نظرة صندوق النقد لآفاق الاقتصاد العالمي تزداد تشاؤماً

قال إن الحرب التجارية مدمرة والأسواق الناشئة أكثر معاناة

نظرة صندوق النقد لآفاق الاقتصاد العالمي تزداد تشاؤماً
TT

نظرة صندوق النقد لآفاق الاقتصاد العالمي تزداد تشاؤماً

نظرة صندوق النقد لآفاق الاقتصاد العالمي تزداد تشاؤماً

حذر صندوق النقد الدولي من أن النمو العالمي يتباطأ بأكثر مما كان متوقعا قبل شهر واحد فقط، مع تزايد التوترات التجارية، وهو ما يؤكد الحاجة الملحة إلى الإحجام عن المضي قدما في حرب تجارية مدمرة. وكان صندوق النقد الدولي خفض توقعاته بشأن نمو الاقتصاد العالمي خلال الشهر الماضي، وتشير البيانات الأخيرة إلى أن التوقعات قد ازدادت سوءاً منذ ذلك الحين، حسبما ذكر الصندوق مساء الأربعاء في تقرير قبل قمة مجموعة العشرين للاقتصادات المتقدمة والناشئة التي تنطلق في بوينس آيرس عاصمة الأرجنتين اليوم الجمعة لمدة يومين.
ووفقا لوكالة أنباء «بلومبرغ»، قال الصندوق ومقره واشنطن إن الأوضاع المالية أصبحت أكثر صعوبة، خاصة في الأسواق الناشئة، بينما تزايدت حدة التوترات التجارية. وأوضح التقرير أن «البيانات الأخيرة تشير إلى تباطؤ الزخم في الاقتصاد العالمي أكثر مما كان متوقعاً، وهو ما ظهر في تباطؤ مفاجئ للاقتصادات الناشئة وفي منطقة اليورو، بالإضافة إلى أن بريكست من دون صفقة قد يثير تراجعاً إضافياً للثقة».
ومنذ آخر تحديث أصدره الصندوق بشأن الاقتصاد العالمي في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تراجعت الأسهم العالمية بسبب المخاوف من أن يقوض رفع أسعار الفائدة والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، نمو الاقتصاد العالمي.
وقالت كريستين لاغارد، مدير عام صندوق النقد الدولي، في مدونة مع التقرير: «كان لدينا نمو قوي وفقا للمعايير التاريخية، لكننا الآن نواجه فترة تتجسد فيه مخاطر حقيقة... وثمة غيوم داكنة (مشكلات) تلوح في الأفق».
وأوضحت لاغارد أن ارتفاع الحواجز التجارية يضر كافة الأطراف، لذلك من الضروري، أن تبتعد جميع الدول عن الحواجز التجارية الجديدة. كما حثت الدول على خفض الإنفاق بقدر المستطاع حتى يكون لديها مجال أكبر للمواجهة إذا ما ضعف الاقتصاد. وأشارت إلى أن البنوك المركزية يتعين عليها أن تتخذ مساراً تدريجياً جيداً يعتمد على البيانات في زيادة معدلات الفائدة.
وخصت لاغارد الكثير من الدول بأنها قادرة على فعل المزيد لتعزيز النمو وتخفيف الاختلالات التجارية، قائلة: «تستطيع ألمانيا أن تستخدم فائض موازنتها لزيادة النمو، في حين أن الولايات المتحدة يمكن أن تخفض عجز موازنتها، ويمكن للصين أيضاً أن تمضي قدماً في إعادة التوازن الاقتصادي».
وتزايدت التوترات التجارية في الفترة الأخيرة مع تهديد الولايات المتحدة بمزيد من التعريفات ضد السلع الصينية. ويترقب المستثمرون الوضع عن كثب أملا في انبعاث أي إشارات على حدوث انفراجة، وذلك عندما يلتقي الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والصيني شي جينبينغ غدا السبت على هامش قمة العشرين.
وفي مطلع الشهر الجاري، قالت لاغارد، إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين سوف تؤدي لانخفاض نسبة نمو إجمالي الناتج المحلي الصيني العام المقبل بواقع 0.6 نقطة مئوية. وكان صندوق النقد الدولي قد توقع في أكتوبر (تشرين الأول) نمو اقتصاد الصين بنسبة 6.2 في المائة خلال العام المقبل، بانخفاض عن توقعات سابقة بنموه بنسبة 6.6 في المائة هذا العام. وحذرت لاغارد أن التراجع يرجع بصورة كبيرة إلى التداعيات القوية للتوترات التجارية.
ولم تقتصر هذه التحذيرات على صندوق النقد الدولي، إذ قال رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم إن «هناك بعض السحاب في الأفق، ونتوقع تباطؤ النمو الاقتصادي للسوق الناشئة»، كما قال أنخيل جوريا الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إنه من المتوقع أن تصل نسبة النمو الاقتصادي العالمي إلى 3.7 في المائة هذا العام، وذلك بعدما توقع في وقت سابق أن تبلغ نسبة النمو 4 في المائة، مؤكدا أن «الاختلاف سببه كل هذه الرسوم وهذه التوترات التجارية».


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.