ساحات النمسا وشوارعها تتحول إلى أسواق شعبية مفتوحة

يعيش فيها السائح تجربة بنكهة القرفة والبرتقال والزنجبيل

سوق الراتهاوس
سوق الراتهاوس
TT

ساحات النمسا وشوارعها تتحول إلى أسواق شعبية مفتوحة

سوق الراتهاوس
سوق الراتهاوس

تتميّز النمسا سياحياً بقدراتها وإمكاناتها وبرامجها المتنوعة طيلة العام. ولا تقتصر العاصمة فيينا وبقية مدن الإقليم في برامجها على الإرث الحضاري التاريخي والثقافي للبلد فحسب، بل تنظم كذلك فعاليات تتناسب وتتماشى وحال الطقس.
خلال فترة الصيف والجو الدافئ، مثلاً، تُنظّم برامج كالسينما المفتوحة و«السينما تحت النجوم»، ورحلات العبّارات التي تجول في الدانوب والبحيرات، ناهيك عن الأنشطة الرياضية كتسلق الجبال، والاستمتاع بالمهرجانات المفتوحة، والسباحة والغوص، والمشي.
أما فصل الشتاء، فتحتفي به البلاد أيّما احتفاء. وكلما كان برده قارساً زاد النشاط والجمال، حيث تكسو الثلوج الجبال وتتجمد البحيرات فتتحوّل إلى ساحات تزلّج على الجليد. فيه أيضاً يظهر نشاط آخر يعشقه الكبار والصغار، ويمتد من منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) طيلة ديسمبر (كانون الأول)، يتمثل هذا النشاط في «أسواق عيد الميلاد» الشعبية. فهي توفّر كل متطلبات ولوازم العيد كما تزخر بمأكولات شعبية وحلويات ومشروبات ساخنة من القرفة والبرتقال والزنجبيل، بينما تتنوع معروضاتها ما بين المصنوعات اليدوية والخزف والزجاج والشموع والصابون والمخبوزات، وحتى الحجارة النادرة وعملات قديمة وإكسسوارات، وبعض الأوعية الأثرية.
ولا تحتكر فيينا هذه الأسواق، التي يرجع تاريخ بعضها لقرون سحيقة على العاصمة؛ فهي موجودة في كل المدن والقرى والتلال الصغيرة. تُنصب الأكشاك الخشبية متراصة جنب بعضها بعضاً، وهي تفيض بمعروضات متهاودة الأسعار في أجواء فرحة وأضواء تتلألأ معبقة بروائح ونكهات مميزة.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن فيينا تختار لأسواقها مواقع أثرية، حيث يتسنى للسياح «ضرب عصفورين بحجر». زيارة السّوق والموقع معاً، خصوصاً أن الأسواق تفتح عادة من العاشرة صباحاً وتستمر حتى العاشرة مساءً. من هذه الأسواق:

لراتهاوس

تعتبر أشهر الأسواق حجماً وتنوعاً من حيث البضائع. تنظمها العاصمة فيينا وتجذب الزّوار من شتّى أنحاء العالم، ولا سيما من دول الجوار الذين يصلون في رحلات جماعية سريعة قد تقتصر على يوم واحد فقط، بواسطة حافلات تصل بهم صباحاً، ثم تغادر مساءً بعد أن يكونوا قد قضوا ساعات ممتعة، وأكلوا وشربوا وتبضّعوا ما يحتاجون إليه.
تنتظم سوق العام الحالي بـ145 كشكاً خشبياً تفتح من 17 نوفمبر حتى 26 ديسمبر.
توزّع الأكشاك على الجادة التاريخية الواسعة أمام مبنى البلدية (مقر حكومة إقليم فيينا) الذي أنشئ على نمط الروكو في القرن التاسع عشر.
جرت العادة سنوياً أن تتوسطه «ملكة جمال» أشجار عيد الميلاد في كامل زينتها وبهائها كأطول وأكبر شجرات العيد عمراً.
مهمّة اختيار شجرة العام (الملكة) تقوم بها لجنة تعمل طيلة العام في البحث بين أشجار الصنوبر في كل الأقاليم النمساوية التسعة؛ لاختيار الأطول والأكبر عمراً. فلكل شجرة نمساوية سجل خاص يبين نوعها وفصيلتها وعمرها وموقعها.

الشونبرون

من أسواق فيينا ذات الشهرة الواسعة. تُنصب في قصر الشونبرون المقر الصيفي لأباطرة الهابسبورغ.
في هذا القصر الذي يتألّف من 1441 غرفة، وأدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) ضمن قائمة التراث العالمي، سكنت الإمبراطورة ماريا تريزا التي حكمت النمسا 60 سنة، وكان لها 16 بنتاً وولداً، أشهرهم الإمبراطورة ماري انطوانيت.
تبدأ سوق الشونبرون من 18 نوفمبر وتستمر حتى الأول من يناير (كانون الثاني) 2019، ومن فعالياتها إقامة ورش للصغار ومسرح عرائس.
يقع الشونبرون في المنطقة 14 ويصله مباشرة خط قطار الأنفاق رقم 4، وله محطة باسمه. يعتبر أهم مزار سياحي نمساوي من حيث عدد الزوار. كما تعتبر حديقة الحيوان التابعة له الأقدم في أوروبا

البلفدير

يقع في المنطقة الرابعة وتتميز سوقه بكونها محدودة لا تزيد أكشاكها على الـ40. ولأنها هادئة يقصدها محبو هذا القصر ممن يبحثون عن منتجات من السيراميك والرسم على الزجاج.
كان هذا القصر الباروكي المعمار، الذي يضمّ مبنيين متقابلين تفصلهما حدائق رائعة، مسكناً لقائد الجيش الإمبراطوري الأمير يوجين من سافوي، وأمسى اليوم متحفاً، بعد أن فُتحت أبوابه أمام الجمهور في عام 1781، ويضمّ حالياً لوحات من أروع ما رسمه أشهر الرسامين النمساويين غوستاف كليمت وشيلا، ويستضيف معارض مؤقتة.

ميدان ماريا تريزا

تقع في ميدان الإمبراطورة ماريا تريزا بالمنطقة الأولى التي تفصل بين متحفي التاريخ الطبيعي وتاريخ الفنون، والتي تعرض الكثير من الهدايا التي تلقاها أباطرة الهابسبورغ، بما في ذلك أعمدة فرعونية وتماثيل يونانية شاهقة. تقام من 21 نوفمبر إلى 26 ديسمبر، رغم أنها صغيرة لا تزيد أكشاكها على 20 أو أزيد قليلاً. تقدم تجربة ممتعة تتميّز بمأكولات شهية وبضائع يدوية وشموع، بجانب الكثير من مختلف أشكال الزينة. وعلى الرغم من أن هذه السوق من أكثر الأسواق برداً؛ لأنها تقام على حافة ميدان أخضر شاسع محاط بشارعين واسعين، فإن كثيرين من أهل فيينا المحليين يفضلونها بحثاً عن أجواء العيد في هدوء وحميمية وأضواء وبهرجة أقل.

أسواق ساحات الكاتدرائيات

بالطبع، لساحات الكاتدرائيات أيضاً أسواقها، ومنها كاتدرائية القديس استيفان، التي تتوسط قلب المدينة القديم. على بعد بضعة أمتار وليست بعيداً عن المنطقة الرابعة، هناك سوق كاتدرائية القديس كارل، التي تموج بأطعمة تطبخ طازجة كالأرغفة على أفران الفخم، ومخبوزات تحشى بالجبن والثوم.

المربع الذهبي

قبل بضعة سنوات، وقبل أن تبني فيينا ما أطلقت عليه اسم «المربع الذهبي»، لم تكن العاصمة النمساوية من المدن المعروفة بفرص التسوق المتنوع، من محال عالمية ذات فروع متعددة.
بإنشاء المربع الذهبي عوضت فيينا ذلك القصور بمنح ماركات عالمية مثل «شانيل» و«لويس فويتون» و«ديور» وغيرها مساحات كبيرة لعرض منتجاتها وسط ديكورات بديعة. كما عملت على جذب أسماء أخرى، مثل «برادا»، و«ميو ميو»، و«فالانتينو» و«هيرمس» و«أرماني» و«فيراغامو»، وغيرها من الماركات العالمية التي لم تكن تضع فيينا على خريطتها من قبل. في هذه الفترة تحديداً تحرص هذه المحال على جذب الزوار بعرض كل ما يحتاجون إليه لسهراتهم واحتفالاتهم بالعيد.
يتمدد المربع الذهبي بين شارعَي تخلاوبن Tuchlauben وكولماركت Kohlmarkt، مطلاً على منطقة القرابن التاريخية الزاخرة بالمتاجر والفنادق والمقاهي والمطاعم.
على بعد أمتار يقف قصر الهوفبورغ الذي كان المقر الشتوي لعائلة الهابسبورغ منذ القرن الثالث عشر وحتى عام 1918، وعلى بعد بضعة أمتار يقف متحف الالبرتينا الذي يضم 65 ألف لوحة.
ليس ببعيد عن هنا، يوجد شارع Dorotheum الذي يتيح فرصة لزيارة قصر المزاد الـ«دروثيوم»، أقدم دور للمزادات عالمياً. فقد افتُتح في عام 1707 ويضم معروضات متنوعة تشمل لوحات فنية وقطع أثاث وأدوات منزلية، وأطقماً صينيّة ومجوهرات، بعضها مستعمل وبعضها جديد.
يستحق المبنى الزيارة للاستمتاع ليس بالمعروضات فحسب، وإنما بشكل القصر وتصميمه وطريقة العرض والمهارة في التعامل مع أشياء ثمينة.

زاخر تورتة

من المربع الذهبي، عبر القرابن وكيرتن اشتراسا، أو الشارع السياحي، وكلاهما مخصص للمشاة فقط، يصل المرء إلى دار أوبرا فيينا.
لكن قبل الوصول إليها سيمرّ السائح بمقهى فندق «زاخر» الذي يشتهر بقالب تورتة من الشوكولاتة الخالصة. قالب يعتبره النمساويون رمزاً وطنياً لا تكتمل زيارة النمسا من دون تجربته أو شرائه. بل وصلت أصداؤه إلى الولايات المتحدة الأميركية، التي خصصت له يوم الخامس من ديسمبر، من كل عام، للاحتفال به.



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.