تركيا: إردوغان يتعهد باستئصال بقايا «داعش» في غضون أشهر

الكشف عن كتب تروج للتشدد كانت بحوزة قاتل السفير الروسي السابق

TT

تركيا: إردوغان يتعهد باستئصال بقايا «داعش» في غضون أشهر

تعهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان باستئصال بقايا تنظيم داعش الإرهابي بالكامل، في غضون بضعة أشهر.
وقال إردوغان، في كلمة أمام أعضاء المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية (الحاكم) في مقر البرلمان بالعاصمة التركية أنقرة، أمس (الثلاثاء): «نحن من بدأ تركيع تنظيم داعش الإرهابي، بعدما أصبح من أكبر التحديات التي تواجه الإسلام، أما من يدّعون مواجهته (في إشارة إلى الولايات المتحدة) فلم يبذلوا أي جهد حيال ذلك». ورأى إردوغان أنه «لم يكن هناك (داعش) في سوريا، وإنما عصابات صغيرة كانت تنتظر على (دكة الاحتياطي)، تم تدريبها وتجهيزها لزعزعة ذلك البلد والمنطقة تحت اسم (داعش)».
وكانت القوات التركية وفصائل من «الجيش السوري الحر» الموالية لها، تمكنت من خلال عملية «درع الفرات» التي نفذتها في شمال سوريا، من تطهير مناطق واسعة من الريف الشمالي لمحافظة حلب، بينها مدينتا الباب وجرابلس، من تنظيم داعش الإرهابي، في الفترة بين أغسطس (آب) 2016 ومارس 2017، ما أتاح لآلاف السوريين العودة إلى ديارهم. وجاءت العملية بعد هجوم إرهابي نفذه تنظيم داعش الإرهابي في غازي عنتاب جنوب تركيا، استهدف قاعة للأفراح، وأسفر عن مقتل وإصابة العشرات.
وتتهم تركيا تنظيم داعش الإرهابي بالمسؤولية عن هجمات شهدتها البلاد؛ أكثرها دموية تفجيران انتحاريان ضد تجمع للأكراد في 2015، أمام محطة أنقرة المركزية للقطارات، ذهب ضحيتهما 103 قتلى، وأكثر من 500 مصاب.
وتشن قوات الأمن التركية حملة مكثفة لتطهير البلاد من عناصر «داعش»، بعد أن تعرضت مدن تركية، منها العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، لهجمات انتحارية وتفجيرات على مدى السنوات الثلاث الأخيرة، نفذها تنظيم داعش الإرهابي، أو نسبتها السلطات إليه، ما أدى إلى مقتل 319 شخصاً.
وعلى مدى 3 سنوات، شنت قوات الأمن التركية أكثر من 20 ألف عملية أمنية تستهدف عناصر تنظيم داعش، ألقت خلالها القبض على أكثر من 5 آلاف من هذه العناصر، غالبيتهم من الأجانب، كما قامت بترحيل نحو 5 آلاف، بينما يقبع أكثر من 3 آلاف في السجون بتركيا.
وقال إردوغان إن تركيا حققت في عهد حزبه أفضل النتائج في مكافحة التنظيمات الإرهابية.
وأضاف إردوغان أن: «تركيا في عهدنا حققت أفضل النتائج في تاريخ مكافحة التنظيمات الإرهابية والعصابات وتجار المخدرات، وجميع أشكال الأعمال الساعية للإخلال بالنظام العام».
وفي تصريح سابق، كان إردوغان قد أعلن أنه تم اعتقال ألفي شخص على خلفية ارتباطاتهم بتنظيم داعش، وتم ترحيل 7 آلاف خارج البلاد، ومنع 79 ألفاً من دخول تركيا.
في سياق مواز، كشفت النيابة العامة في أنقرة عن أن ممثلي الادعاء في قضية اغتيال السفير الروسي السابق في أنقرة، أندريه كارلوف، فحصوا لقطات من إحدى كاميرات المراقبة الأمنية، يظهر فيها قاتل السفير الروسي، الشرطي مولود مارت ألتنطاش، وهو يترك مجموعة كتب تروج للفكر المتشدد لأحد أصدقائه، كدليل على دوافعه لتنفيذ عملية انتحارية لاغتيال السفير، في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2016.
وكانت النيابة العامة قد أعلنت الانتهاء من التحقيقات في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وأرسلت لائحة اتهام إلى محكمة أنقرة الجنائية، متضمنة 28 متهماً، بينهم الداعية فتح الله غولن الذي يقود «حركة الخدمة»، التي تتهمها السلطات بتدبير محاولة انقلاب فاشلة وقعت في منتصف يوليو (تموز) 2016.
ونشرت صحيفة «حريت» التركية أمس، صور اللقطات التي تظهر الشرطي مولود مارت ألتنطاش، الذي قتل في موقع الحادث بعد اغتياله السفير الروسي، وهو يترك صندوقاً كبيراً، به الكتب التي تروج للفكر المتشدد، لمحل «سوبر ماركت» في 18 ديسمبر 2016، قبل يوم واحد من تنفيذ جريمته. وتبين أنه كتب رسالة عبر «واتساب» إلى أحد أعضاء المجموعة المخططة للاغتيال، في اليوم نفسه، يقول فيها إن «الكتب ستكون مفيدة لشخص آخر».
وأشارت الصحيفة إلى أن الادعاء التركي يعتقد أن هذه الخطوة تظهر نية ألتنطاش في الموت أثناء الاغتيال. ويعتقدون أيضاً أنه كان يهدف إلى إرباك قوات الأمن بعد الهجوم.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم