استنفار في السعودية لتصريف موجة أمطار غزيرة

«الأرصاد» تتوقع عودتها الخميس المقبل

الدفاع المدني في المنطقة الشرقية حذر من التقلبات الجوية
الدفاع المدني في المنطقة الشرقية حذر من التقلبات الجوية
TT

استنفار في السعودية لتصريف موجة أمطار غزيرة

الدفاع المدني في المنطقة الشرقية حذر من التقلبات الجوية
الدفاع المدني في المنطقة الشرقية حذر من التقلبات الجوية

استيقظ أهالي السعودية أمس على وقع أمطار غزيرة في مناطق عدة، تصدرتها المنطقة الشرقية التي بدأت الأمطار فيها منذ ليل أول من أمس واستمرت طيلة ساعات النهار، ما دعا الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية لإصدار توجيه إلى الجهات المعنية كافة بأخذ التدابير اللازمة للتعامل مع الحالة المطرية والعمل على منع تجمع المياه وسحبها بشكل مباشر.
ونشر مهتمون عبر وسائل التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو لأكثر الشوارع تأثرا بغزارة الأمطار، أظهرت تعطل ووقوف عدد كبير من السيارات في المواقع التي لم يكن فيها تصريف للأمطار. وفي المقابل اتخذت الجهات الحكومية من هذه الشبكات الاجتماعية منصة لبث النصائح والتوجيهات على مدار الساعة.
من جانبه قال حسين القحطاني المتحدث باسم الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة لـ«الشرق الأوسط»: «الشهر الحالي يشهد المعدلات الأعلى للأمطار على مستوى المملكة بشكل عام، لكن لا نستطيع أن نقول إنها أمطار غير مسبوقة».
وأضاف أن الفرق كبير عند المقارنة بين كمية الأمطار بين عام 2009 والعام الحالي، ففي 2009 سجلت «الأرصاد» نحو 140 مل خلال ساعتين، لكن الآن مجمل الأمطار على جدة مثلاً لا يتجاوز 45 مل.
وفيما يتعلق بتوقعات «الأرصاد» لمعدلات هطول الأمطار في البلاد خلال الأيام المقبلة، ذكر القحطاني أن الحالة ستنحسر بشكل تدريجي اليوم، لكن يتوقع أن تعود الأمطار الخميس المقبل لتهطل من متوسطة إلى غزيرة.
إلى ذلك، أكد محمد الصفيان المتحدث الرسمي باسم أمانة المنطقة الشرقية إعلان حالة «الاستنفار القصوى» أمس شرق البلاد بسبب الأمطار. وتابع لـ«الشرق الأوسط»: «كمية الأمطار كانت كبيرة جداً، والأمانة في حالة استنفار كامل، خصوصاً في المواقع التي تفتقد تصريف الأمطار وبها ارتفاع في منسوب المياه نتيجة عدم وجود شبكات للصرف الصحي».
وأوضح الصفيان أن الأمانة أغلقت نفقاً حيوياً في الدمام أمس بدافع «احترازي»، مفيداً بنشر 300 عامل أمس لتنظيف المناهيل أولاً بأول إضافة إلى المعدات التي تعمل في المناطق التي تفتقد شبكات تصريف الأمطار. وتابع: «غرف الطوارئ كلها تعمل بالأمانة والبلديات، والإدارات في الميدان إضافة إلى مقاولي النظافة والصيانة». ودعت مديرية الدفاع المدني بالمنطقة الشرقية المواطنين والمقيمين إلى أخذ الحيطة والحذر مع استمرار التقلبات الجوية وهطول الأمطار وما يصاحبها من رياح تشكل خطراً على حياتهم. ونبهت في بيان أمس، إلى توخي الحذر والابتعاد عن الأودية والشعاب مع هطول المطر وجريان السيول وعدم المخاطرة بعبورها أو الاقتراب منها مهما كانت نسبة المياه بها، والالتزام بشروط السلامة.
إلى ذلك، هطلت أمس أمطار متوسطة على تبوك شمال البلاد مصحوبة بزخات من البرد. كما أصدرت الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة تنبيهاً عن هطول أمطار رعدية تصحب بنشاط في الرياح السطحية مثيرة للأتربة والغبار على منطقة نجران وتشمل محافظتي بدر الجنوب وحبونا والأجزاء المجاورة. وفي مكة المكرمة، أصدرت الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة، تنبيهاً بهطول أمطار رعدية، تصحب بنشاط في الرياح السطحية مثيرة للأتربة والغبار، على محافظات الطائف وميسان والهدا والشفا وبني سعد والليث، والقنفدة، ومكة المكرمة والأجزاء المجاورة وتمتد إلى العاصمة المقدسة، مشيرة إلى أن الحالة تستمر حتى العاشرة من مساء أمس.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».