النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية تعقد مؤتمرها الوطني السابع

تحت شعار «ربع قرن من الفعل... ونستمر»

TT

النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية تعقد مؤتمرها الوطني السابع

تحت شعار «ربع قرن من الفعل... ونستمر»، تعقد النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية مؤتمرها الوطني السابع، وذلك ما بين 21 و23 من الشهر الحالي، في مدينة المضيق.
وأوضحت النقابة أنّ هذا المؤتمر، يأتي «بعد استكمال ورشات تجديد وإعادة الهيكلة الذي انخرطت فيه النقابة على إثر مقررات المؤتمر الوطني الاستثنائي سنة 2016، حيث غيرت النقابة اسمها وهياكلها ليسع حضنها كل المهن المرتبطة بالفنون الدرامية من فنانين وتقنيين وإداريين في مجالات المسرح والسينما والدراما التلفزيونية والرقص وفنون السيرك وفرجات الشارع والتنشيط. كما جرى تفعيل وتأهيل الشعب المهنية داخل هياكل قطاعية، وترسيخ مفهوم الجهوية واللامركزية في التنظيم الداخلي».
واعتبرت النقابة أن هذا المؤتمر سيشكل «محطة جديدة ومتجددة في المسار النضالي للنقابة بعد ربع قرن من الحضور الفعلي والدفاع المستميت عن حقوق مهنيي فنون الدراما وكرامتهم. وبعد 25 سنة من المكتسبات والإنجازات التي دشنها الرواد المؤسسون وكرسها الجيل اللاحق من الفنانات والفنانين».
وأكدت أنّ هذه المحطة «ستكون فيها فضاءات المؤتمر منفتحة على أسئلة جديدة انطلاقا من الحاجيات الجديدة التي تبسطها الساحة المهنية في مجالات اشتغال النقابة على مستوى السياسات الثقافية في القطاع، والعلاقات الشغلية، والمفاوضات الجماعية، والحدود الدنيا للأجور، والعقود النموذجية، وحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، ووضعية المرأة الفنانة، وتنزيل مقتضيات قانون الفنان والمهن الفنية، والشراكات الدولية، ومشروع برنامج تعزيز القدرات المهنية والنقابية، ووضعية الفنانين والمهنيين الرواد، وكذا خيارات وتوجهات النقابة فيما يخص الملف الاجتماعي للمهنيين والآفاق القانونية التي سترافع عنها النقابة في تنظيم الحياة المهنية للقطاع بناء على احترام الحريات الجماعية والفردية والحريات النقابية، وآفاق خلق آليات قانونية ومؤسساتية للتدبير الذاتي للمهنة، قصد صياغة جيل جديد من المطالب والترافعات والاقتراحات بشكل مغاير يراعي خصوصية المجال الفني والثّقافي ويساهم في تأسيس صناعة ثقافية وطنية فاعلة في محيطها الاجتماعي والاقتصادي والبيئي ومستندة على الحقوق الدستورية المرتبطة بتعزيز التنوع الثقافي والعدالة المجالية وحق ولوج المواطنات والمواطنين لخدمات ثقافية تساهم في تعضيد الهوية الوطنية متعددة الروافد، وفي تجويد نمط العيش، حيث سيجد المؤتمرون أمامهم، فضلا عن التقارير المعتادة، وميثاق الشّرف الذي ينتصر لأخلاقيات المهنة، وثيقة مهمة وأساسية عبارة عن خريطة طريق جديدة ومغايرة بمثابة مقرر توجيهي واستراتيجي يختزل تصورات ومبادئ ومحاور العمل للمرحلة المقبلة».
ومن المنتظر أن يشارك في هذا المؤتمر نحو 200 مؤتمرة ومؤتمر، انتدبوا من الجموع العامة لـ18 فرعاً إقليميا من الجهات الـ12 للمملكة، مع مشاركة ضيوف من الفنانين والمبدعين والإعلاميين وممثلي مكونات المجتمع المدني، وشخصيات عمومية. كما وجهت الدعوة إلى كثير من النقابات الأجنبية الصديقة، كنقابة فناني الأداء بفرنسا، ونقابة المهن التمثيلية في مصر، ونقابة الفنانين في الأردن، وجمعية المسرحيين في الإمارات العربية المتحدة، ومنظمات أخرى من أوروبا وأفريقيا والعالم العربي، وممثلي بعض الهيئات والمؤسسات الرسمية والخاصة الشريكة والدّاعمة للنقابة.
كما سيجري بالمناسبة، تكريم النقباء الذين تعاقبوا على قيادة المنظمة منذ تأسيسها: سعد الله عزيز ومحمد قاوتي والحسن النفالي، وذلك «اعترافاً بالمجهود الذي بذلوه، في ظروف صعبة، من أجل ترسيخ العمل والوعي النقابيين في الوسط الفني المغربي»، و«تقديراً لكل العطاءات والنّجاحات التي حققتها النّقابة تحت قيادتهم».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».