إيراني يفوز بلقب أفضل فوتوغرافي في مسابقة باريس العالمية للتصوير

محمد علي برنو: تسجيل اللحظات المريرة يحرك مشاعري.. ولم تمنعني من القيام بعمل محترف

من مجموعة «اللحظة الأخيرة» التي تتناول الدقائق العشر الأخيرة من حياة اثنين من المحكومين بالإعدام
من مجموعة «اللحظة الأخيرة» التي تتناول الدقائق العشر الأخيرة من حياة اثنين من المحكومين بالإعدام
TT

إيراني يفوز بلقب أفضل فوتوغرافي في مسابقة باريس العالمية للتصوير

من مجموعة «اللحظة الأخيرة» التي تتناول الدقائق العشر الأخيرة من حياة اثنين من المحكومين بالإعدام
من مجموعة «اللحظة الأخيرة» التي تتناول الدقائق العشر الأخيرة من حياة اثنين من المحكومين بالإعدام

حاز المصور الفوتوغرافي الإيراني محمد علي برنو على لقب أفضل مصور فوتوغرافي لعام 2014 في مسابقة باريس العالمية للتصوير (بي إكس 3)، ولكنه لم يتمكن من التوجه إلى فرنسا لتسلم الجائزة بسبب ضيق الوقت. وبدأ برنو فن التصوير الفوتوغرافي الرياضي في الصحافة الإيرانية عام 1998. وأخذ يصور مواضيع تحمل طابعا سياسيا واجتماعيا منذ 2003. وحاز برنو على جوائز محلية مختلفة، ويقول برنو إن «هذه الجائزة تُعدّ الأولى في المنافسات الدولية». وهي Prix de la Photographie، Paris وانطلقت هذه المسابقة بوصفها إحدى أهم منافسات التصوير الفوتوغرافي في أوروبا للمبتدئين والمحترفين منذ 2008. وتضم المسابقة فروعا كثيرة، منها الطبيعة، والصحافة، والفنون الجميلة، والبورتريه، والدعاية، والكتاب. ويجري الإعلان عن أسماء ثلاثة فائزين لكل فرع حيث ينال أحد الفائزين لقب «أفضل مصور فوتوغرافي للعام».
وحاز محمد علي برنو على لقب أفضل مصور فوتوغرافي لعام 2014 بسبب مجموعة «اللحظة الأخيرة» التي تتناول الدقائق العشرة الأخيرة من حياة اثنين من المحكومين بالإعدام.
قام المحكومان بالإعدام وشابان آخران بالهجوم على أحد المارة في إحدى شوارع طهران، وسرقوا حقيبته، واعتدوا بالسيف عليه. وبث التلفزيون الرسمي الإيراني فيلما عن هذه الواقعة التي جرى نشرها على موقع «يوتيوب»، مما مهد الرأي العام لتلقي خبر إصدار حكم الإعدام بحقهما. كما أن قضية إعدامهما أثارت انتقادات وجدلا في المجتمع الإيراني.
وقال محمد علي برنو إن مهنته تفرض عليه تسجيل الوقائع، وإنه لا يسعى إلى إثبات صحة الحكم من عدمه. وأضاف أن الطابع الاجتماعي الذي حملته مجموعة صوره بعنوان «اللحظة الأخيرة» أكثر أهمية له. وإلى نص الحوار:
* لقد قمت بتصوير مشاهد الإعدام في إيران، وهذه أثارت انتقادات دولية كثيرة؛ هل تعتقد أن فوزك جاء لأسباب سياسية؟
- أثيرت فرضيات وردود مختلفة بهذا الشأن، غير أنه من الواضح أن لجنة التحكيم في مسابقات الصور الفوتوغرافية لا تضم سياسيين. مارس معظم الأفراد في لجنة التحكيم مهنة التصوير للقنوات الإخبارية، أو قاموا بدور التحكيم في المهرجانات، والمسابقات. ويأخذ هؤلاء ميزات الصورة الفنية، أو الإخبارية بعين الاعتبار أكثر من القضايا السياسية، ولم يشوهوا سمعة المسابقات لأسباب سياسية أو إصدار أحكام خاصة على الصور. يجب على لجنة التحكيم الالتزام بجميع القوانين والمعايير الفنية الضرورية لاختيار اسم الفائز، حيث لا تتضمن المسائل السياسية هذه المعايير.
* بماذا كنت تفكر عند التقاط الصور؟ وهل كنت تفكر بمشاركتك في مسابقات الصور الفوتوغرافية؟
- أفكر دوما بتسجيل اللحظات والوقائع بأفضل طريقة ممكنة عند التقاط الصور، وأفكر في التقاط الصورة التالية.
* يوجد المصورون والصحافيون في لحظات الحرج والفرح، وعليهم أن يحاولوا إخفاء مشاعرهم. فكيف تعاملت مع هذا الوضع؟
- إن الوجود في اللحظات الخاصة جزء لا يتجزأ من مهنتي وحياتي، غير أنني كسائر الأشخاص قد أتأثر بالأحداث الحزينة والفرحة.
* إن السبب في فوزك بمسابقة الصور الفوتوغرافية هو الصور التي تحمل طابعا حزينا وسوداويا على غرار أحكام الإعدام. فما شعورك تجاه الأمر؟ لأن الكثير من الصور الفوتوغرافية التي تكتسب نجاحا في العالم هي التي تسجل المشاهد المريرة.
- أنا أشعر بالسعادة لأنني أحرزت نجاحا في تسجيل لحظة وحدث ما. أتأثر بمرارة الصور التي التقطتها، ولكنها لم تمنعني من ممارسة مهنتي بشكل محترف. نلاحظ لسنوات والصور الخبرية تسجل المشاهد الحزينة والأحداث المريرة، ولكن ما يهم هو أن مرارة الأحداث وضرورة تسجيلها أمران مختلفان. فلا يمكن تفادي تسجيل الحدث وعرضه، لأنه يبعث على الحزن. ولا يمكن تجاهل أمر مهم، وهو أن التقاط الصور لا ينبغي أن يمنعنا من أداء المهام الإنسانية وتقديم المساعدة إذا اقتضى الأمر.
* هل استخدمت كاميرا خاصة لالتقاط الصور؟ فهل يمكن التقاط صور جيدة من دون استخدام كاميرا جيدة؟
- لقد استخدمت الكاميرا التي كنت أستعملها دوما. لا يمثل التمتع بالكاميرا الجيدة كل شيء في فن التقاط الصور الفوتوغرافية، كما أننا نلاحظ وحتى في المسابقات العالمية لصور الفوتوغرافية خلال السنوات الأخيرة انتشار فن التقاط الصور، من خلال الهواتف الجوالة. إن عوامل عدة هي تقع على أهمية التمتع بالكاميرا الجيدة، وهي تحديد الأطر، والنور، وسرعة الاختيار للمواضيع، وأهمها التفكير قبل التقاط الصور.
* لم تشارك في حفل تقديم أفضل مصور للعام، أي المنافسة التي شاركت فيها.
- لا، للأسف.
* هل واجهت صعوبات في حضور الحفل؟
- لقد علمت بأمر الدعوة للمشاركة في الحفل قبل أربعة أيام من إقامته، وهي فترة غير كافية للحصول على التأشيرة والبت في إجراءات السفر.
* إن عدم مشاركتك في الحفل لحظة مريرة يجب على مصور ما أو صحافي ما تسجيلها. أليس كذلك؟
- يا ليت كان بالإمكان تسجيل المشاعر والخواطر.
* كيف ستتسلم جائزتك، وذلك نظرا إلى العقوبات التي تعرقل عملية نقل الأموال إلى إيران؟
- يمكن تسلم الوسام وشهادة التقدير بالبريد. ويحدوني أمل بأن الجهود التي يبذلها السيد ظريف (وزير الخارجية الإيراني) وزملاؤه ستثمر، وأن المفاوضات ستؤدي إلى نتيجة إيجابية مما يؤدي إلى إزالة الموانع.
* وهل تطمح للمشاركة في مسابقات أخرى؟
- أرجح التفكير بالتقاط صور جيدة على التفكير في المشاركة في مسابقات أخرى. فالصور الجيدة يمكن عرضها في المسابقات العالمية المعتبرة.
* ما أفضل صورة التقطتها؟ وما الحكاية وراءها؟
- أظن أن صورة الدكتور روحاني التي التقطتها خلال الزيارات التي قام بها إلى مدينة أرومية قبل الانتخابات الرئاسية في يونيو (حزيران) 2013 كانت إحدى أفضل الصور. كان الدكتور روحاني يقوم بتحية الفتيات والشبان الذين كانوا يحيونه وهم في سياراتهم. تظهر الصورة تبادل المشاعر بين الجيل الجديد وشخصية سياسية بارزة في إطار ثلاثية تثير المشاعر.
* هل تود إضافة شيء آخر في نهاية الحوار؟
- أود أن أرد على الذين يرون أن هذه الصورة والجائزة تحملان طابعا سياسيا، فإن تغيير قوانين العقوبات في بلد ما لا يدخل في صلاحيات المصور، ولكن تصوير الاضطرابات الاجتماعية وتداعياتها من قبل المصور قد يكون خطوة توعوية وانخفاض حجم الجرائم. نعيش في عالم لا يخفى فيه شيء عن عدسة الكاميرات ووسائل الإعلام، وحتى أجهزة الهواتف الجوالة للهواة. تجري رؤية وتسجيل كل شيء في هذه الأيام حتى لو لم تكن كاميرا موجودة.

إعداد { الشرق الأوسط}
فارسي {شرق بارسي}



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».