«ميتامورفوسيس»... الإحساس بعدم الانتماء الاجتماعي على المسرح

مشاهد من حياتهم اليومية ينقلها الشباب اللاجئ على خشبة المسرح في «ميتامورفوسيس»
مشاهد من حياتهم اليومية ينقلها الشباب اللاجئ على خشبة المسرح في «ميتامورفوسيس»
TT

«ميتامورفوسيس»... الإحساس بعدم الانتماء الاجتماعي على المسرح

مشاهد من حياتهم اليومية ينقلها الشباب اللاجئ على خشبة المسرح في «ميتامورفوسيس»
مشاهد من حياتهم اليومية ينقلها الشباب اللاجئ على خشبة المسرح في «ميتامورفوسيس»

12 شاباً من اللاجئين السوريين والفلسطينيين في لبنان، إضافة إلى لبنانيين، سيقفون على خشبة «سينما أشبيليا» في صيدا ويعرضون مسرحية «ميتامورفوسيس» في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) و1 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
فبعد غياب عن العمل دام لسنوات طويلة، تعود صالة هذه السينما إلى الساحة من خلال مسرحية للمؤلف الألماني فرانز كافكا، بعد أن تم تعديلها لتصبح نسخة مواتية لواقع هؤلاء الشباب. فتتيح لهم الفرصة للتعبير عن مشاعرهم وما يعانون منه في موضوع إحساسهم بعدم الانتماء إلى المجتمع الذي يعيشون فيه.
وتحكي «ميتامورفوسيس» بعد فرانز كافكا قصة «غريغور سامسا» الذي يستيقظ في أحد الأيام ليجد نفسه قد تحوّل إلى حشرة عملاقة. وتشمل مجموعة المشاركين في هذا العمل، الذي تنظمه مؤسسة «سيناريو» بالتعاون مع معهد «غوته» الثقافي الألماني في لبنان، شباباً بين عمر 15 و20 سنة ترعرعوا إما لاجئين وإما يتامى من دون عائلة. فيعيدون تفسير رواية كافكا على طريقتهم التي تشمل وقتهم ومحيطهم وتطلعاتهم.
«لقد اخترنا هذا العمل لفرانز كافكا، لأنه مدعوم من قبل الدولة الألمانية ومن خلال معهد (غوته)، وقد أرادوا أن يرتبط بالثقافة الألمانية بشكل أو بآخر»، تقول فيكتوريا ليبتون إحدى المسؤولات في جمعية «سيناريو» الثقافية والفنية المشرفة على تنظيم المسرحية. وتضيف في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «وعندما سألنا هؤلاء الشباب عن الموضوعات التي يرغبون في تناولها، وعن الرسالة التي سيوصلونها إلى العالم من خلالها، كان ردّهم منوطاً بارتجال مشاهد من حياتهم اليومية تعرض معاناتاهم وعدم قدرتهم على الانتماء إلى المجتمع الذي يعيشون فيه، فهو لا يتقبلهم أو يرأف بهم بسبب حواجز كثيرة بينهم».
وكما تحكي قصة كافكا عن «غريغور» الذي يتحول إلى حشرة عملاقة بين ليلة وضحاها، فيكتشف أن لا قدرة له على حماية عائلته، يتحدث كذلك هؤلاء الشباب عن الصراع الذي يعيشونه في محيط تسود فيه العنصرية فلا يعرفون إذا ما عليهم المغادرة أو البقاء فيه. وتتضمن المسرحية مشاهد عن كيفية هروب هؤلاء من واقعهم من خلال الموسيقى والقراءة والشعر وممارسة الرياضة وغيرها من الهوايات التي يمكنها أن تشغلهم في وحدة مفروضة عليهم. ففرح تنظر من نافذتها في مخيم شاتيلا لتحكي للجمهور عن هذه المشهدية التي ترافقها كجزء من حياتها هناك، فهي بالكاد لا تعرف غيرها. فيما فاطمة تنقل إلينا تجربتها مع دار الأيتام التي ترعرعت في غرفها الواسعة وعلى سرير بارد. أما بنين السورية فهي انقلبت حياتها رأساً على عقبٍ منذ انتقالها إلى لبنان هرباً من الحرب في بلادها وتخاف التفكير بالعودة إليها.
تقول فرح «إن المسرح علمنا أشياء كثيرة كنا نجهلها}. أما تصنيم فتؤكد أنها اكتشفت قصصاً كثيرة في داخلها لم تكن تعلم بها. فيما يشير سامر إلى أن المسرح علمهم كيف يكسرون حواجز وهمية كانت تفصل بينهم وبين الآخر بعيداً عن المجتمع الذي يعيشون فيه. وتشير سارة إلى أن مشاركتها في «ميتامورفوسيس» عرَّفتها على أصدقاء من جنسيات أخرى.
لوحات راقصة وأخرى غنائية وشعرية وتمثيلية تلونها مجموعة من الكورس الذي يأخذ أحياناً دور الراوي، تتضمنها «ميتامورفوسيس»، التي سبق وقدمت على مسرح المدينة ضمن مهرجان المسرح الأوروبي اللبناني في أكتوبر (تشرين الأول) الفائت.


مقالات ذات صلة

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يوميات الشرق يهدف الحفل إلى تزويد اللبنانيين بجرعات أمل من خلال الموسيقى (الجامعة الأميركية)

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يمثّل الحفل لحظات يلتقي خلالها الناس مع الفرح، وهو يتألّف من 3 أقسام تتوزّع على أغنيات روحانية، وأخرى وطنية، وترانيم ميلادية...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».