جاكوب ريس ـ موغ... النسخة البريطانية لـ«جيل الشباب» الشعبوي اليميني في الغرب

كاثوليكي أرستقراطي ثري وابن أحد رموز «عصر فليت ستريت الذهبي»

جاكوب ريس ـ موغ... النسخة البريطانية  لـ«جيل الشباب» الشعبوي اليميني في الغرب
TT

جاكوب ريس ـ موغ... النسخة البريطانية لـ«جيل الشباب» الشعبوي اليميني في الغرب

جاكوب ريس ـ موغ... النسخة البريطانية  لـ«جيل الشباب» الشعبوي اليميني في الغرب

مع أن جاكوب ريس - موغ لا يشغل حالياً أي منصب سياسي باستثناء شغله أحد مقاعد مجلس العموم البريطاني عن حزب المحافظين الحاكم، فإن كثيراً من المتابعين ينظرون إليه على أنه ظاهرة فعالة ومؤثرة في سياسات الحزب، وأحد أقوى زعماء التيار اليميني المتشدد داخل الحزب. وما يزيد في أهمية ريس - موغ أن جرأته في طرح مواقفه المحافظة المتشدّدة، لا سيما في شأن خروج بريطانيا من أسرة الاتحاد الأوروبي وموضوع الهجرة، تضعه ضمن كوكبة من الساسة الأوروبيين الذين خدمتهم الشعبوية السياسية بالتوازي مع فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية، ونجاح تياره السياسي في فرض مواقفه نفسها على الحزب الجمهوري. الجدير بالذكر أنه كان هناك انطباع في أميركا بأن «المؤسسة الحزبية» التقليدية للجمهوريين يستحيل أن تنقلب على نفسها، وتتبنى ترشيح ملياردير لم يسبق له انتخابه لأي منصب سياسي في البلاد. اليوم، ريس - موغ ينتمي إلى جيل جديد من الساسة اليمينيين الشعبويين، الذين يبرزون باطراد في عدد من دول أوروبا، كما حصل في النمسا وإيطاليا... وقبلهما في المجر، وربما في ألمانيا أيضاً في حال تمكن وزير الصحة ينس شبان من تحسين وضعه الحالي المتخلف في المنافسة المحتدمة على زعامة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وخلافة المستشارة أنجيلا ميركل.

العلاقة الجدلية بين بريطانيا وأسرة الاتحاد الأوروبي، خصوصاً، وسياسات لندن على المسرح الدولي بصفة عامة، سلّطت الضوء خلال السنوات القليلة الماضية على وجوه سياسية راديكالية وطموحة.
هذه الوجوه برزت على حد سواءً في معسكري اليمين واليسار، ولكن إذا كان القيادي الراديكالي اليساري جيرمي كوربن - وهو أحد الأكبر سناً بينهم - قد نجح في الظفر بزعامة حزب العمال، فإن راديكاليي اليمين أخفقوا حتى الآن في انتزاع زعامة حزب المحافظين. وهذا، مع أنهم ما زالوا ناشطين في معركة نفوذ وتصفية حسابات يخوضونها ضد التيار المعتدل في الحزب الذي جاء منه كل من رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون و«خليفته» رئيسة الوزراء الحالية تيريزا ماي.
الاستفتاء الخاص بخروج بريطانيا كان محطة حاسمة في تاريخ البلاد الحديث، وأسهم بصورة كبيرة في إعادة رسم ملامح المعادلات والمطالب وصراع الهويات والمصالح في البلاد. ومع أن كثيرين رأوا في الكاتب الصحافي ووزير الخارجية السابق بوريس جونسون وزميله الكاتب الصحافي والوزير الحالي مايكل غوف «اللاعبين» الرئيسيين في معسكر اليمين المحافظ المتحمس للخروج من أوروبا، فإن جاكوب ريس - موغ كان الشخصية التي لا يستطيع أحد تجاهلها، على الرغم من مواقفها المثيرة للجدل حتى داخل هذا المعسكر.
على الأقل، كان هذا هو الانطباع قبل بضعة أسابيع. إلا أن ريس - موغ يبدو اليوم ظاهرة من العبث ألا يحسب حسابها، لا سيما مع تزايد تهديد اليمينيين الشعبويين المتشدّدين لهيمنة الأحزاب المحافظة والليبرالية التقليدية في الساحات السياسية في أوروبا خصوصاً، ناهيك بالقارة الأميركية حيث يحكم اليمينيون أكبر دولتين في «العالم الجديد»؛ الولايات المتحدة الأميركية والبرازيل.

بطاقة هوية

ولد جاكوب ويليام ريس - موغ يوم 24 مايو (أيار) 1969 في حي همرسميث بغرب العاصمة البريطانية لندن. أبوه ويليام ريس - موغ رئيس تحرير صحيفة «التايمز» وعضو مجلس اللوردات لاحقاً، وهو من عائلة كاثوليكية ومعروفة بميولها السياسية المحافظة. أما أمه جيليان موريس، فهي ابنة سياسي محافظ سبق له أن كان عمدة حي سانت بانكراس بلندن. جاكوب، هو الابن الرابع للعائلة بين 5 أولاد (3 بنات وولدان)، ووحدها شقيقته أنونزياتا تصغره سناً.
العائلة كانت امتلكت منزلاً ريفياً بمقاطعة سومرست بجنوب غربي إنجلترا عام 1964، وكان جاكوب الصغير جزءاً من ذلك المجتمع الريفي المسيحي المحافظ، يواظب على حضور قداس الأحد. وبعد ذلك انتقلت إلى منزل أكبر في قرية قريبة، ما زال يقيم فيه، مقسماً وقته بينه وبين بيته اللندني. أنهى جاكوب تعليمه المتوسط والثانوي في كلية إيتون، إحدى أعرق مدارس بريطانيا والعالم، ثم التحق بجامعة أكسفورد (كلية ترينيتي) المرموقة حيث درس التاريخ، ونشط في تنظيم الطلبة المحافظين، فاختير رئيساً لرابطة حزب المحافظين في الجامعة. وبعد التخرّج من أكسفورد عام 1991، انطلق جاكوب نحو عالم المال والأعمال الذي كان قد أولع به في سن صغيرة عندما تعرف إلى قيمة المال والاستثمار لأول مرة في سن العاشرة. وكانت محطته الوظيفية الأولى العمل في بنك روتشيلد للاستثمار، ولكنه انتقل عام 1993 إلى شركة لويد جورج ماناجمنت للإدارة المالية في هونغ كونغ. وإبان عمله في هونغ كونغ التقى هناك بحاكمها السابق - قبل إعادتها إلى الصين - كريس باتن، وهو سياسي محافظ بارز سابقاً ونشأت بينهما صداقة. ثم في عام 2003، عاد إلى لندن للعمل في قسم الأسواق الناشئة في الشركة، وظل يعمل فيه حتى عام 2007 عندما انتقل مع بعض زملائه لتأسيس شركة إدارة مالية خاصة بهم أطلقوا عليها اسم سومرست كابيتال ماناجمنت. وراهناً تقدر ثروته الشخصية - مع زوجته - ما بين 50 و150 مليون جنيه إسترليني.

دخول عالم السياسة

في عام 1997 خطا جاكوب ريس - موغ، في سن السادسة العشرين، خطواته الأولى في عالم السياسة عندما رشّحه حزب المحافظين للمنافسة على مقعد في دائرة سنترال فايف، باسكوتلندا، وهي دائرة من الحصون المضمونة لحزب العمال. وكما كان متوقعاً سقط في تلك الانتخابات التي حقق فيها حزب العمال انتصاراً انتخابياً كاسحاً على مستوى البلاد كلها، وحمل زعيمه توني بلير إلى منصب رئاسة الحكومة... منهياً 18 سنة من حكم المحافظين بلا انقطاع.
وكانت المحاولة الثانية لدخول البرلمان في الانتخابات العامة التالية عام 2001، وهذه المرة رشحه حزبه في دائرة ذي ريكن، بغرب وسط إنجلترا قرب حدود ويلز، غير أنه خسر مجدداً أمام نائب الدائرة العمالي بيتر برادلي. لكن هذه الهزيمة لم تفت في عضده، بل نجح في أن يصبح بين عامي 2005 و2008 رئيس رابطة حزب المحافظين في لندن وويستمنستر.

عضوية البرلمان

وأخيراً، بعد المحاولتين الفاشلتين، ضمن ريس - موغ ترشيح حزبه له في دائرة مضمونة للمحافظين، بجانب كونها في مقاطعة سومرست حيث بيته الريفي. وبالفعل في عام 2010 خاض وربح معركة المقعد النيابي لدائرة شمال شرقي سومرست. واحتفظ بالمقعد في انتخابات عامي 2015 و2017.
آيديولوجياً. وكما سبقت الإشارة، يعتبر ريس - موغ في أقصى يمين حزب المحافظين، وهو عضو في جماعة «كورنرستون غروب» الحزبية ذات التوجهات التقليدية المتشددة قومياً واليمينية المحافظة اقتصادياً.
وهذا الموقع الآيديولوجي الصريح جعله أحد الساسة المحافظين الأكثر تمرداً على النهج التوافقي المعتدل لرئيس الوزراء المحافظ السابق ديفيد كاميرون، والأكثر إزعاجاً له. ولقد عارض حكومة كاميرون في عدد من سياساتها من زواج المثليين إلى التدخل العسكري في سوريا. كذلك عرف عنه إتقانه تعمد الإرباك وإضاعة الوقت بالخطب الطويلة والمداخلات اللجوجة، واللماحة والظريفة غالباً.
في موضوع خروج بريطانيا من أسرة الاتحاد الأوروبي، كان ريس - موغ ليس فقط من كبار مؤيدي الخروج، بل والتحالف من أجل هذا الهدف مع «حزب استقلال المملكة المتحدة» الذي جعل مغادرة أوروبا محور وجوده.
وفي هذا السياق، يجدر التذكير بأن كاميرون كان من دعاة البقاء داخل أسرة الاتحاد، لكنه في ضوء ارتفاع شعبية «حزب استقلال المملكة المتحدة» في استطلاعات الرأي، وخشيته من التسبب بشق حزب المحافظين، تعهد بإجراء استفتاء شعبي على الخروج... مع أنه كان مضطراً لذلك. وكانت، النتيجة أن تيار الخروج ربح الجولة، فاستقال كاميرون، وورثت رئيسة الوزراء الحالية تيريزا ماي الأزمة بكل تعقيداتها وتداعياتها.
جاكوب ريس - موغ لم يكتفِ في ذلك الاستفتاء الذي أجري عام 2016 بأن شارك بحماسة وانتظام في الحملات الشعبية - رغم مظهره النخبوي وتصرفاته الأرستقراطية - في الشارع والميادين العامة، بل انضم لاحقاً إلى جماعة الضغط المتشددة التي أطلقت على نفسها اسم «الخروج يعني الخروج»، وأيضاً «المجموعة الأوروبية للأبحاث» المناصرة للخروج والمناوئة للتكامل الأوروبي.
وبما يخص ميوله القومية المتشددة، تشير الصحافة البريطانية إلى مناسبات كثيرة صدرت فيها عن ريس - موغ مواقف مثيرة للجدل، كما صدرت عنه تصريحات تدل على نمط تفكيره «الرجعي» الذي يقلق كثيرين من الليبراليين واليساريين، بل حتى المحافظين المعتدلين. ومنها، على سبيل المثال، أنه انتقد ديفيد كاميرون، عندما كان كاميرون زعيماً لحزب المحافظين، لأنه كان يسعى إلى زيادة لرفع نسبة الأقليات العرقية في قوائم ترشيحات الحزب للانتخابات، وكانت حجة ريس - موغ أن اعتماد حصة ثابتة للأقليات العرقية «سيعقد اختيار المرشحين الأكثر أهلية من الناحية الفكرية والثقافية»، وأن «95 في المائة من البريطانيين من البيض، ولا يجوز أن تختلف تركيبة قوائم المرشحين عن حقيقة نسيج البلاد ككل».
أيضاً في مايو 2013، شارك وألقى خطاباً في حفل العشاء السنوي لـ«مجموعة بريطانيا التقليدية» اليمينية المتطرفة التي تدعو إلى إعادة غير البيض من البريطانيين إلى بلدانهم الأصلية. واللافت أنه بعد ذلك العشاء، قال إنه على الرغم من تلقيه معلومات عن توجهات «المجموعة» وأفكارها قبل أن يشارك، فإنه شارك لكنه «ليس عضواً فيها وليس مؤيداً لها».

بعد استقالة كاميرون

نتيجة استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي التي أدت إلى استقالة كاميرون، فتحت الباب على مصراعيه أمام التيار الحزبي المناوئ لأوروبا كي يستقوي بذريعة «الخيار الديمقراطي» لتسريع إنجاز الخروج. ولدى فتح باب التنافس لخلافة كاميرون على زعامة الحزب، وبالتالي، رئاسة الحكومة، أعلن جاكوب ريس - موغ في البداية تأييده ترشيح وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، ولكن عندما اختار جونسون أن يعزف عن الترشح حوّل تأييده لمرشح آخر من معسكر «الخروج» هو مايكل غوف. ثم، عندما خرج غوف من حلبة المنافسة، أيد الوزيرة آندريا ليدسون (من المعسكر نفسه) وكانت المنافسة الأخيرة لتيريزا ماي، قبل أن تقرر بدورها الانسحاب أمام ماي.
غير أن صعود ريس - موغ داخلياً في بريطانيا، يستحق أن ينظر إليه في سياق آخر، يتصل بالمتغيرات الدولية.
وكلها حتى اللحظة تسير لمصلحة صعوده السياسي. إذ إنه يبرز بين المرشحين المستقبليين لزعامة حزب المحافظين في الفترة التي ترتفع فيها أسهم اليمين الشعبوي في أماكن كثيرة من أوروبا، وكذلك في الولايات المتحدة.
وحقاً، عرف عن جاكوب ريس - موغ أنه لفترة ما في عام 2016 كان مناصراً لدونالد ترمب، مع أنه حاول النأي عنه لاحقاً. ثم، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 التقى ستيف بانون، المخطط الاستراتيجي السابق في البيت الأبيض كي يبحث معه إمكانات التعاون بين جماعات اليمين في بريطانيا وأميركا وفرص نجاح تعاونها.
كل هذا، يوحي بأن ريس - موغ «مشروع زعيم» جديد لحزب المحافظين البريطاني، مع أن ترشحه، ومن ثم فوزه، بسبب عداوة خصومه له، قد يهدد وحدة الحزب... أو على الأقل رقعة جذبه المطلوبة لفوزه في الانتخابات، وتولي الحكم.


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
TT

منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)

يسدلُ الستارُ على آخر مشاهد عام 2024 في منطقة الساحل الأفريقي، ورغم أن هذه الصحراء الشاسعة ظلت رتيبة لعقود طويلة، فإن المشهد الأخير جاء ليكسر رتابتها، فلم يكن أحد يتوقع أن ينتهي العام والمنطقة خالية من القوات الفرنسية، وأن يحل محلها مئات المسلحين الروس، وأنّ موسكو ستكون أقربَ من باريس لكثير من أنظمة الحكم في العديد من بلدان القارة السمراء.ورغم أن الفرنسيين كانوا ينشرون في الساحل أكثر من 5 آلاف جندي لمحاربة الإرهاب، بينما أرسل الروس بدورهم مرتزقة شركة «فاغنر» للمساعدة في المهمة نفسها، التي فشل فيها الفرنسيون، فإن الإرهاب ما زال يتمدد، بل إنه ضرب في قلب دول الساحل هذا العام، كما لم يفعل من قبل.

لم يكن الإرهاب حجةً للتدخل العسكري الأجنبي فقط، وإنما كان حجة جيوش دول الساحل للهيمنة على الحكم في انقلابات عسكرية أدخلت الدول الثلاث، مالي، النيجر وبوركينا فاسو، في أزمة حادة مع جيرانها في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، انتهت بالقطيعة التامة وانسحاب الدول الثلاث من المنظمة الإقليمية التي كانت حتى وقت قريب تمثّلُ حلماً جميلاً بالاندماج والتكامل الاقتصادي.

بالإضافة إلى تصاعد الإرهاب والعزلة الإقليمية، حمل عام 2024 معه لدول الساحل تداعيات مدمرة للتغيّر المناخي، فضرب الجفاف كثيراً من المحاصيل الزراعية، وجاءت بعد ذلك فيضانات دمّرت ما بقي من حقول وقرى متناثرة في السافانا، وتسببت في موت الآلاف، وتشريد الملايين في النيجر وتشاد ومالي وبوركينا فاسو.

صورة وزعها الجيش الفرنسي لمقاتلين من المرتزقة الروس خلال صعودهم إلى مروحية في شمال مالي في أبريل 2022 (الجيش الفرنسي - أ.ب)

الخروج الفرنسي

الساحل الذي يصنّف واحدة من أفقر مناطق العالم وأكثرها هشاشة، كان يمثّلُ الجبهة الثانية للحرب الروسية - الأوكرانية، فكان مسرحاً للصراع بين الغرب وروسيا، وقد تصاعد هذا الصراع في عام 2024، وتجاوز النفوذ السياسي والاستراتيجي، إلى ما يشبه المواجهة المباشرة من أجل الهيمنة على مناجم الذهب واليورانيوم وحقول النفط، والموارد الهائلة المدفونة في قلب صحراء يقطنها قرابة 100 مليون إنسان، أغلبهم يعيشون في فقر مدقع.

يمكن القول إن عام 2024 محطة فاصلة في تاريخ الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل، خصوصاً أن الفرنسيين دخلوا المنطقة مطلع القرن التاسع عشر، تحت غطاء تجاري واقتصادي، ولكن سرعان ما تحوّل إلى استعمار عسكري وسياسي، هيمن بموجبه الفرنسيون على المنطقة لأكثر من قرن من الزمان، وبعد استقلال هذه الدول، ظلت فرنسا موجودة عسكرياً بموجب اتفاقات للتعاون العسكري والأمني.

ازداد الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل بشكل واضح، عام 2013، بعد أن توجّه تنظيم «القاعدة» إلى منطقة الساحل الأفريقي، ليتخذ منها مركزاً لأنشطته بعد الضربات التي تلقاها في أفغانستان والعراق، ومستغلاً في الوقت ذاته الفوضى التي عمّت المنطقة عقب سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي عام 2011. حينها أصبح الفرنسيون يقودون «الحرب العالمية على الإرهاب» في الساحل، وأطلقوا عملية «سيرفال» العسكرية في يناير (كانون الثاني) 2013، التي تحوّلت عام 2014 إلى عملية «برخان» العسكرية التي كان ينفق عليها الفرنسيون سنوياً مليار يورو، وينشرون فيها أكثر من 5 آلاف جندي في دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.

على وقع هذه الحرب الطاحنة بين الفرنسيين وتنظيم «القاعدة»، وانتشار الجنود الفرنسيين بشكل لافت في شوارع المدن الأفريقية، تصاعد الشعور المعادي لفرنسا في الأوساط الشعبية، ما قاد إلى انهيار الأنظمة السياسية الموالية لباريس، وسيطر عسكريون شباب على الحكم في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وكان أول قرار اتخذوه هو «مراجعة» العلاقة مع فرنسا، وهي مراجعة انتهت بالقطيعة التامة.

حزمت القوات الفرنسية أمتعتها وغادرت مالي، ثم بوركينا فاسو والنيجر، ولكن المفاجأة الأكبر جاءت يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 حين قررت تشاد إنهاء اتفاقية التعاون العسكري مع فرنسا، وهي التي ظلت دوماً توصف بأنها «حليف استراتيجي» للفرنسيين والغرب في المنطقة.

وبالفعل بدأ الفرنسيون حزم أمتعتهم ومغادرة تشاد دون أي تأخير، وغادرت مقاتلات «ميراج» الفرنسية قاعدة عسكرية في عاصمة تشاد، إنجامينا، يوم الثلاثاء 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في حين بدأ الحديث عن خطة زمنية لخروج أكثر من ألف جندي فرنسي كانوا يتمركزون في تشاد.

ربما كان تطور الأحداث خلال السنوات الأخيرة يوحي بأن الفرنسيين في طريقهم إلى فقدان نفوذهم التقليدي في منطقة الساحل، ولكن ما يمكن تأكيده هو أن عام 2024 شكّل «لحظة الإدراك» التي بدأ بعدها الفرنسيون يحاولون التحكم في صيغة «الخروج» من الساحل.

صورة جماعية لقادة دول "الإيكواس" خلال قمتهم في أبوجا بنيجيريا يوم 15 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

لقد قرَّر الفرنسيون التأقلم مع الوضع الجديد في أفريقيا، حين أدركوا حجم الجهد الضائع في محاولة المواجهة والضغط على الأنظمة العسكرية المتحالفة مع روسيا، فهذه الأنظمة لا تتوقف عن «إذلال» القوة الاستعمارية السابقة بقرارات «استفزازية» على غرار اعتقال 4 موظفين بالسفارة الفرنسية في بوركينا فاسو، واتهامهم بالتجسس، وبعد عام من السجن، أُفرج عنهم بوساطة قادها العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم 19 ديسمبر 2024.

وفي النيجر، قرَّر المجلس العسكري الحاكم، في يونيو (حزيران) 2024، إلغاء رخصة شركة فرنسية كانت تستغل منجماً لليورانيوم شمال البلاد، وسبق أن قرَّرت النيجر، على غرار مالي وبوركينا فاسو، منع وسائل الإعلام الفرنسية من البث في البلاد بعد أن اتهمتها بنشر «أخبار كاذبة».

يدخل مثل هذه القرارات ضمن مسار يؤكد أن «النقمة» تجاه الفرنسيين في دول الساحل تحوّلت إلى قرار نهائي بالقطيعة والخروج من عباءة المستعمِر السابق. وفي ظل مخاوف من اتساع رقعة هذه القطيعة لتشمل دولاً أفريقية أخرى ما زالت قريبةً من باريس، وضع الفرنسيون خطةً لإعادة هيكلة وجودهم العسكري في أفريقيا، من خلال تخفيض قواتهم المتمركزة في السنغال، وكوت ديفوار، والغابون، وجيبوتي.

أسند الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مهمة إعداد هذه الخطة إلى جان-ماري بوكل، حين عيّنه في شهر فبراير (شباط) 2024 مبعوثاً خاصاً إلى أفريقيا، وهي المهمة التي انتهت في نحو 10 أشهر، قدّم بعدها تقريراً خاصاً سلّمه إلى ماكرون، يوم 27 نوفمبر الماضي، ينصح فيه بتقليص عدد القوات الفرنسية المتمركزة إلى الحد الأدنى، وتَحوُّل القواعد العسكرية إلى «مراكز» أكثر مرونة وخفة، هدفها التركيز على التدريب العسكري، وجمع المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية.

الأميركيون أيضاً

حين كان الجميعُ يتحدَّث خلال العقدين الأخيرين عن الانتشار العسكري الفرنسي، والنفوذ الذي تتمتع به باريس في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، كان الأميركيون حاضرين ولكن بصمت، ينشرون مئات الجنود من قواتهم الخاصة في النيجر؛ لمساعدة هذا البلد في حربه ضد جماعات مثل «القاعدة»، و«بوكو حرام»، و«داعش». واستخدم الأميركيون في عملياتهم قاعدة جوية في منطقة «أغاديز» خاصة بالطائرات المسيّرة التي تمكِّنهم من مراقبة الصحراء الكبرى وتحركات «القاعدة» من جنوب ليبيا وصولاً إلى شمال مالي.

ولا يزال الأميركيون أوفياء لاستراتيجية الحضور العسكري الصامت في أفريقيا، على العكس من حلفائهم الفرنسيين وخصومهم الروس، ولكن التحولات الأخيرة في منطقة الساحل أرغمتهم على الخروج إلى العلن، خصوصاً حين بدأت مجموعة «فاغنر» تتمتع بالنفوذ في النيجر. حينها أبلغ الأميركيون نظام الحكم في نيامي بأنه لا مجال لدخول «فاغنر» إلى بلد هم موجودون فيه.

وحين اختارت النيجر التوجه نحو روسيا و«فاغنر»، قرَّر الأميركيون في شهر أغسطس (آب) 2024 سحب قواتهم من النيجر، وإغلاق قاعدتهم العسكرية الجوية الموجودة في شمال البلاد.

وأعلن الأميركيون خطةً لإعادة تموضع قواتهم في غرب أفريقيا، فتوجَّهت واشنطن نحو غانا وكوت ديفوار وبنين، وهي دول رفعت من مستوى تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة، وتسلّمت مساعدات عسكرية كانت موجهة إلى النيجر، عبارة عن مدرعات وآليات حربية.

دبابة فرنسية على مقربة من نهر النيجر عند مدخل مدينة غاو بشمال مالي يوم 31 يناير 2013 (أ.ب)

البديل الروسي

لقد كانت روسيا جاهزة لاستغلال تراجع النفوذ الغربي في منطقة الساحل، وهي المتمركزة منذ سنوات في ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، فنشرت المئات من مقاتلي «فاغنر» في مالي أولاً، ثم في بوركينا فاسو والنيجر، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول.

لكن موسكو حاولت في العام الماضي أن ترفع من مستوى تحالفها مع دول الساحل إلى مستويات جديدة. فبالإضافة إلى الشراكة الأمنية والعسكرية، كان الروس يطمحون إلى شراكة اقتصادية وتجارية.

ولعل الحدث الأبرز في هذا الاتجاه كان جولة قام بها وفد روسي بقيادة نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، نهاية نوفمبر الماضي، وقادته إلى دول الساحل الثلاث: مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

كان الهدف من الجولة هو «تعزيز الشراكة الاقتصادية»، مع تركيز روسي واضح على مجال «الطاقة». فقد ضم الوفد الروسي رجال أعمال وفاعلين في قطاع الطاقة، وسط حديث عن اتفاقات لإقامة محطات لإنتاج الطاقة الشمسية، تتولى شركات روسية تنفيذها في الدول الثلاث.

وفي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وقَّع رؤساء مالي وبوركينا فاسو والنيجر اتفاقاً مع وكالة الفضاء الروسية، ستقدم بموجبه الوكالة الروسية لهذه الدول «صور الأقمار الاصطناعية»؛ من أجل تعزيز مراقبة الحدود وتحسين الاتصالات، أي أن روسيا أصبحت العين الرقيبة على دول الساحل بعد أن أُغمضت العين الفرنسية. هذا عدا عن نجاح روسيا في اللعب بورقة الأمن الغذائي، فكان القمح الروسي أهم سفير لموسكو لدى دول الساحل، وفي العام الماضي أصبحت موسكو أكبر مورِّد للحبوب لهذه الدول التي تواجه مشكلات كبيرة في توفير حاجياتها من الغذاء، فأصبح القمح الروسي يسيطر على سوق حجمها 100 مليون نسمة.

رغم المكاسب التي حققتها روسيا في منطقة الساحل الأفريقي، فإن عام 2024 حمل معه أول هزيمة تتعرَّض لها مجموعة «فاغنر» الخاصة، منذ أن بدأت القتال إلى جانب الجيش المالي، قبل سنوات عدة.

جاء ذلك حين تصاعدت وتيرة المعارك بين الجيش المالي والمتمردين الطوارق، إثر انسحاب مالي من اتفاقية الجزائر المُوقَّعة بين الطرفين عام 2015، ودخل الطرفان في هدنة بموجبها امتدت لقرابة 10 سنوات. لكن الهدنة انتهت حين قرر الماليون الزحف العسكري نحو الشمال حيث يتمركز المتمردون.

استطاع الجيش المالي، المدعوم من «فاغنر»، أن يسيطر سريعاً على كبريات مدن الشمال، حتى لم تتبقَّ في قبضة المتمردين سوى قرية صغيرة، اسمها تينزواتين، على الحدود مع الجزائر، وعلى مشارفها وقعت معركة نهاية يوليو (تموز) 2024، قُتل فيها العشرات من الجيش المالي و«فاغنر»، ووقع عدد منهم في الأسر.

كانت هزيمة مفاجئة ومذلة، خصوصاً حين نشر المتمردون مقاطع فيديو لعشرات الجثث المتفحمة، بعضها يعود لمقاتلين من «فاغنر»، كان من بينهم قائد الفرقة التي تقدّم الدعم للجيش المالي من أجل استعادة السيطرة على شمال البلاد.

طائرة ميراج فرنسية تُقلع من قاعدة في إنجامينا... (أ.ف.ب)

المفاجأة الأوكرانية

اللافت بعد هزيمة «فاغنر» والجيش المالي في «معركة تينزواتين» هو اكتشاف دور لعبته أوكرانيا في دعم المتمردين من أجل كسر كبرياء روسيا، من خلال إذلال «فاغنر»، وهو ما أكدته مصادر أمنية وعسكرية أوكرانية.

تحدَّثت مصادر عدة عن حصول المتمردين في شمال مالي على تدريب خاص في أوكرانيا، واستفادتهم من طائرات مسيّرة حصلوا عليها من كييف مكّنتهم من حسم المعركة بسرعة، بالإضافة إلى معلومات استخباراتية وفّرتها لهم المخابرات الأوكرانية وكان لها الأثر الكبير في الهزيمة التي لحقت بقوات «فاغنر» وجيش مالي.

لم يكن لأوكرانيا، في الواقع، أي نفوذ في منطقة الساحل الأفريقي، ولا يتجاوز حضورها سفارات شبه نائمة، لكنها وبشكل مفاجئ ألحقت بروسيا أول هزيمة على صحراء مالي، وأصبحت تطمح لما هو أكثر من ذلك. ولكن مالي أعلنت بعد مرور أسبوع على «معركة تينزواتين»، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا، وتبعتها في ذلك النيجر وبوركينا فاسو، كما تقدَّمت مالي بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي تتهم فيها أوكرانيا بدعم «الإرهاب» في منطقة الساحل الأفريقي.

رغم مكاسب روسيا في الساحل، إلا إن عام 2024 حمل معه أول هزيمة لمجموعة «فاغنر» منذ أن بدأت القتال إلى جانب جيش مالي

قادة مالي الكولونيل أسيمي غويتا، والنيجر الجنرال عبدالرحمن تياني، وبوركينا فاسو النقيب إبراهيم تراوري خلال لقاء لـ "تحالف دول الساحل" في نيامي، عاصمة النيجر، يوم 6 يوليو الماضي (رويترز)

خطر الإرهاب

في 2024 كثّفت جيوش دول الساحل حربها ضد التنظيمات الإرهابية، ونجحت في تحقيق مكاسب مهمة، وقضت على مئات المقاتلين من تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقد ساعدت على ذلك الشراكة مع روسيا، حيث حصلت جيوش الساحل على أسلحة روسية متطورة، كما كان هناك عامل حاسم تَمثَّل في مسيّرات «بيرقدار» التركية التي قضت على مئات المقاتلين.

لكن الخطوة الأهم في الحرب، جاءت يوم 6 مارس (آذار) 2024، حين أعلن قادة جيوش دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو إنشاء «قوة عسكرية مشتركة»؛ لمواجهة الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة، خصوصاً في المناطق الحدودية، ما قلّص من قدرة التنظيمات الإرهابية على التنقل عبر الحدود.

في هذه الأثناء قرَّرت دول الساحل رفع مستوى هذا التعاون مطلع يوليو 2024، من خلال تشكيل «تحالف دول الساحل»؛ بهدف توحيد جهودها في مجال محاربة الإرهاب، ولكن أيضاً مواقفها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، قبل أن تتجه نحو تشكيل عملة موحدة وجواز سفر موحد.

في غضون ذلك، لم تتوقف التنظيمات الإرهابية عن شنِّ هجماتها في الدول الثلاث، ولعل الهجوم الأهم في العام الماضي ذاك الذي نفَّذه تنظيم «القاعدة» يوم 17 سبتمبر الماضي ضد مطار عسكري ومدرسة للدرك في العاصمة المالية باماكو. شكّل الهجوم الذي خلّف أكثر من 70 قتيلاً، اختراقاً أمنياً خطيراً، أثبت من خلاله التنظيم الإرهابي قدرته على الوصول إلى واحدة من أكثر المناطق العسكرية حساسية في قلب دولة مالي.

في يوم 28 يناير 2024 أعلنت الأنظمة العسكرية الحاكمة، في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، التي فرضت عقوبات ضد دول الساحل إثر الانقلابات العسكرية التي وقعت فيها، وفي يوليو عادت لتُشكِّل «تحالف دول الساحل».

يؤكد التحالف الجديد رغبة هذه الدول في الانسحاب من المنظمة بشكل نهائي، ولكنه في المقابل يرسم ملامح الصراع الدولي في المنطقة. فتحالف دول الساحل يمثّل المحور الموالي لروسيا، أما منظمة «إيكواس» فهي الحليف التقليدي لفرنسا والغرب.

ورغم أن منظمة «إيكواس» في آخر قمة عقدتها خلال ديسمبر الحالي، تركت الباب مفتوحاً أمام تراجع دول الساحل عن القرار، ومنحتها مهلة 6 أشهر، إلا أن القادة العسكريين لدول الساحل ردوا على المنظمة بأن قرارهم «لا رجعة فيه».