دبي تزيد من وتيرة استكشاف المستقبل عبر 6 مبادرات

تتضمن «منطقة 2071» ومبادرة دبي «أكس 10»

خلفان بالهول الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل خلال اللقاء («الشرق الأوسط»)
خلفان بالهول الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل خلال اللقاء («الشرق الأوسط»)
TT

دبي تزيد من وتيرة استكشاف المستقبل عبر 6 مبادرات

خلفان بالهول الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل خلال اللقاء («الشرق الأوسط»)
خلفان بالهول الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل خلال اللقاء («الشرق الأوسط»)

رفعت دبي من وتيرة أعمالها المختلفة فيما يتعلق بالمستقبل، وذلك من خلال 6 مبادرات متنوعة تتبناها الإمارة الخليجية، وذلك ضمن مساعيها لدراسة التحديات والفرص التي تواجهها في الفترة المقبلة.
وقال خلفان بالهول، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل، إنّ المبادرات تتمثل في «منطقة 2071»، ومبادرة دبي «أكس 10»، والقيادة الفكرية، ومنصة «حوارات دبي المستقبل»، ومركز محمد بن راشد لأبحاث المستقبل، إضافة إلى أكاديمية دبي المستقبل.
وقال بالهول إنّ أجندة دبي المستقبلية تهدف إلى الاضطلاع بدور أساسي في استشراف مستقبل القطاعات الاستراتيجية على المديين المتوسط والطويل، بالشراكة مع القطاعين العام والخاص، وبالتعاون مع مجموعة كبيرة من المؤسسات العالمية المعنيّة بعلوم المستقبل وإنتاج الصيغ والحلول المبتكرة؛ لمواجهة التحديات، سواء الراهنة أم المحتملة.
وأوضح قائلاً: «إن المؤسسة بادرت بإطلاق مجموعة من المنصات والمشروعات التي تركز على صناعة المستقبل ودعم جهود مختلف الهيئات والجهات الرّاغبة في استكشاف أبعاد وسبل جديدة لتطوير الأداء والمخرجات عبر تحفيز عملية الابتكار وتطبيق حلول جديدة في شتى مناحي العمل؛ حيث تركز المؤسسة على التخصصات والمجالات المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة بوصفها الأقدر على رفع تنافسية القطاعات المختلفة عبر رفدها بالآليات والوسائل المعتمدة على الأسس العلمية».
وجاء لقاء الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل خلال «جلسة مع مسؤول»، التي عقدها المكتب الإعلامي لحكومة دبي ضمن سلسلة اللقاءات التي ينظمها المكتب.
وتُعد «مسرعات دبي للمستقبل» من أوائل المنصات التي أطلقتها المؤسسة للربط بين كبرى شركات الابتكار على مستوى العالم وقادة المؤسسات الحكومية ورواد الأعمال في دبي؛ لتحقيق جملة من الأهداف، بغية التوصل إلى حلول مبتكرة لاقتناص الفرص المواتية ومجابهة التحديات الملحّة ضمن القطاعات الرئيسة كافة، باستخدام تقنيات مبتكرة، مثل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وعلم الجينوم، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والحسابات المالية، ومحاكاة الطبيعة، والتكنولوجيا الحيوية.
وعن أسباب تأسيس «منطقة 2071»، أكّد خلفان بالهول أنّها تشكل بوابة عبور إلى الغد ومنصة لتطبيق نموذج الإمارات لتصميم المستقبل، وتجسد أهداف «مئوية الإمارات 2071» التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لتشكّل برنامج عمل حكومياً طويل الأمد استُلهمت ملامحه من محاضرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لأجيال المستقبل.
وتُعد «منطقة 2071» مختبراً مفتوحاً للتّعلم وتطوير الأفكار والتجارب وتصميم المستقبل، فضلاً عن كونها مساحة لاختبار وتوفير الحلول المبتكرة للجهات في القطاعين الحكومي والخاص، فيما أوضح أنّ المشروعات المستقبلية التي أطلقتها المؤسسة حققت مردوداً طيباً ستُجنى ثماره خلال المرحلة المقبلة.
وتناول خلفان جمعه بالهول دور المؤسسة في إثراء الأنشطة الفكرية المتعلقة بعلوم المستقبل وتقنياته، موضحاً أنّ «متحف المستقبل» سيسهم في تعزيز مكانة دبي بين أوائل المراكز الإقليمية والعالمية لتطوير تكنولوجيا المستقبل.
كما تطرّق الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل خلال اللقاء إلى منصة «حوارات المستقبل» التي أطلقتها المؤسسة مطلع العام الحالي في ذات السياق المعني بصقل العنصر البشري، وأوضح أنّها مبادرة معرفية مخصصة للإسهام في بناء قدرات أفراد المجتمع وحثهم على المشاركة في صناعة المستقبل عبر استعراض قصص النجاح الملهمة لباقة من رواد الأعمال والمفكرين.
وأوضح خلفان بالهول أنّ المؤسسة أطلقت منصات معرفية وبحثية تقدم للمعنيين بعلوم المستقبل من الأفراد والمؤسسات خدمات وإضافات نوعية متقدمة، يأتي في طليعتها «مركز محمد بن راشد لأبحاث المستقبل»، بهدف تقديم سلسلة متكاملة من الخدمات الاستشارية والتقارير المتخصصة حول الاتجاهات المستقبلية في التكنولوجيا والعلوم والجغرافيا السياسية والمجتمع.
ولفت إلى أنّ إطلاق «أكاديمية دبي للمستقبل» يتكامل مع دور المركز البحثي، إذ توفر الأكاديمية سياقاً تعليمياً وتدريبياً متكاملاً حول علوم المستقبل بغية دعم قدرات الشركاء في القطاعين الحكومي والخاص على اتخاذ القرارات وتخطيط الاستراتيجيات ورسم السيناريوهات المستقبلية عبر برامج تعليمية وتدريبية قائمة على أسس علمية ومعايير عالمية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».