منسوجات وزرابي في مراكش... شهادة على تراث مغربي غني

تتمحور حولها معروضات المتحف الوطني للنسيج

ترجع أقدم زربية محفوظة إلى القرن الثامن عشر وتحديداً إلى سنة 1787 («الشرق الأوسط»)
ترجع أقدم زربية محفوظة إلى القرن الثامن عشر وتحديداً إلى سنة 1787 («الشرق الأوسط»)
TT

منسوجات وزرابي في مراكش... شهادة على تراث مغربي غني

ترجع أقدم زربية محفوظة إلى القرن الثامن عشر وتحديداً إلى سنة 1787 («الشرق الأوسط»)
ترجع أقدم زربية محفوظة إلى القرن الثامن عشر وتحديداً إلى سنة 1787 («الشرق الأوسط»)

وفق تصور يهدف إلى خلق تناغم بين الخصوصيات المعمارية لبناية دار السي سعيد التاريخية والمجموعات المتحفية المعروضة، يقترح المتحف الوطني للنسيج والزرابي بمراكش، على زواره، تحت عنوان «إبداعات الأمس واليوم»، شهادة فنية على تراث مغربي غني، متبنياً، في سبيل ذلك، طرقاً ووسائل جديدة لعرض فن النسيج والزرابي بالمغرب.
يقع المتحف الوطني للنسيج والزرابي، في قلب المدينة العتيقة لمراكش، وهو يعد مثالاً حياً للعمارة المغربية الأندلسية، ممثلة في دار السي سعيد، التي بنيت من طرف سعيد بن موسى وهو من الشخصيات البارزة خلال فترة حكم السلطان العلوي المولى عبد العزيز (1894 - 1908)، إذ تقلد منصب وزير الحرب، كما أنه الأخ الشقيق لباحماد، الصدر الأعظم في ديوان المولى عبد العزيز.
ويمثل المتحف، الذي تناهز مساحته 2800 متر مربع، رصيداً تراثياً مهماً، خصوصاً بعد أن تحولت البناية، خلال فترة الحماية الفرنسية، إلى متحف للفنون المحلية، ليستقبل، منذ تأسيسه سنة 1930، ورشات لحرفيين يقومون بعرض تقنياتهم التقليدية، كما مكن من جمع تحف مختلفة ومتنوعة تتراوح تاريخياً بين القرنين السادس عشر وبداية القرن العشرين. وبعد استقلال المغرب، تم توزيع البناية ما بين مصلحة الصناعة التقليدية والمتحف الذي ضم الرياض الكبير بقاعاته الأربعة والرياض الصغير وطابقين وعدة ملحقات، محتضنا، وقتها، مجموعات متحفية من منطقة مراكش، تشمل الأعمال الخشبية والجواهر والفخار والخزف والأسلحة والزرابي والنسيج، وغيرها.
وغير مشروع ترميم هذه البناية التاريخية، الذي بادرت إليه المؤسسة الوطنية للمتاحف، التي انتقل إليها أمر تدبير شؤونه في إطار استراتيجية تهدف إلى إعادة تأهيل المتاحف الوطنية وجعلها فضاءات جذابة تغني العرض السياحي الوطني، من توجه ومضمون متحف دار السي سعيد، الذي صار يقترح، من خلال تسمية المتحف الوطني للنسيج والزرابي، مساراً سينوغرافيا يلقي الضوء على فن النسيج والزرابي المتوارث، متوخياً إبراز مراكز إنتاج الزرابي، القروية منها والحضرية، مع الحفاظ على الخصائص المعمارية للفضاء التاريخي، مقترحاً معروضاته وفق محورين أساسيين، بحيث يبرز الأول غنى وتنوع النسيج المغربي، بشقيه القروي والحضري، متجلياً من خلاله أصالة هذه الصنعة عبر الأقمشة والمواد المستعملة أو من خلال المنسوجات المحصل عليها، مع إغناء المجموعة بقطع أخرى بغرض إظهار فن النسيج في بيئته. فيما خصص الثاني لفن الزربية، كونها عنصراً بأبعاد تاريخية واجتماعية مهمة، وذلك من خلال تقريب الزائر من المراحل التي يمر منها نسج الزربية والتركيز على مختلف أشكالها ووظائفها وكذا أهم مراحل النسيج بالمغرب.
ويتوخى المتحف، في صيغته المتجددة، حسب الساهرين عليه، القيام بمهمته الأساسية، والمتمثلة في نشر المعرفة على أكمل وجه، وذلك من خلال منح تجربة متحفية غنية لزواره تمكنهم من الاطلاع على فن متناقل يعكس غنى وتنوع الثقافة المغربية، مركزاً على الزرابي التي نسجت بمختلف جهات المملكة، بشكل يكرم الصانعات والصناع التقليديين المغاربة الذين ساهموا في إغناء الثقافة المغربية، ومعبراً، في الوقت ذاته، عن أهمية الزربية وحضورها في الحياة اليومية للأسر المغربية ومختلف استعمالاتها.
وتعد الزربية أحد أهم عناصر التراث الثقافي بالمغرب، إذ يعكس إنتاجها دقة الحائكة وبراعتها. وترجع أقدم زربية محفوظة إلى القرن الثامن عشر، وتحديداً إلى سنة 1787.
وتتجلى أهمية الزربية من خلال حضورها اليومي في حياة العائلات المغربية، وكذا تعدد استعمالاتها، فتأتي على شكل سجاد، أو أثاث للحائط، أو كيس حبوب، فضلاً عن إمكانية استعمالها كفراش، أو كزينة للخيمة أو سرج الفرس. وتحضر أيضاً، في الزوايا والمساجد، إذ تستعمل في تأدية فريضة الصلاة. كما تحضر، أيضاً، في المناسبات، حيث تستعمل كمهر للعروس أو كجزء من الهدايا المقدمة من لدن العريس.
ونظرا لكونها منتجاً، تعبر الزربية، كغيرها من المنتجات الثقافية، عن الخصائص التقنية والجمالية لكل جهة من الجهات التي تمت حياكتها بها.
ويتم تقسيم الزربية المغربية إلى قسمين: قروية وحضرية. وفيما تشمل الحضرية مراكز الرباط والدار البيضاء وتتميز بكثافة عقدها وغنى نمط تزيينها النباتي، تنقسم القروية، بصفة عامة، إلى نوعين: مجموعة الأطلس الكبير وحوز مراكش ومجموعة الأطلس المتوسط وشرق البلاد. ويعرف الأسلوب القروي بهيمنة النمط الهندسي وقلة الاستعانة بالرسومات المستوحاة من جسم الإنسان أو من الحيوان.
وتتوزع مناطق إنتاج الزرابي بالمغرب، إلى خمس مناطق، حيث نكون مع زربية الأطلس المتوسط وزربية الأطلس الكبير والصغير وزربية الحوز والزربية الحضرية وزربية المغرب الشرقي. فيما لم ينس المتحف إبراز جانب متعلق بالنسيج وصناعة الجلد في الصحراء، حيث تتميز المناطق الصحراوية بالصناعة الجلدية المنسوجة وبدباغة جلود الإبل والماعز والأغنام والظباء والغزلان التي تستعمل لصنع حقائب التوفير (تاسوفرة) وحصائر (السمار) ودلاء الماء والوسائد (أسرعي) والسلال (التبك). فيما يبقى نسج الخيمة من اختصاص المرأة الصحراوية التي تقوم بتعليمه لبناتها، وتصنع الخيمة بواسطة قطع تسمى (فليجة) ذات أحجام مختلفة من جلود الماعز وتنسج عن طريق (المخيط) وخيط (النيرة). ويتجلى نسج الملابس الرجالية الصحراوية في صناعة (الدراعية)، وهي كساء فضفاض أبيض أو أزرق، مع فتحتين على الجانبين وجيب على الصدر. ويرتدي الرجال تحت الدراعية سراويل فضفاضة مع حزام جلدي (لكشط)، وكذا لثام أسود على رؤوسهم. أما بالنسبة للزي النسائي المميز لهذه المنطقة، فهو (الملحفة)، وهي قطعة قماش قياسها 4 أمتار في الطول، وعرضها لا يتجاوز متراً وستين سنتيمتراً.
ويستمد النسيج القروي أصالته من غنى الثقافتين الأفريقية والأمازيغية التي شكلت هوية غنية برموزها. وظلت ساكنة المناطق القروية، التي كانت في الغالب من الرحل، تصنع من صوف الماعز ووبر الإبل أشرطة من القماش يتراوح عرضها ما بين عشرين وثلاثين سنتيمتراً، قبل أن يتم جمع هذه الأشرطة للحصول على أقمشة بحجم أكبر تستخدم كسلاهم أو غطاء أو زربية.
فيما يتكون تصميم الزربية الحضرية من عدة إطارات تحدد وسط الزربية المستطيل والمزخرف، إما بنجمة أو شكل هندسي أو وردة. ويتم تزيين حقل الزربية باثنين من الأقواس، تسمى «القبة». ويحيل وجود زخارف في الزربية الحضرية، التي تستنبط أشكالها من الهندسة المعمارية للمنزل المغربي التقليدي بفنائه المركزي وغرفه الجانبية التي تحيل على فن الزليج والجبس، على عدة معانٍ ودلالات: فشكل الطائر المحلق يعتبر رمزاً للأخبار السارة والسعيدة، وتعني سنبلة القمح الولادة والوفرة، فيما تنقل قرون الكبش لمعاني القوة والمروءة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».