فنانو ليبيا ينعون «التشكيلي» خالد بن سلمة... تبكيك المعارض والصور

أصدقاؤه: ترك بصمة ودراسات في الفن الأفريقي

الفنان التشكيلي الليبي خالد بن سلمة في أحد معارضه
الفنان التشكيلي الليبي خالد بن سلمة في أحد معارضه
TT

فنانو ليبيا ينعون «التشكيلي» خالد بن سلمة... تبكيك المعارض والصور

الفنان التشكيلي الليبي خالد بن سلمة في أحد معارضه
الفنان التشكيلي الليبي خالد بن سلمة في أحد معارضه

نعت الحركة الفنية والأوساط الأدبية في ليبيا، التشكيلي خالد بن سلمة، الذي غيبه الموت، إثر حادث سير أليم في العاصمة طرابلس.
وقال اتحاد الفنانين التشكيليين، إن الراحل من الفنانين المهمين الذين أثروا الحركة التشكيلية الليبية بمعارض مهمة أقامها في ليبيا ومصر وتونس ودول غربية كثيرة.
وولد سلمة، أو سلمي، كما يطلق عليه محبوه، في مدينة سبها عاصمة الجنوب، في عام 1969. ودرس الفن، ومارسه منذ صباه حتى أصبح له بصمة في الفن التشكيلي، وانتمى الراحل للمدرسة الواقعية وصولاً إلى التجريد والتكعيبية.
وترك الراحل دراسات فنية تتعلق بأصول الرسم الأفريقي، بالإضافة لمشاركته في معارض محلية ودولية كثيرة، كما حاز على جوائز في التصوير الفوتوغرافي، وفن البورتريه.
وعبّر فنانون ليبيون عن حزنهم لفقد بن سلمة، وقالوا: اليوم «تبكيك الصور والمعارض ورمال (فزان)، كما تبكيك أحجارها، سهولها ووديانها».
ورأى الفنان التشكيلي مرعي التليسي، أن خالد، بجانب أنه إنسان وطني له مساهمات فنية في كل المعارض كان أحد أهم المشاركين في كل لجان المصالحة، ورأب الصدع في كل الحروب التي نشبت في منطقة سبها، مشيراً إلى أنه «لم يكن يخشى الموت، لكنه كان خائفاً أن لا يكمل مهمته في المصالحات الوطنية بالبلاد».
وانتهى التيلسي قائلاً: «مات خالد إثر حادث أليم، بعد مشاركته في معرض تشكيلي بمدينة تاجوراء».
وقال الفنان التشكيلي يوسف السيفاو، «حوارنا كان طويلاً، وكان يطالبني دائماً بعدم الاستعجال في إنهاء العمل، وعن كيفية رسم نقطة النهاية، والتصور الأخير للوحة كمجهود جماعي يفرح به الكل»، متابعاً: «أخبرني أنه يحب النهايات السعيدة، ولم يعترض على شيء وكان القبول في قلبه».
من جانبها، قالت الإعلامية الليبية، منى بن هيبة، إن الراحل «كان باﻷمس يبث للوطن السلام، واليوم يبث الوطن لروحه السلام، كان منتشياً بألوانه وخيالاته التي لا تبتعد عن الواقع إلا لتعود إليه، كان يقف مع زوار معرض تاجوراء للفنون التشكيلية ومتذوقي أعماله ليعطي صفة الديمومة للوحة المرسومة، ويبعث رسالة سلام وحب لوطنه».
وأضافت هيبة، أن بن سلمة لم يكن مجرد فنان تشكيلي يمسك الفرشاة ويمزج الألوان على السطح الأبيض، فقط بل كان إنساناً مثقفاً طموحاً بلا انتهاء، حاول أن يطرق أبواباً لم يدخلها غيره ممن سبقوه، كما اجتهد للنظر في امتدادات الفنون من خلال نوافذ الساحات التشكيلية.



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.