيار الدرجة المناسبة فإنه يبدو أنيقا في كل مناسبات النهار، بل وحتى بعض المناسبات المسائية الخاصة. درجاته متنوعة تتباين بين القاني والتوتي والوردي الفاتح، وكلما كان داكنا مال إلى الكلاسيكية أكثر، خصوصا إذا جرى تنسيقه مع بنطلون مستقيم من التويد في الشتاء أو مع بنطلون قطني أو جينز أبيض، في الصيف. المهم أن تكون باقي التفاصيل بسيطة وبألوان حيادية.

* اللون الأبيض

* رغم هدوئه فإن تأثيره قوي جدا، خصوصا وأنه تطور في السنوات الأخيرة وأصبح أكثر حداثة وأناقة بفضل خاماته، وبفضل فيلم «ذي غرايت غاتسبي» الذي روج لإطلالة الأبيض من الرأس إلى أخمص القدمين. ورغم أنها إطلالة أنيقة إلا أنه من الصعب على الكل إتقانها، وبالتالي فإن الاكتفاء ببلايزر أبيض يبقى مضمونا أكثر، كما يمكن استعماله لعدة مواسم وفي كل المناسبات، بما في ذلك المكتب أو السهرات. للمناسبات المهمة في الصيف، يمكن ارتداؤه من الرأس إلى أخمص القدمين وإضافة صديري وربطة عنق عريضة لإكسابه المزيد من الأناقة الكلاسيكية. أما للنهار، فيمكن تنسيقه مع قميص سماوي اللون وبنطلون مستقيم باللون الأزرق الداكن وحذاء لوفر باللون الأزرق أو البني الغامق. كما يمكن استبدال القميص بـ«تي - شيرت» إذا كانت المناسبة مجرد نزهة على البحر.

* اللون الأزرق

* قد يكون الأكثر كلاسيكية خصوصا الداكن منه، لكننا نتكلم هنا عن الدرجة الفاتحة التي تعتبر مثالية بالنسبة لأي رجل يريد أن يدخل عالم الألوان، لكنه لا يزال متخوفا ولا يريد أن يثير الكثير من الانتباه. بكل درجاته، بما في ذلك السماوي المائل إلى الرمادي، يعتبر الحل الوسط، لأنه جريء وقوي من دون أن يكون استعراضيا، وبالتالي يضمن التميز الإيجابي. يمكن ارتداؤه مع ألوان داكنة للتخفيف منه أو تنسيقه مع بنطلون جينز أبيض أو بيج وصندل لمظهر شبابي.

* اللون الأخضر

* رغم أنه نادرا ما يستعمل في الأزياء الرجالية إلا أن الأخضر من الألوان الدارجة هذا الموسم، وأثبت أنه التي يمكن تنسيقه مع كثير من الأزياء والحصول على مظهر متجدد وجديد في كل مرة. ظهر في كثير من عروض الأزياء مثل سالفاتوري فيراغامو، وجيورجيو أرماني كما كان الغالب في عرض «بيربيري برورسم» تحديدا، لهذا يستحق أن تستثمر فيه هذا الموسم من خلال سترة بدرجة غامقة للاستفادة منها طوال العام، وليس في الصيف وحده. هذا لا يعني أنه عليك تجنب الدرجات الأخرى، لأنها تتميز بالرجولة حتى عندما تكون فاتحة. على الأقل فهي أضمن وأسهل من الأصفر الساطع والوردي بكثير. مثل باقي الألوان، ينصح أن تكون باقي الأزياء والإكسسوارات بألوان هادئة وطبيعية مثل الأزرق الغامق أو الأخضر الكاكي أو الكحلي. جرب تنسيقه مع كنزة خفيفة بياقة مستديرة وبنطلون مستقيم وصندل مفتوح أو حذاء موكاسان لمظهر شبابي.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.