ضامنو «آستانة» يتحدثون عن تقدم بـ«الدستورية»... ودي ميستورا يأسف لـ«إضاعة فرصة»

موسكو ملتزمة باتفاق إدلب وتعارض تلويح النظام بخطوات عسكرية

الجلسة الختامية لاجتماع {آستانة} امس (رويترز)
الجلسة الختامية لاجتماع {آستانة} امس (رويترز)
TT

ضامنو «آستانة» يتحدثون عن تقدم بـ«الدستورية»... ودي ميستورا يأسف لـ«إضاعة فرصة»

الجلسة الختامية لاجتماع {آستانة} امس (رويترز)
الجلسة الختامية لاجتماع {آستانة} امس (رويترز)

اختتمت أمس، في العاصمة الكازاخية أعمال جولة المفاوضات الـ11 باتفاق البلدان الضامنة مسار أستانة على مواصلة الجهود لتنفيذ اتفاق إدلب حول إقامة منطقة منزوعة السلاح، واستكمال «فصل المعارضة المعتدلة عن الإرهابيين».
وأكدت روسيا أنه «لا تحضيرات لعملية عسكرية في إدلب»، لكنها لوحت بـ«رد قوي على أي أعمال استفزازية من جانب المتشددين». وقالت إنها تنسق خطواتها مع أنقرة. وبرز تطور طفيف في ملف تشكيل اللجنة الدستورية، قوبل بفتور من جانب المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا الذي أعرب عن أسفه لأن «عدم تحقيق تقدم ملموس أضاع فرصة مهمة للسوريين».
وأصدرت الدول الراعية مسار أستانة (روسيا وتركيا وإيران) بيانا ختاميا كرر في بنوده الأولى تأكيد احترام سيادة وسلامة الأراضي السورية، وضرورة الالتزام بحل سياسي يقوم على أساس القرار الدولي 2254. وانتقد بقوة تحركات الولايات المتحدة في سوريا من دون أن يحددها بالاسم، إذ نص على بند يؤكد «رفض إقامة أي شكل من أشكال الأمر الواقع الجديد على الأرض تحت ذريعة محاربة الإرهاب» وزاد أن الأطراف الثلاثة «أكدت» عزمها الحاسم على مواجهة الخطط الانفصالية الموجهة إلى تقويض سيادة ووحدة سوريا وتهديد أمن البلدان المجاورة». ودعت الدول الضامنة في البيان الختامي كل فصائل المعارضة المسلحة في سوريا للانفصال عن تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» مؤكدة التزامها بتنفيذ الاتفاقيات حول إدلب ومواصلة مكافحة الإرهاب.
وتطرق البيان إلى ملفات ظلت مستعصية طويلا، إذ أكد أهمية مواصلة العمل لإنجاح جهود تسوية ملف المعتقلين والأسرى وتحقيق تقدم على صعيد تبادل المحتجزين.
وأكد البيان عزم الأطراف مواصلة العمل لإنجاز ملف تشكيل اللجنة الدستورية وكان لافتا أنه أكد على ضرورة «توسيع الجهود المشتركة لإطلاق عمل اللجنة الدستورية في جنيف، وبشكل تدعمه الأطراف السورية» وهي الصياغة التي لا ترضي دمشق التي عارضت منذ إطلاق العمل حول «الدستورية» مسألة وضعها تحت إشراف الأمم المتحدة.
وأضافت الدول الضامنة في البيان «ضرورة مواصلة الجهود لمساعدة السوريين في استعادة الحياة الطبيعية والآمنة والتخفيف من معاناتهم. وفي هذا السياق نناشد المجتمع الدولي والأمم المتحدة زيادة المساعدات الإنسانية وإعادة بناء مرافق البنية التحتية. ونؤكد أهمية تهيئة الظروف للعودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين السوريين لأماكن إقامتهم. كما نؤكد استعدادنا لمواصلة التعاون مع الأطراف المعنية، بما فيها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمنظمات المتخصصة الأخرى في سياق مساندة الإعداد والدعوة لمؤتمر دولي بشأن عودة اللاجئين».
وأدان البيان المشترك استخدام أسلحة كيماوية في سوريا، مطالبا منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، باعتبارها الهيئة الدولية المختصة بإجراء تحقيق في ذلك.
وحدد البيان نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل موعدا لعقد جولة جديدة من المفاوضات في أستانة.
وأعلن مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، في مؤتمر صحافي ختامي أن العمل على تشكيل اللجنة الدستورية «قريب من النهاية»، موضحا أن «تشكيل اللجنة الدستورية مسألة ذات أهمية كبيرة. ولا يزال العمل عليه مستمرا، ونقترب من الهدف المرغوب فيه، وهو تشكيل ثلثها من المجتمع المدني، وبعد ذلك سيكون من الممكن الحديث حول تشكيل اللجنة الدستورية التي تضم 150 شخصا». وأكد أن روسيا تعتبر نتائج الجولة الحالية لمحادثات أستانة ناجحة.
وزاد أن الأطراف «ناقشت مجموعة كبيرة للغاية من المسائل ابتداء من الوضع على الأرض وحول إدلب وفي المناطق السورية الأخرى، والوضع العام فيما يخص الاستقرار» وأكد استعداد روسيا لـ«مساعدة المعارضة السورية المعتدلة في القضاء على مسلحي جبهة النصرة».
وأشار إلى أن مكافحة الإرهاب لا تزال مسألة حيوية بالنسبة لسوريا، قائلا إن «استمرار تواجد مسلحي جبهة النصرة في منطقة خفض التصعيد في إدلب أمر غير مقبول، ويبلغ عدد هؤلاء المسلحين نحو 15 ألف شخص. هذا ما تعترف به المعارضة السورية المسلحة».
وردا على سؤال حول الموقف من التحركات الأميركية في شمال وشرق سوريا، عبر لافرينتيف عن اعتقاد بأن «الأعمال الأميركية قد تؤدي إلى تقسيم سوريا».
مشددا على أن موسكو تؤيد مشاركة كل الأطراف السورية، بما في ذلك الأكراد في التسوية السياسية.
ولفت لافرينتيف إلى أن روسيا «تحاول إقناع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بضرورة إجراء تحقيق شامل في حادث قصف حلب باستخدام ذخائر سامة».
وبرز تباين في لهجة المبعوث الرئاسي الروسي حول الوضع في إدلب والوجود التركي في سوريا مع اللهجة التي تحدث بها رئيس وفد الحكومة السورية بشار الجعفري، الذي لوح بتحرك عسكري سوري لمواجهة تركيا، وقال إن دمشق «ستقوم بخطوات إذا لم تسحب تركيا قواتها». وقال لافرينتيف إن «روسيا لا ترى مؤشرات لحدوث مواجهة عسكرية مباشرة بين قوات الجيش السوري والقوات التركية في محافظة إدلب». وزاد أن «تركيا، كضامن لعملية أستانة، تؤكد الالتزام بمبادئ السلامة الإقليمية وسيادة واستقلال سوريا، وتؤكد لنا أن تلك الوحدات الموجودة على الأراضي السورية موجودة هناك مؤقتاً».
وكان الجعفري خصص حيزا أساسيا من مؤتمر صحافي ختامي عقده لانتقاد تحركات تركيا، واتهمها بعدم تنفيذ اتفاق المنطقة منزوعة السلاح بإدلب، مشيرا إلى أن «قصف حلب الأخير بالمواد الكيماوية كان بمساعدة خارجية».
وزاد أن عدد الجنود الأتراك حاليا في المناطق السورية يبلغ 11 ألفا، مسلحين بأسلحة ثقيلة ومتوسطة وليس بأسلحة خفيفة خلافا لاتفاق سوتشي. وزاد أن تركيا «ترعى المرتزقة الأجانب في إدلب وتقوم بتغيير معالم المناطق التي تسيطر عليها».
من جانبه، أكد رئيس وفد المعارضة السورية أحمد طعمة، أن الجولة المنتهية من المحادثات «توجت بإحراز تقدم في مسألة اللجنة الدستورية قد يشكل أساسا للمضي نحو الحل السياسي للنزاع». ولفت إلى أهمية مفاوضات أستانة، موضحا أن «ملفي اللجنة الدستورية واتفاق إدلب خرجا من رحم هذا المسار».
ووصف المفاوضات بأنها كانت «مستفيضة وجادة»، موضحا أن الطرفين تطرقا إلى أهم نقاط الساعة، وفي صدارتها الوضع في محافظة إدلب.
ورأى أن اتفاق إدلب أسهم في تحسن الوضع الأمني بالمنطقة، وقال إن المعارضة السورية تعتبره اتفاقا طويل الأمد وتعول عليه.
اللافت أن تأكيدات الأطراف على ارتياحها بسبب ما وصف بأنه تقدم على صعيد تشكيل اللجنة الدستورية قوبل بفتور من جانب دي ميستورا الذي أعرب عن خيبة أمل لأن الجولة الحالية لم تحسم هذا الملف.
وقال مبعوث الأمم المتحدة الذي يشارك للمرة الأخيرة في مفاوضات مماثلة قبل مغادرة منصبه، أن روسيا وتركيا وإيران «أخفقت في تحقيق أي تقدم ملموس في تشكيل لجنة دستورية سوريا خلال اجتماع أستانة». وأعرب عن «أسف شديد بسبب الفشل في التغلب على الجمود المستمر منذ عشرة أشهر في تشكيل اللجنة الدستورية».
ورأى أنه «كانت هذه المرة الأخيرة التي يعقد فيها اجتماع في آستانة عام 2018. ومن المؤسف بالنسبة للشعب السوري، أنها غدت فرصة ضائعة للإسراع في تشكيل لجنة دستورية ذات مصداقية ومتوازنة وشاملة يشكلها سوريون ويقودها سوريون وترعاها الأمم المتحدة».
وكانت مصادر روسية قالت إن الأطراف اقتربت كثيرا من الوصول إلى تفاهم حول الملف، وزادت أن ثمة توافقات على 142 عضوا من أعضاء اللجنة البالغ 150. ما يعني أن الخلافات ما زالت تتمحور حول أسماء 8 أشخاص فقط من مرشحي المجتمع المدني.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».