وفاة محمد بن شريفة أبرز الأعلام المغاربة المتخصصين في الأدب الأندلسي

كان يؤمن بأن أهل المغرب أقدر من غيرهم على تذوق أدب الغرب الإسلامي

الراحل محمد بن شريفة
الراحل محمد بن شريفة
TT

وفاة محمد بن شريفة أبرز الأعلام المغاربة المتخصصين في الأدب الأندلسي

الراحل محمد بن شريفة
الراحل محمد بن شريفة

توفي أول من أمس بالرباط، الدكتور محمد بن شريفة، عن سن ناهزت 88 عاماً، وذلك بعد مسار علمي وفكري حافل بالعطاء والبحث المتمكن، جعله «من أبرز أعلام الفكر في المغرب والعالم العربي، المتخصصين في الأدب الأندلسي»، و«من أفذاذ اللغة والأدب العربي وتحقيق التراث».
درس الراحل في كلية ابن يوسف بمراكش حتى القسم النهائي الأدبي، قبل أن ينتسب إلى جامعة محمد الخامس عند تأسيسها سنة 1956، وكان في طليعة الفوج الأول المُجاز وأول حاصل على دبلوم الدراسات العليا في الأدب منها، في 1964. قبل أن ينال سنة 1969 الدكتوراه في الأدب من جامعة القاهرة بمرتبة الشرف الأولى، ويعمل أستاذاً للأدب الأندلسي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط.
تقلد الراحل عدداً من المهام والمسؤوليات، بينها منصب عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة وجدة التابعة لجامعة محمد الأول، التي سيتقلد مسؤولية رئاستها. كما تقلد مهمة إدارة المكتبة الوطنية بالرباط، وكان عضواً في عدد من المجمعات والأكاديميات، بينها مجمع اللّغة العربية بالقاهرة، ومجمع اللغة العربية بدمشق، والمجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية ومؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي في الأردن، وأكاديمية المملكة المغربية، منذ تأسيسها، والأكاديمية الملكية للتاريخ في مدريد بإسبانيا.
ونظراً لأعماله الجادة والمميزة، نال الراحل عدداً من الجوائز الوطنية والدولية، بينها في 1986 جائزة المغرب عن دراسته «أبو تمام وأبو الطيب في أدب المغاربة»، وفي 1993 «جائزة الاستحقاق الكبرى» من وزارة الثقافة المغربية، وفي 1988 نال الراحل «جائزة الملك فيصل العالمية»، بالاشتراك مع الدكتور محمود يوسف علي مكي، في موضوع «الدراسات التي تناولت الأدب العربي في الأندلس»، كما حصل على جائزة الكويت للتقدّم العلمي، ونال عدة أوسمة، من بينها وسام من درجة فارس، وآخر من درجة ضابط من المملكة المغربية. ترك الراحل وراءه عشرات الملفات والأبحاث، التي تؤكد أسلوبه الدؤوب والمتميِّز في البحث والاستقصاء. كما أشرف على عدد كبير من البحوث الجامعية، وشارك في مناقشة عدد كبير منها في جامعات المغرب وإسبانيا وفرنسا.
ومن أعمال الراحل، في التأليف والتحقيق، نجد «ابن عَميرة المخزومي»، و«ابن مغاور الشاطبي»، و«ابن لُبّال الشريشي»، و«ابن حريق البلنسي»، و«ابن رشد الحفيد»، و«أبو بحر التجيبي»، و«أمثال العوام في الأندلس (دراسة وتحقيق)»، و«الزمان والمكان لابن الزبير (دراسة وتحقيق)»، و«تحقيق كتاب الذيل والتكملة لابن عبد الملك»، و«تحقيق ترتيب المدارك للقاضي عِياض»، و«تحقيق كتاب التعريف بالقاضي عياض لولده»، و«تحقيق مذاهب الحكام لعياض»، و«ملعبة الكفيف الزرهوني»، و«ديوان ابن فركون»، و«تاريخ الأمثال والأزجال في الأندلس والمغرب».
ونقرأ في «الموسوعة الحرة»، أن الراحل اتخذ من تراجم الأعلام وسيلة لترسيخ هوية الغرب الإسلامي، وحضوره في معترك الحضارة الإسلامية بصورة فعالة، كما اتخذها وسيلة لضبط حركية تاريخ هذا الجناح من الغرب الإسلامي، بعد إحساسه بتقصير المغاربة في التعريف بأعلامهم، حيث لاحظ وهو يهيئ رسالته حول «ابن عَميرة» أن الآداب المغربية لم تحظ إلا بالنزر اليسير من جهود الباحثين، كما لاحظ أن الأدب الأندلسي لا يزال يفتقر إلى العناية، وأن الدراسات عن أعلام هذا الأدب ظلت مقصورة على طائفة مشهورة… بينما بقيت شخصيات أدبية جديرة بالدراسة في حاجة إلى من يعنى بها. وذكر محمد بن شريفة أن ابن عبد الملك المراكشي، المتوفى سنة 703 هجرية، عاب على المغاربة إهمالهم وتقصيرهم في تأريخ أعلامهم. كما لاحظ أن الحياة الأدبية بالمغرب ظلت على هامش الحياة الفكرية، ما نتج عنه ضياع أخبار أدبائه وآثارهم. وقد شعر بن شريفة بهول هذا التقصير عند المغاربة في التعريف بأعلامهم، فقام بهذا العبء، وكابده تحقيقاً وتأليفاً طيلة حياته العلمية الماضية. وكان يؤمن بأن أهل المغرب هم أقدر من غيرهم على تذوق أدب الغرب الإسلامي، وأن التراث الأندلسي تراث عربي مشترك، محسوب على المغرب وراجع إليه، وأن كثيرا من أعلامه هم من أصول مغربية. من أجل هذا كله يقول بن شريفة إن بلاد المغرب «تحمل العبء الأكبر في إحياء هذا التراث». وتميز بن شريفة بمهارة تشهد له بالاطلاع الواسع، والمعاشرة الدائمة للمخطوطات، وقدرته الفائقة على قراءة النصوص واستنطاقها، وكيفية الاستفادة منها في إجلاء ملامح الشخصيات. ومهما كانت الأخبار شحيحة، فإنه يحاصرها بتساؤلاته، ويخضعها لآلياته الاستكشافية، فيستخلص منها إفادات تفتح آفاقاً للبحث. وكان يقول: «إن القراءة المتأنية، والمراجعة المتكررة للنصوص، تقود القارئ المتيقظ، والباحث المتنبه إلى اكتشاف خباياها، وإيضاح خفاياها. والذين يداومون على قراءة النصوص يخرجون دائماً، بعد كل قراءة، بشيء جديد».



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.