استنفار عسكري وتحذيرات سياسية بعد عودة نشاط «داعش» في الموصل

TT

استنفار عسكري وتحذيرات سياسية بعد عودة نشاط «داعش» في الموصل

في وقت حذّر زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر من خطر الإرهاب والفساد في مدينة الموصل، ثاني كبرى مدن العراق، وصل إلى محافظة نينوى، أمس، وفد عسكري كبير يترأسه رئيس أركان الجيش العراقي الفريق عثمان الغانمي، ويضم قائد العمليات المشتركة الفريق عبد الأمير يارالله وكبار القادة العسكريين، لمتابعة الأوضاع الأمنية بعد تزايد نذر عودة نشاط «داعش» في المحافظة.
وتشير زيارة الوفد إلى الأهمية التي باتت توليها القيادة العسكرية لما يجري في المحافظة التي كانت بوابة دخول تنظيم داعش إلى العراق في 2014 واحتلاله نحو أربع محافظات عراقية غربية ووصوله إلى أسوار بغداد. وتأتي الزيارة غداة تغريدة الصدر التي دعا فيها إلى «إنقاذ الموصل»، محذراً من أن «الموصل في خطر؛ فخلايا الإرهاب تنشط وأيادي الفاسدين تنهش».
وعبّر «تحالف القرار» بزعامة أسامة النجيفي عن استيائه لعدم الاهتمام بما يجري في الموصل. وقال في بيان أمس: «لم نشهد معالجة جدية للأسباب التي أدت إلى ظهور (داعش) في أعقاب النصر الذي تحقق ضد الإرهاب وفي أعقاب تحرير المدن من شروره». ورأى أن «الأساليب المتبعة في التعامل مع محافظة نينوى ما زالت تكرر نفسها، وما زال تعدد الأجهزة الأمنية وانتشار الفساد في بعض مفاصلها تهدد وحدة العمل والتوجه، وتنال من الهدف الذي ينبغي أن يتحقق».
واعتبر أن «فشل الحكومة المحلية وإخفاقها أصبح أكبر من أن يسوغ تحت أي حجة أو ظرف». وأوضح أن «البنى التحتية لا تزال مدمرة، مافيات فساد وجريمة منتشرة واستيلاء غير شرعي على أراضٍ، وتدخل سافر في عمل المنافذ الحدودية، وبطالة واسعة يمكن أن تصبح بيئة مناسبة لأي عمل إرهابي، فضلاً عن غياب أو تلكؤ الحكومة الاتحادية والمحلية في الاستجابة لأبسط حقوق المواطنين، ومنها الحصول على وثائق رسمية».
وأشار «القرار» في بيانه إلى أن «هذه الأوضاع كلها تفسر حالة النزوح العكسي والهجرة إلى مخيمات النزوح بدلاً من أن نشهد انتهاء هذه المخيمات». وناشد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي «التدخل الفوري السريع لضبط الأمن بطريقة منهجية كفوءة، وتوحيد الجهد المبعثر تحت قيادة واحدة، وإطلاق تخصيصات المحافظة، وضمان عدم استغلال سلاح الدولة في الاعتداء على الناس وابتزازهم».
ورأى القيادي في «التيار الصدري» رئيس لجنة الأمن والدفاع السابق في البرلمان، حاكم الزاملي، أن «ما يجري الآن في الموصل مشابه لما جرى قبيل عام 2014، فهناك إتاوات وتهريب نفط وسجائر، وتم شغل الأجهزة الأمنية بقضية الحصول على الأموال». وأشار إلى أن «هناك اعتقالات عشوائية، فضلاً عن أن تعدد الأجهزة الأمنية والعسكرية وضعف بعضها مهّد الطريق أمام الدواعش للدخول على الخط مع وجود مافيات وضعف الإدارة المحلية بدءاً من المحافظ».
وأوضح الزاملي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الدواعش بدأوا يتواجدون في مناطق معينة جنوب البعاج في الموصل بسبب انشغال الحكومة وعدم اهتمامها بشكل جدي بما يجري في الموصل؛ ولذلك جاءت تغريدة الصدر لتمثل جرس إنذار حقيقياً؛ نظراً إلى كثافة تواجد الدواعش في مناطق عدة في الموصل، ما بات يشكل خطراً حقيقياً على مستقبل الموصل والعراق عموماً».
في السياق نفسه، أكد الخبير الأمني، فاضل أبو رغيف، لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنظيم داعش بدأ يلجأ إلى المرتفعات، ولا سيما في مرتفعات بادوش التي باتت تمثل خطراً لا بد من الانتباه إليه، إضافة إلى صحراء غرب نينوى، وهي منطقة صحراوية واسعة جداً تلتقي مباشرة بالحدود العراقية - السورية». وأشار إلى أن «صحراء العيواضية وتلعفر والقيروان والحضر كانت في الأصل مناطق ساخنة».
أما محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، فرأى أن «الأمر قد لا يبدو مخيفاً لدى القادة العسكريين الذين يتعاملون مع قوة (داعش) الحالية ويجدون أنفسهم قادرين على القضاء على أي مجموعة إرهابية يعرفون مكانها، لكن الأمر بالنسبة إلى السياسي مختلف»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «الأمور الخفية التي أنتجت (داعش) سابقاً ولم تتم مراعاتها في بناء مرحلة ما بعد (داعش) تتكرر»، موضحاً أن «هناك أزمات تتفاقم يوماً بعد يوم، أحدها الفساد وعدم التوازن بين نفوذ المكونات، فضلاً عن الوضع الإداري المفكك، وكذلك غياب القوى السياسية القادرة على استيعاب الجمهور؛ وهو ما يعني ترك فراغ للإرهاب يمكن له أن يتعامل معه».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».