لبنان يحتفل بالاستقلال والأزمة الحكومية عالقة في مربّع «سنّة 8 آذار»

بري بعد خلوة الرؤساء: ما في شي جديد أبداً!... والحريري: سنّة مستقلون عن من؟

رؤساء لبنان الثلاثة في الذكرى الـ75 للاستقلال (دالاتي ونهرا)
رؤساء لبنان الثلاثة في الذكرى الـ75 للاستقلال (دالاتي ونهرا)
TT

لبنان يحتفل بالاستقلال والأزمة الحكومية عالقة في مربّع «سنّة 8 آذار»

رؤساء لبنان الثلاثة في الذكرى الـ75 للاستقلال (دالاتي ونهرا)
رؤساء لبنان الثلاثة في الذكرى الـ75 للاستقلال (دالاتي ونهرا)

ترأس رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، صباح أمس، الاحتفال الوطني والعرض العسكري الذي أقامته قيادة الجيش على الواجهة البحرية لبيروت لمناسبة عيد الاستقلال الماسي (الخامس والسبعين)، بحضور الرئيسين بري والحريري، ورؤساء سابقين، ونواب، ووزراء، وشخصيات دبلوماسية وعسكرية. وشاركت وحدات من الجيش، وأخرى من قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والجمارك، والصليب الأحمر والدفاع المدني، وطلاب جامعات، في العرض. وبعدها، تقبل الرؤساء الثلاثة التهاني في قاعة «25 أيار» في القصر الجمهوري.
وجاء احتفال لبنان باليوبيل الماسي لذكرى الاستقلال، أمس، من غير أن يطرأ أي جديد على مساعي تشكيل الحكومة التي لا تزال مجمدة إثر تبادل الأطراف مسؤولية التعطيل، ورمي كرة الحل إلى ملاعب الآخرين.
وبعد انتهاء الاستقبالات الرسمية في قصر بعبدا، التي شارك فيها الرؤساء الثلاثة، رئيس الجمهورية ميشال عون، والمكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، ومجلس النواب نبيه بري، قال الحريري في دردشة مع الإعلاميين: «الحل ليس عندي»، في إشارة إلى «حزب الله» الذي يصرّ على تمثيل حلفائه من النواب السنّة، المعروفين بـ«السنة المستقلون». وتساءل: «النواب السنّة المستقلون... مستقلون عن من يا ترى؟ ثم أقفل ملف الحديث عن تشكيل الحكومة بقوله رداً على سؤال عن موعد تشكيلها: «لو بتطؤّوا ما رح خبّركن».
بدوره، قال بري رداً على سؤال عن اللقاء الثلاثي، في إشارة إلى الخلوة التي جمعت الرؤساء الثلاثة قبل استقبال التهاني بذكرى الاستقلال، وعن الأزمة الحكومية: «ما في شي جديد أبداً». أما وزير الخارجية والمغتربين، جبران باسيل، فتمنى تشكيل الحكومة «قبل الأعياد المقبلة». أما نائب رئيس مجلس النواب، إيلي الفرزلي، فقال بدوره رداً على سؤال حول الخلوة التي جمعت الرؤساء الثلاثة: «لا أعرف إذا كانت الخلوة اليوم بين الرؤساء الثلاثة قد بحثت أو لم تبحث في ملف الحكومة، لكن لا شك أنها تعكس الديناميكية الإيجابية باتجاه تشكيل الحكومة». وأضاف: «الطابة في ملعب اللبناني للتفكير في كيفية أخذ البلد إلى شاطئ الأمان على كلّ المستويات».
إلى ذلك، تلقى عون برقيات تهنئة من مسؤولين دوليين، أبرزهم البابا فرنسيس، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي شدد فيها «حرص بلاده على تعزيز علاقات الصداقة مع لبنان المرتكزة على الاحترام المتبادل»، مؤكداً «مواصلة بذل الجهود المشتركة في سبيل تطوير الحوار المثمر بين البلدين والتعاون الثنائي المشترك من أجل مصلحة الشعبين اللبناني والروسي وخدمة لأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط». كما أبرق رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية، فرانك فالتر شتاينماير، مؤكداً، أن «لبنان يمثل فرص التعايش السلمي بين المجموعات والطوائف المختلفة بشكل لا يضاهيه أي بلد آخر في الشرق الأوسط»، مشدداً على «أن ألمانيا تقف بثبات إلى جانبه شريكاً له، وستواصل دعمه في مساعيه المختلفة».
أما الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريللا، فأشار في برقيته إلى الصداقة بين بيروت وروما، والتي «تسير على وتيرة متصاعدة من المتانة والصداقة التاريخية التي تجمع بلدينا وتتعمق أكثر فأكثر، من خلال التزام إيطاليا دعم قوات حفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل) والقوى الأمنية اللبنانية التي تشكل رمز الوحدة الوطنية اللبنانية وضمانتها كما سيادة لبنان واستقراره».
بدوره، هنأ وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية مارك بومبيو لبنان بمناسبة عيد استقلاله الـ75 في بيان صدر عن الخارجية الأميركية، قائلاً: «بالنيابة عن الشعب الأميركي، أود أن أقدم تهانينا الصادقة لشعب لبنان الذي يحتفل بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لاستقلاله. تعيد الولايات المتحدة التأكيد على التزامها الدائم تجاه لبنان وشعبه بينما يستمر في السير نحو مستقبل أكثر ازدهاراً وأمناً». وأضاف: «تشيد الولايات المتحدة بالتقدم الاستثنائي الذي أحرزته للحفاظ على استقرار لبنان في مواجهة الكثير من التحديات. نحن نقدر بشكل كبير صداقتنا مع لبنان، ونتطلع إلى تعميق شراكتنا لتعزيز مؤسسات الدولة وسيادته».
يذكر أن احتفال عيد الاستقلال شهد توزيع كتيب عن المناسبة أعدّته قيادة الجيش تضمّن برنامج العرض وكلمات، بينها لرئيس الجمهورية ووزير الدفاع.
وجاء في كلمة الرئيس عون: «للاستقلال رجال عبروا التاريخ يوم وقفوا في وجه الظلم وانتزعوا الحرية. وعلى امتداد عقود بات للوطن سياج مخضب بالتضحيات، ومرسوم بدماء الأبطال. لكم يا أبناء المؤسسة العسكرية قلوب اللبنانيين، أنتم يا من سهرتهم لصون كرامة أهلكم وأرضكم، وحافظتم على شرف رسالتكم وإيمانكم بأن لا عزة لوطن لا ترفعه الشهادة، ولا استقلال من دون شعلة الوفاء تنقلونها من جيل إلى جيل».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».