أزمة الأسواق الناشئة مرشحة للاستمرار في 2019

{غولدمان ساكس} يرجح ارتفاع أسهمها 12 %... وفيتش يحذر من تأثير الدولار

صورة أرشيفية لأحد محلات الصرافة في بيونس أيريس
صورة أرشيفية لأحد محلات الصرافة في بيونس أيريس
TT

أزمة الأسواق الناشئة مرشحة للاستمرار في 2019

صورة أرشيفية لأحد محلات الصرافة في بيونس أيريس
صورة أرشيفية لأحد محلات الصرافة في بيونس أيريس

كان عام 2018 ثقيلا على الأسواق الناشئة مع الخسائر الكبيرة التي سجلتها عملات بلدان مثل تركيا والبرازيل، والجدل الواسع حول السياسات الاقتصادية في الأرجنتين وهي تبرم اتفاق قرض مع صندوق النقد، وفي البرازيل وسط سباق رئاسي محتدم... ومع اقتراب العام من نهايته يطرح المراقبون لهذه الأسواق رؤى مختلفة حول أداء هذه الأسواق في 2019 والمخاطر التي تواجهها.
وقالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، في تقرير هذا الأسبوع، إن آثار السياسات النقدية المتشددة في الولايات المتحدة وقوة الدولار ومخاطر التجارة العالمية والنمو، ستستمر في الانعكاس على أداء الاقتصادات الناشئة في 2019.
وتظهر آثار تذبذبات الأسواق الناشئة على رؤية فيتش وتصنيفاتها الأخيرة، فمن بين 15 تصنيفا سياديا للوكالة تحظى برؤية سلبية، هناك فقط ثلاثة تصنيفات تخص أسواق الدول المتقدمة. والجدير بالذكر أن من بين تصنيفات الوكالة في 2018 كان هناك مراجعة لتصنيف الأرجنتين المُصنفة عند درجة «بي» برؤية «سلبية»، وتخفيض في تصنيف تركيا إلى «بي بي» برؤية «سلبية».
وتشير الوكالة إلى عوامل إيجابية ساندت اقتصادات الأسواق الناشئة الفترة الماضية مثل ارتفاع أسعار السلع الأولية الذي أسهم في زيادة صادرات هذه البلدان، لكن بسبب ظروف خاصة ببعض الأسواق الناشئة وتطورات أوسع نطاقا تشمل الفائدة الأميركية والحمائية التجارية، خفضت فيتش من توقعاتها للنمو في الكثير من الأسواق الناشئة خلال 2018.
وقالت فيتش إن «المزيد من ارتفاع قيمة الدولار والتشدد في الأوضاع المالية العالمية من المرجح أن يثبط رؤوس الأموال عن التدفق إلى الأسواق الناشئة». مشيرة إلى أن ارتفاع معدلات اقتراض الأسواق الناشئة بالعملات الأجنبية خلال السنوات الأخيرة أسهم في زيادة تأثيرات ارتفاع قيمة الدولار على إمكانية وتكلفة إقراض هذه الأسواق. وتنوه فيتش إلى أن «اتجاه الدولار أمر مهم للأسواق الناشئة ويرتبط بالتصنيف السيادي للأسواق الناشئة».
وفي الوقت الذي قد يسهم فيه رفع أسعار الفائدة في احتواء الضغوط القائمة على عملات الأسواق الناشئة، تحذر فيتش من أن التشدد النقدي قد يكون عبئا على النمو الاقتصادي، لافتة إلى أنه في الوقت الذي تقول فيه الكثير من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة إنها تتدخل بشكل محدود في أسواق العملات للحد من التذبذبات القوية، فإن البيانات ترجح أنها قد تنفق احتياطياتها من النقد الأجنبي لمنع المزيد من التعويم للعملات، وهذه الاحتياطيات يعتمد عليها في الحد من تأثير الصدمات الخارجية.
واعتبرت فيتش أن الضغوط على الموازين المالية والخارجية تظهر بشكل واضح في بلدان أميركا اللاتينية والشرق الأوسط وأفريقيا.
ومن جهة أخرى، يطرح بنك «غولدمان ساكس»، في تقرير رؤية 2019 رؤية متفائلة نسبيا... مرجحا أن تشهد أسهم الأسواق الناشئة وعملاتها وسنداتها ارتفاعا معتدلا خلال العام المقبل.
وتوقع البنك أن تحظى أسهم الأسواق الناشئة بأكبر ارتفاع بين الأدوات المالية السابقة في 2019. وبنحو 12 في المائة (مع التقويم بالدولار)، بينما ستزيد قيمة عملات هذه الأسواق بنحو 2 في المائة في المتوسط بسبب التحسن الاقتصادي والضعف المحدود المرجح في قيمة الدولار العام المقبل.
ويظهر من حوار أجرته وكالة بلومبيرغ مع مسؤولة في أحد صناديق الاستثمار أن الأسواق الناشئة برغم الضغوط التي تواجهها لا تزال تتمتع بأسباب تدفع المستثمرين لشراء أصولها، وهو ما قد يفسر التوقعات الإيجابية لغولدمان ساكس.
وقالت ليزا شوا، المسؤولة في أحد أعلى الصناديق استثمارا في سندات الأسواق الناشئة، وهو «مان جي إل جي»، إن البلدان التي تحظى بقدر من الاستقرار وعملة معومة لا تزال أصولها تتمتع بقدر من الجاذبية بعد المبيعات القوية التي شهدتها... وأن «البيزو الأرجنتيني الذي قاد الخسائر العالمية هذا العام يبدو أكثر جاذبية، بعد أن ضمنت حكومة الرئيس ماوريكيو ماكري الحصول على خط الائتمان الأكبر على الإطلاق من صندوق النقد الدولي».
لكنها علقت في التقرير الذي نشرته بلومبيرغ هذا الأسبوع على الأسواق الناشئة بقولها «إن هذه الأسواق دخلت في مرحلة تزايد التذبذب والتعثر».
وأشارت بلومبيرغ إلى أن صندوق «مان جي إل جي» تجنب آثار المبيعات التي تعرضت لها الأسواق الناشئة عبر أخذ توجه دفاعي تجاه هذه الأسواق، وتجنب التعرض لأكثر الأسواق تذبذبا والاحتفاظ بأوراق الدين الأقصر أجلا.
وعن مخاطر السوق التركية، قالت شوا: «في تركيا يتعلق الأمر باستحقاقات الديون الخارجية قصيرة الأجل، والتي تصل قيمتها إلى 175 مليار دولار، وهي أكبر من الاحتياطيات الخارجية». مشيرة إلى أن هناك حاجة لأن يظل الميزان الخارجي يسجل فوائض وأن تكون هناك ثقة من المستثمرين في هذا السوق لتخفيف الضغوط المحتملة من الوضع المالي في هذه السوق.
وأضافت أن «الصين تظل قضية ساخنة بالنسبة لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خاصة مع أخذ حقوق الملكية الفكرية في الاعتبار. كان واضحا أنهم يريدون أخذ موقفا أكثر صرامة. هذا سيستمر لأن يكون عامل مخاطر هناك ولا أعتقد أنه سينتهي بسرعة».



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.