برنامج «أتألق» يطلق خيال الشابات والشبان السعوديين نحو العلوم والفضاء

من مبادرات «إثراء الشباب» التي ينفذها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي التابع لـ«أرامكو»

طلاب سعوديون خلال مشاركتهم في برنامج «أتألق»
طلاب سعوديون خلال مشاركتهم في برنامج «أتألق»
TT

برنامج «أتألق» يطلق خيال الشابات والشبان السعوديين نحو العلوم والفضاء

طلاب سعوديون خلال مشاركتهم في برنامج «أتألق»
طلاب سعوديون خلال مشاركتهم في برنامج «أتألق»

حقق برنامج «أتألق - iSpark»، وهو واحد من عدة مشاريع تشكل معا مبادرة «إثراء الشباب» التي ينفذها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي التابع لشركة أرامكو السعودية. نجاحا كبيرا وإقبالا مشهودا على مستوى المدارس السعودية.
ويعمل برنامج «أتألق» عبر شراكة بين المركز وكل من وزارة التربية والتعليم وشركة «تطوير» للخدمات التعليمية. وقد صُممت المحتويات العلمية التي يقدمها البرنامج بالتعاون مع قاعة «لورانس» للعلوم التابعة لجامعة كاليفورنيا بيركلي.
ويهدف هذا البرنامج لإلهام طلاب وطالبات الأقسام العلمية بالمدارس، من خلال تقديم عشرين ساعة تعليمية طوال أسبوع واحد وخلال الدوام المدرسي. وتقوم فكرة البرنامج على اختيار مجموعة من المدارس بمناطق المملكة المتفرقة، ومن ثم إرسال نخبة من الشباب والشابات السعوديين والمؤهلين ليكونوا بمثابة «مدربين» أو محاضرين للطلبة والطالبات في مرحلتي الثالث المتوسط والأول الثانوي من كل مدرسة مختارة، يقدمون لهم مواد مقرر «أتألق» العلمية.
وتنتمي هذه المواد لمسارات علمية وتقنية مختلفة تمزج النظرية بالتجريب. وتهدف لكشف أسرار العلوم التطبيقية للتلاميذ الغارقين ابتداء بين صفحات الكتب الدراسية الجامدة. المسارات المقدمة للمرحلة المتوسطة تشمل: طبيعة الضوء، الطاقة البديلة، وتوليد الطاقة، وعالم الروبوت، والضوء والنجوم.
كما يمارس الطلاب تجارب عن خصائص الضوء وكيفية استخدامها في دراسة السماء ليلا من خلال استخدام أحدث التقنيات التي تجمع وتحلل المعلومات المتعلقة بأنواع الضوء المختلفة ومن ثم الانتفاع من هذه المعلومات في تمارين تحليلية.
واعتبر الدكتور خالد اليحيا المسؤول عن مبادرة «إثراء الشباب» أن هذه المبادرة «تنطلق من توجهات مركز الملك عبد العزيز الثقافي التابع لأرامكو السعودية في تمكين الشباب السعودي وتقريبه من العلوم النظرية الجافة لجعلها في متناوله». ورأى أن برنامج «أتألق» الموجه للمدارس هو «وسيلة رئيسة في سبيل نقل هذه التجربة إلى الطلاب ودفعهم إلى ملامسة العلوم ونقلها من النظري إلى العملي التطبيقي ما يؤسس لمجتمع معرفي مستقبلي يرفع المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة علميا وتعليميا».
ومن المفاهيم التي يتطرق لها البرنامج دراسة معاني ألوان ودرجة سطوع النجوم، وتعلم كيفية استخدام أدوات فلكية لمناقشة ظاهرة (السوبرنوفا - Supernova) النجمية.
أما تحدي «المدينة المثالية» فيتيح للطلاب تطبيق واستخدام كافة مهارات برمجة الروبوت وحل سلسلة من المشكلات البيئية ومواجهة التحديات المتعلقة بالطاقة المتجددة.
وتعتبر هذه الدورة مدخلا إلى عالم المستقبل والتكنولوجيا من خلال بناء مدينة صديقة للبيئة بالاستعانة بمجموعة من الروبوتات التي تتم برمجتها وتزويدها بالأوامر للانتقال من نقطة إلى أخرى.
أما المسارات المقدمة للمرحلة الثانوية فتنحو منحى بيولوجيا أكثر بتطرقها لمواضيع كشف شفرة الحياة وعلوم الوراثة. هناك أيضا مسار اسمه «جسور» يسلط الضوء على أسرار العالم الهندسي الذي يعيش الطلاب فيه، من المباني الشاهقة والطرق والجسور من أجل معرفة السر خلف تصميمها وما يجعلها قادرة على الصمود لعقود طويلة من الزمن أو خلال الأزمات البيئية كالزلازل والانهيارات الأرضية. ويعيش المشاركون في هذه الدورة في عالم هندسة التراكيب المدهشة في أجواء حماسية ومثيرة حيث يقومون ببناء مجموعة من الهياكل واختبارها باستخدام معدات متطورة وبرامج حاسوبية لتحليل الكيفية الأنسب للهيكلة والتحسين عليها في جو مفعم بالإبداع والابتكار.
وخلال أسبوع فعاليات «أتألق»، يبقى المدربون مع مجموعة من الطلاب لمدة أسبوع دراسي كامل يبدأ يوم الأحد باختيار خمسين طالبا وطالبة يجري توزيعهم على فترتين، من السابعة إلى العاشرة صباحا ومن العاشرة والنصف إلى موعد الانصراف، لتختتم الفعالية بحفل تكريمي يوم الخميس من الأسبوع ذاته.
ويقول طلاب وطالبات شاركوا في البرنامج، إن أكثر ما يميز تجربة «أتألق» كان «الابتعاد عن أسلوب التلقين وممارسة التعلم عن طريق اللعب والاكتشاف وتدعيم الرابطة الشخصية بين المعلم والمتلقي، والتطرق لمواضيع جديدة تماما تخرج بالمقرر الرسمي عن رتابته». نتج عن ذلك إعادة اكتشاف التلاميذ لمدارسهم واستكشاف التسلية المخبوءة في عملية التعلم والإقبال على اليوم الدراسي المطعم بفعاليات «أتألق» على نحو لم يسبق له مثيل.
وفي تعليقه على البرنامج، بعد أن أكمل دورة فيه، يقول الطالب عمار الصويان من مدرسة عثمان بن عفان بالقصيم: «أول دورة أدخل فيها وأجد الحماس فيها». في حين كتبت لطيفة السبيعي، على صفحة التواصل الاجتماعي للبرنامج: «البرنامج أكثر من رائع. استفدت أشياء كثيرة لم نكن نعرفها من قبل ولم تمر علينا في منهاجنا. تعلمنا الهندسة كنا نظن الهندسة شيئا صعبا لكنها سهلة جدا. نتمنى أن هذا البرنامج يستمر لكي يستفيد منه كل الناس»
وتجد وزارة التربية والتعليم في الشراكة مع أرامكو السعودية عبر مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي وسيلة لتحقيق حلمها بجعل المراحل الدراسية العليا بوابة حقيقية لاستيعاب وتحديد طموح التخصص المستقبلي لدى التلاميذ الواعدين.
وقد اشترك في ورش برنامج أتألق أكثر من 8000 طالب وطالبة في العام الدراسي المنصرم، وعشرة آلاف وخمسمائة طالب وطالبة خلال الفصل الدراسي الحالي منذ شهر سبتمبر (أيلول) 2013.
وحاليا يستهدف مدارس في المنطقة الشرقية هي: الدمام والخبر والظهران ورأس تنورة ورحيمة والجبيل، وفي منطقة القصيم، في مدارس: بريدة وعنيزة والبكيرية والرس، بالإضافة إلى المنطقة الغربية من خلال مدارس: مكة المكرمة والطائف والمدينة المنورة.
ويطمح للوصول 50 ألف طالب وطالبة معتمدا على نجاحه الباهر العام المنصرم وفلسفته التي تتمحور حول تعزيز العلاقة العاطفية بين الطلاب والمواد العلمية والرياضية.
ويسعى البرنامج لتحفيز الطلاب وإطلاق خيالهم نحو آفاق الإبداع والاختراع والثقة بالنفس، تناغما مع مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم العام وطموح المملكة للانتقال إلى مجتمع معرفة مبدع خلال العشر سنوات المقبلة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».