«الموسم الجميل»... فن فرنسي يتنقل في ربوع لبنان

تتنوع بين الفن والغناء والمسرح

TT

«الموسم الجميل»... فن فرنسي يتنقل في ربوع لبنان

ينتظر اللبنانيون بين أواخر شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي و11 ديسمبر (كانون الأول) المقبل نشاطاً ثقافياً يتميز بطابعه الفرنسي تحت عنوان «الموسم الجميل في لبنان» (La belle saison au Liban)، ويعد هذا الحدث الذي ينظمه المركز الثقافي الفرنسي ويتوجه به إلى الأولاد والمراهقين، موعداً ثابتاً في أجندة الأهالي وأولادهم منذ أربع سنوات حتى اليوم، خصوصاً أن برنامجه يتوزع على مختلف المناطق في لبنان.
وفي النسخة الرابعة لهذه التظاهرة الثقافية التي تطال بيروت وزوق مكايل وصيدا وحمانا وغيرها من المدن والبلدات اللبنانية، سيكون الأولاد من أعمار 4 سنوات وما فوق على موعد مع عروض مسرحية مبهرة لفرق فنية جاءت خصيصاً من فرنسا لتقديمها على الخشبة اللبنانية.
فهذا الحدث يقام في الإطار نفسه في باريس طيلة أيام السنة بهدف تلوين إيقاع الحياة اليومية للأهل وأولادهم بفنون الرقص والغناء.
وفي هذا الإطار يقام معرض «لا فابريك سونور» وهو كناية عن أعمال صوتية تترك لدى ناظرها البهجة في صور طفولية رسمها تلامذة صفوف الحضانة في مدرسة «الليسيه» الفرنسية في بلدة بشامون الشوفية، الذي يستمر لغاية 30 من الشهر الحالي في المركز الثقافي في بيروت.
ومن سلسة الحوارات النقاشية التي ينظمها المركز بالتعاون مع السفارة الفرنسية في لبنان، واحدة بعنوان «لكسر الجمود الاستهلاكي والبيئي: إعادة اختراع الشبكات».
وتحت عنوان «الأضعف بين الاثنين»، يقدم بيت الفنان في بلدة حمانا في 2 ديسمبر (كانون الأول) المقبل عرضاً راقصاً من إنتاج فرقة «سكابا» المسرحية تجمع فيه المخرجة الفرنسية إيزابيل هرفوات فناناً وطفلاً (محمد شفيق ومحمد فؤاد) ليتشاركا الخشبة. ويتوجه هذا العمل للأولاد من عمر 6 سنوات وما فوق ويعرض في 1 ديسمبر (كانون الأول) في المركز الثقافي الفرنسي في بيروت وفي بيت الشباب الثقافي في الزوق صباحاً وبعد الظهر.
أما أبرز الأعمال الفنية التي يتضمنها «الموسم الجميل في لبنان» العرض الأوبرالي المصغر «هانسل وغريتيل» للمخرج الفرنسي إدوار سينيوليه. وهو عمل غنائي موجه للأطفال من عمر 8 سنوات وما فوق ومدته 40 دقيقة. وسيتم عرضها في بيروت وبلدة الزوق الكسروانية وفي بيت الفنان في بلدة حمانا الشوفية في مواعيد مختلفة في 24 من الشهر الحالي.
وتختتم فعاليات هذا المهرجان الثقافي في 8 ديسمبر (كانون الأول) المقبل مع العرض المسرحي الموسيقي «إش 2 أوم» (H2omme)، ويحكي هذا العمل الموقع من المخرج جيريم إم عن سحب شخصية كرتونية غريبة مستوحاة من «La Línea»، وسيتم عرضه في المركز الثقافي الفرنسي في العاشرة من صباح السبت 8 ديسمبر (كانون الأول) وفي الرابعة بعد الظهر من اليوم نفسه في بيت الشباب الثقافي في الزوق.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».