برلمان مصر يرفض استباق نتائج التحقيقات في مقتل الشاب الإيطالي ريجيني

قال إن القاهرة صاحبة مصلحة في الكشف عن ملابسات الواقعة

برلمان مصر يرفض استباق نتائج التحقيقات في مقتل الشاب الإيطالي ريجيني
TT

برلمان مصر يرفض استباق نتائج التحقيقات في مقتل الشاب الإيطالي ريجيني

برلمان مصر يرفض استباق نتائج التحقيقات في مقتل الشاب الإيطالي ريجيني

أعرب مجلس النواب المصري (البرلمان) عن أسفه لما وصفه بـ«استباق مجلس النواب الإيطالي الأحداث حول نتائج التحقيقات» الخاصة بقضية مقتل باحث الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني في مصر. وقال البرلمان، في بيان له أمس، إنه «يؤكد التمسك بسيادة القانون، وعدم التأثير أو التدخل في عمل سلطات التحقيق، لا سيما أن الإجراءات الأحادية لا تحقق مصلحة البلدين، ولا تخدم جهود كشف الحقيقة، والوصول للعدالة (...) وأن الدولة المصرية هي صاحبة مصلحة أكيدة في الكشف عن ملابسات واقعة مقتل ريجيني، باعتبار أن الواقعة حدثت على أراضيها، وهو الأمر الذي أكدته على كل المستويات».
كان مجلس النواب الإيطالي قد أعلن، أول من أمس، على لسان رئيسه روبيرتو فيكو «تعليق العلاقات الدبلوماسية مع البرلمان المصري بسبب قضية ريجيني».
وسبق للوكالة الرسمية في إيطاليا (أنسا) أن ذكرت، أول من أمس، أن السلطات الإيطالية سوف توجه قريباً لائحة اتهام في قضية قتل ريجيني، مشيرة إلى أن مصادرها أكدت أنه بعد انتهاء الاجتماع العاشر مع المحققين المصريين، فإن قرار الاتهام سيضم ضباطاً من أجهزة أمنية بمصر، بعد أن تمكنت الشرطة الإيطالية من تحديدهم.
وكان المستشار نبيل صادق، النائب العام المصري، قد أكد، الأربعاء الماضي، خلال استقباله وفداً قضائياً من نيابة روما الإيطالية، أن «الطرفين المصري والإيطالي اتفقا على أن التحقيقات تسير على نحو جيد»، مشيراً إلى استمرار الوفدين في تبادل اللقاءات للكشف عن الجناة في واقعة مقتل ريجيني.
وقال البرلمان المصري، أمس، إنه «إذ يؤكد على العلاقات التاريخية القوية بين مصر وإيطاليا على المستويات كافة، فإنه يعبر عن استغرابه الشديد من صدور تلك التصريحات، وأسفه لهذا الموقف غير المبرر من جانب مجلس النواب الإيطالي، خصوصاً أنها تأتي عقب اجتماع مشترك بين النيابة العامة المصرية والنيابة العامة الإيطالية لاستكمال التعاون المشترك في التحقيقات المتعلقة بقضية ريجيني».
وتتعاون مصر وإيطاليا للكشف عن مرتكبي وقائع قتل الطالب ريجيني (28 عاماً)، الذي تردد أنه اختفى خارج إحدى محطات مترو الأنفاق بالقاهرة، عشية الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، ثم عثر على جثته وبها آثار تعذيب شديد، ورفضت مصر مراراً مزاعم تشير إلى احتمال تورط أجهزة أمنية في مقتله، فيما تواصل السلطات القضائية من الجانبين التحقيقات بشأن الواقعة.
وقد أدت قضية ريجيني إلى توتر العلاقات بين مصر وإيطاليا، حيث استدعت روما سفيرها من القاهرة، لكن أعيدت العلاقات بعد ذلك، وقالت روما إنها «قررت إعادة السفير، ومواصلة البحث عن قتلة ريجيني».
وعبر برلمان مصر عن تمسكه بمبدأ سيادة القانون، وضرورة الحرص على سير التحقيقات بنزاهة وحيادية، وعدم تسييس المسائل القانونية، مؤكداً أن ما صدر عن رئيس مجلس النواب الإيطالي تصرفاً أحادياً يمثل استباقاً للتحقيقات، ولا يخدم مصالح البلدين، ولا يسهم في الوصول إلى الحقيقة، وتحقيق العدالة، خصوصاً مع وجود تعاون تام ومتميز وغير مسبوق بين النيابتين المصرية والإيطالية، لافتاً إلى أنه يتمسك أيضاً باحترام سلطات التحقيق، ويشدد على أن التحقيقات يجب أن تأخذ مجراها، طبقاً لمبدأ سيادة القانون، دون تأثير أو تدخل في عمل سلطات التحقيق.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.