موسكو تستضيف هنية والمالكي الشهر المقبل

في وقت تشارف المصالحة بين «فتح» و«حماس» على الانهيار

هنية مستقبلاً السفير الروسي لدى السلطة الفلسطينية (روسيا اليوم)
هنية مستقبلاً السفير الروسي لدى السلطة الفلسطينية (روسيا اليوم)
TT

موسكو تستضيف هنية والمالكي الشهر المقبل

هنية مستقبلاً السفير الروسي لدى السلطة الفلسطينية (روسيا اليوم)
هنية مستقبلاً السفير الروسي لدى السلطة الفلسطينية (روسيا اليوم)

وجّهت الخارجية الروسية دعوة رسمية لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية لزيارة العاصمة الروسية موسكو. وقال مكتب هنية إن هذه الدعوة حملها السفير الروسي لدى دولة فلسطين حيدر رشيد خلال لقائه هنية في مكتبه غرب مدينة غزة.
وأشاد هنية بالجهود الروسية تجاه القضية الفلسطينية، مشيراً إلى بحث آخر المستجدات الداخلية والخارجية، فيما أكّد السفير الروسي بذل بلاده جميع الجهود على جميع الأصعدة تجاه القضية الفلسطينية. وهذه ليست المرة الأولى التي توجّه فيه موسكو دعوة لـ«حماس» من أجل زيارتها. وسبق أن زار الرئيس السابق للحركة خالد مشعل موسكو في أكثر من مناسبة.
ويتوقع أن يزور هنية موسكو ضمن جولة خارجية تحضر لها «حماس» الشهر المقبل. ويصل العاصمة الروسية كذلك في نفس الشهر وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الذي يلتقي وزير الخارجية الروسي في 21 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وقال المالكي: «سأزور موسكو شخصياً في 21 ديسمبر (كانون الأول) بناء على دعوة لافروف. سنناقش، بالطبع، ليس فقط العلاقات الثنائية مع الاتحاد الروسي، ولكن أيضاً تحقيق اختراقات محتملة في العملية السياسية وجهود على المستوى الروسي لاستعادة العملية السياسية إلى مسارها الصحيح».
وأكد المالكي أنه يتطلع أيضا إلى ما يمكن أن تلعبه موسكو من دور في إنهاء الانقسام الفلسطيني، وذلك وسط تجهيزات لزيارة وفد رفيع من «حماس» لموسكو قد يرأسه رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية.
وكان المالكي تحدث عن وفد حماس، قائلا: «أعلم أن هناك وفدا من (حماس) سيزور موسكو قريبا، هذا ما سمعناه، وقد يكون هنية نفسه، وبالتالي نحن نريد أن نتابع هذا الموضوع لنرى ماذا يمكن أن يقال في موسكو مع وفد (حماس)، وبالتالي الوقوف على الدور الذي يمكن لموسكو أن تلعبه من أجل إقناع قيادات (حماس) بإنهاء الانقسام».
يأتي ذلك في وقت وضعت حركة «فتح» نهاية لعملية المصالحة مع حركة «حماس»، معلنة أنها ذاهبة نحو خطوات لتقويض سلطة الحركة الحاكمة في قطاع غزة. وشنّ عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس وفدها إلى القاهرة عباس الأحمد هجوماً هو الأعنف على «حماس» بعد وضع الحركة عدة شروط من أجل تمكين الحكومة في القطاع، قائلا إن «حماس» ليست لديها النية لإنهاء الانقسام، وإن حركته لا تثق بها.
وأعلن الأحمد أن اللجنة التي شكلت لتطبيق قرارات المجلس المركزي الفلسطيني ستجتمع الأسبوع المقبل لوضع خطوات تقوض سلطة «حماس» بشكل لا يؤذي السكان هناك. وكان «المركزي» اتخذ عدة قرارات حاسمة بشأن العلاقة مع إسرائيل والولايات المتحدة و«حماس».
ويرأس اللجنة الرئيس محمود عباس الذي تعهد سابقاً باتخاذ مثل هذه الإجراءات التي وصفها بالحاسمة ضد «حماس».
وإعلان الأحمد يضع حداً لمباحثات المصالحة في القاهرة التي امتدت لفترات طويلة، وتوقفت واستؤنفت عدة مرات منذ العام الماضي. وجاء موقف «فتح» بعد إنهاء وفدها حوارات مع مسؤولين مصريين لم تفضِ إلى أي اتفاق.
وقالت مصادر بارزة لـ«الشرق الأوسط» إن «حماس» وضعت شروطاً لا يمكن القبول بها تتعلق بإسقاط حكومة الوفاق وتشكيل حكومة وحدة وطنية وشراكة في الأجهزة الأمنية وتعيين موظفيها ودخول منظمة التحرير وإلغاء أي إجراءات ضد غزة.
واتهم الأحمد «حماس» بتخريب المصالحة، وقال: «ذهبنا إلى مصر كي نعطي رأياً وليس لجلب ورقة والعودة، وعندما استمعنا إلى ما جرى، قيل لنا إن (حماس) طرحت بعض الأفكار وجرى نقاش طويل حولها، وبعد أكثر من ساعتين، قلنا إن كل ما سمعناه مرفوض ولم نترك ملاحظات عما سمعناه في البداية، لكن الأشقاء المصريين طالبوا أن يتم النقاش، باعتبارهم حريصين على وحدة التمثيل والحفاظ على المؤسسات الشرعية الفلسطينية».
وقال الأحمد إن «حكومة الوحدة الوطنية، كانت موجودة في اتفاق مكة، إلا أن (حماس) انقلبت عليها بعد 100 يوم واتخذت منها غطاء لاختطاف غزة، والقيام بالتمرد الانقلابي هناك». وأضاف: «عندما نتأكد أن (حماس) سلمت بإنهاء الانقسام وتسليم المؤسسات كافة، سنرحب بالشراكة الوطنية الكاملة، وليس فقط حكومة الوحدة، ثم ننتقل فورا إلى منظمة التحرير والانتخابات العامة، وهذا ما أبلغناه للراعي المصري».
وكانت «حماس» قد تمسكت بإسقاط حكومة التوافق الحالية برئاسة رامي الحمد الله باعتبارها «لا تصلح لأن تكون المعتمدة لتطبيق اتفاقية المصالحة كونها جزءاً أساسياً من المشكلة، بل هي التي صنعتها». وأصرت على لسان المتحدث باسمها موسى أبو مرزوق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وهو تصريح تزامن مع تصريحات مسؤولين آخرين في «حماس» أن أي شيء لن يتم قبل رفع العقوبات عن غزة.
ورفضت «فتح» كل أفكار «حماس» وتمسكت بشرط تسليم غزة بالكامل. واعتبرت أن «إنهاء كل مظاهر الانقلاب الذي قامت به (حماس) عام 2007 هو المدخل الحقيقي للمصالحة».
وردت «حماس» على هذه المواقف قائلة إنها مرفوضة وتمثل تهديداً للغزيين. واعتبرتها «انقلاباً» على جهود مصر لتحقيق المصالحة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».