مجلس الأمن التركي يبحث «آستانة» وتطورات إدلب

أنقرة ترفض إجبار اللاجئين السوريين على العودة

لقطة عامة لاجتماعات آستانة في مايو الماضي (غيتي)
لقطة عامة لاجتماعات آستانة في مايو الماضي (غيتي)
TT

مجلس الأمن التركي يبحث «آستانة» وتطورات إدلب

لقطة عامة لاجتماعات آستانة في مايو الماضي (غيتي)
لقطة عامة لاجتماعات آستانة في مايو الماضي (غيتي)

بحث مجلس الأمن القومي التركي في اجتماعه، أمس، برئاسة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، التطورات في سوريا والوضع في إدلب وما يتعلق بلجنة الدستور والاتصالات الجارية مع روسيا في هذا الشأن واجتماعات آستانة التي ستعقد جولتها الحادية عشرة اليوم (الأربعاء).
وسيجري خبراء من الدول الضامنة لمسار آستانة (تركيا وروسيا وإيران) محادثات تقنية، بمشاركة مراقبين من الأمم المتحدة والأردن. ويعقد ممثلو النظام السوري والمعارضة المسلحة لقاءات منفصلة مع وفود الدول الضامنة والمراقبين، بحسب مصادر دبلوماسية تركية.
وستعقد غداً الخميس الجلسة الرئيسية التي سيجتمع فيها جميع الأطراف، وستشهد قراءة البيان الختامي. وستكون جميع اللقاءات قبل الجلسة الرئيسية بعيدة عن وسائل الإعلام.
وتتناول المباحثات انتهاكات وقف إطلاق النار في إدلب، والمفاوضات المتعلقة بلجنة صياغة الدستور، كما تشهد جولة اليوم انعقاد الاجتماع السادس لمجموعة العمل الخاصة بالمعتقلين.
وكانت تركيا أعلنت، قبل أيام من انعقاد الاجتماع، عن تبادل 20 من المعتقلين بين النظام والمعارضة في مدينة الباب التابعة لمحافظة حلب، ورحبت بهذه الخطوة التي جاءت نتيجة لمباحثات آستانة.
وسيجري المشاركون في الجولة الحادية عشرة من مفاوضات آستانة تقييماً للتعاون على مدار العامين الماضيين منذ انطلاق مسار آستانة في يناير (كانون الثاني) 2017.
ويمثل تركيا في المحادثات نائب وزير الخارجية سادات أونال، وإيران نائب وزير الخارجية حسين أنصاري، فيما يمثل روسيا الممثل الخاص للرئيس الروسي في سوريا ألكساندر لافرينتييف، ويمثل وفد المعارضة المسلحة، رئيس الحكومة السورية المؤقتة السابق أحمد توما، فيما يمثل النظام مندوبه الدائم لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، ولم ترسل الولايات المتحدة أي ممثل لها في الاجتماعين الأخيرين، غير أن مكتب المبعوث الدولي الخاص دي ميستورا، أعلن أمس مشاركته في الاجتماع.
وكان الاجتماع العاشر لمسار آستانة عُقد في مدينة سوتشي الروسية يومي 30 و31 يوليو (تموز) الماضي، بدعوة من روسيا، إذ أكدت الدول الضامنة التزامها القوي بسيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي سوريا، والوقوف ضد الأعمال التي تهدف إلى تقويض سيادة سوريا وسلامة أراضيها، وكذلك الأمن القومي للدول المجاورة.
كما خرج الاجتماع باتفاق يقضي بالإفراج عن مجموعة صغيرة من المعتقلين بشكل متبادل، حيث جرى أول تبادل في هذا الصدد يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي في حلب.
ومنذ اجتماع سوتشي الأخير، عقدت الهيئات التقنية للدول الضامنة، لقاءات عدة متعلقة بالوضع الأخير لوقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد في إدلب، وعودة اللاجئين، والإفراج عن المعتقلين، وإجراءات لجنة صياغة الدستور.
وفي 7 سبتمبر (أيلول) الماضي، أكدت القمة الثلاثية بين رؤساء تركيا وروسيا وإيران، التي عقدت في طهران، ضرورة ضمان تنفيذ وقف إطلاق النار في إدلب، وفي السابع عشر من الشهر نفسه، التقى الرئيسان التركي والروسي في سوتشي وأعلنا اتفاقاً حول إدلب تضمن إقامة منطقة منزوعة السلاح للفصل بين قوات النظام والمعارضة بعمق من 15 إلى 20 كيلومتراً، وسحب الأسلحة الثقيلة للمعارضة وإخراج الجماعات المتشددة، وفي مقدمتها «النصرة». وتم الانتهاء من سحب الأسلحة الثقيلة للمعارضة في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فيما لم يتم حتى الآن انسحاب العناصر المتطرفة، مع مواصلة النظام انتهاكه للاتفاق مراراً.
على صعيد آخر، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن الأميركيين في سوريا يقرون بأن «وحدات حماية الشعب» الكردية هي جزء من «حزب العمال الكردستاني» المصنف من جانب أميركا منظمة إرهابية، إلا أنهم يتعاونون معها، والأوروبيون يعلمون بذلك، واصفاً ذلك بأنه «ازدواجية معايير».
وأشار جاويش أوغلو، في تصريحات لصحيفة «زود دويتشي تسايتونج» الألمانية نشرت أمس (الثلاثاء)، إلى اضطرار 400 ألف كردي لمغادرة مناطقهم بعد سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية عليها، فقط لأنهم لا يتشاركون معهم الآيديولوجيا نفسها، لافتاً إلى أن معظم الأكراد الذين هربوا لجأوا إلى تركيا.
وأضاف أن اللاجئين السوريين عند إحساسهم بأنهم سيكونون في أمان بسوريا، سيعودون إليها.
وأعرب عن تفهم بلاده موقف الاتحاد الأوروبي بعدم تقديم أي دعم لإعادة إعمار سوريا ما لم يتحقق اتفاق سياسي، قائلاً: «ولكن علينا توفير الاحتياجات الأساسية، مثل الماء والكهرباء والخدمات الصحية والمدارس. نحن لا نستطيع إجبارهم على العودة. هذا منافٍ للقوانين وللطبيعة الإنسانية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.