خيبة أمل حوثية من مشروع القرار البريطاني بشأن الحديدة

TT

خيبة أمل حوثية من مشروع القرار البريطاني بشأن الحديدة

استبقت الميليشيات الحوثية أمس، زيارة مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث، لصنعاء، وأعلنت خيبة أملها من مشروع القرار البريطاني المقدم إلى مجلس الأمن بشأن وقف العمليات العسكرية في الحديدة، معتبرةً أنه سيكون بصيغته الحالية قراراً غير ملزم.
جاء ذلك في وقت حشدت الجماعة أمس، الآلاف من أتباعها في صنعاء وصعدة ومدن أخرى للمشاركة في احتفالاتها الطائفية التي تزعم أنها لمناسبة ذكرى المولد النبوي.
وشدد زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي في خطاب له بثّته «قناة المسيرة» أمس، موجهاً إيّاه إلى الحشود، على تمسك أتباعه بالمشروع الطائفي الذي يقوده محاكياً فيه المشروع الخميني، زاعماً أن ما عدا هذا المشروع سوف يقودهم إلى «الانحلال والخروج من الدين».
وحسب مصادر محلية وشهود تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، استخدمت الجماعة كل وسائل الترهيب ضد سكان صنعاء وبقية المدن التي أقامت فيها احتفالاتها من أجل حملهم على الحضور والمشاركة، في مسعى منها لاستعراض القوة. وهددت الجماعة الموالية لإيران -وفقا للمصادر- بفصل الموظفين الذين سيتخلفون عن حضور المهرجانات الطائفية، كما أقدمت على إلزام مديري المدارس الحكومية بحشد الطلبة إلى ساحات الاحتفال، ومنحت مبالغ ضخمة لأتباعها القبليين من أجل دفع سكان الضواحي للمشاركة.
وغاب العَلَم الوطني لليمن عن كل الساحات التي احتفلت فيها الجماعة، مقابل سيل كثيف من الشعارات الطائفية التي رفعها المشاركون والأعلام الخضراء التي فرضتها الجماعة منذ تأسيسها للدلالة على هويتها الطائفية.
وبينما كان الآلاف من المشاركين في مهرجانات الجماعة يتوقعون أن يظهر الحوثي عليهم من خلال الشاشات العملاقة التي أُقيمت في الساحات، من أجل تقديم حلول تخفف من معاناتهم، طلب منهم دفع المزيد من الأموال لتمويل المجهود الحربي، والتركيز على استغلال هذه التجمعات من أجل رفد جبهات القتال بالمزيد من المجندين.
وفرضت الجماعة على السكان وأصحاب المحال التجارية رفع الشعارات الخمينية، وأمرتهم بطلاء الأرصفة باللون الأخضر، كما أكد تجار لـ«الشرق الأوسط» أن قادة الجماعة فرضوا عليهم دفع إتاوات زعموا أنها للمساهمة في تمويل الاحتفالات الخاصة بذكرى المولد النبوي.
وجاءت الاحتفالات الحوثية، التي لاقت سخرية واسعة في أوساط الناشطين اليمنيين، قبل يوم من الزيارة المرتقبة لمبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث، لصنعاء، في سياق مساعيه الرامية إلى إحضار وفد الجماعة الانقلابية للمشاركة في مشاورات السويد المقررة نهاية الشهر الجاري.
وكان غريفيث قد أعلن أنه سيزور صنعاء للقاء زعيم الجماعة الحوثية ليناقش معه إطار الحل المقترح الذي يرمي المبعوث إلى طرحه على المتفاوضين في مشاورات السويد.
ورغم أن الجماعة الحوثية لم تخفِ ارتياحها للضغوط الغربية التي أدت إلى التهدئة غير المعلنة في الحديدة منذ أيام بعد أن اشتد الخناق عليها من قبل قوات الجيش اليمني، فإنها عادت أمس لتعبر عن خيبة الأمل التي أصابتها من محتوى مشروع القرار البريطاني المطروح في مجلس الأمن، أخيراً، بخصوص وقف العمليات العسكرية في الحديدة، ومنح الأطراف أسبوعين لإزالة كل الحواجز أمام وصول المساعدات الإنسانية. ووصف القيادي البارز في الجماعة ورئيس ما تسمى «اللجنة الثورية العليا» محمد علي الحوثي، في بيان تناقلته وسائل إعلام الجماعة، مشروع القرار بأنه «مخيّب للآمال»، لزعمه أنه سيأتي في صيغة غير ملزمة للتنفيذ، ووصف معديه بأنهم «ليس لديهم مسؤولية»، على حد قوله.
وأشار الحوثي إلى أن جماعته تريد قراراً ملزماً بوقف العمليات العسكرية للجيش اليمني والتحالف الداعم لها ضد ميليشياته بما يضمن رفع الحصار عنها وإتاحة وصول الأسلحة الإيرانية، كما فُهم من فحوى بيانه. وفي حين كانت الجماعة الموالية لإيران قالت إنها ستوقف إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، عادت لتنكث بوعدها عبر اعترافها بأنها أطلقت صواريخها باتجاه نهم وميدي والحديدة.
وحسب شهود ومصادر محلية، كانت الجماعة الحوثية قد انتهزت مناسبة الاحتفالات الطائفية، وقامت باستقدام المئات من مجنديها الجدد إلى مدينة الحديدة في عربات مدنية بزعم أنهم من المشاركين في ذكرى الاحتفال بالمولد النبوي.
وفي حين يشكك الكثير من المراقبين في جدية الجماعة الحوثية للتوصل إلى اتفاق سلام، تقول الحكومة الشرعية إن الميليشيات تنهج مع المجتمع الدولي أسلوب المناورة لكسب وقت يتيح لها إعادة ترتيب صفوفها والاستمرار في القتال من أجل فرض مشروعها الإيراني على اليمنيين.
وأفشلت الجماعة كل الجولات التفاوضية السابقة، والتي كان آخرها مشاورات جنيف التي امتنعت في سبتمبر (أيلول) الماضي عن حضورها في اللحظات الأخيرة تحت ذرائع غير مبررة.
من جهتها كانت الحكومة اليمنية قد أعلنت أول من أمس (الاثنين)، موافقتها على المشاركة في مشاورات السويد المرتقبة برعاية الأمم المتحدة، طالبةً من المجتمع الدولي الضغط على الجماعة الانقلابية للحضور دون شروط مسبقة.
وتتمسك الحكومة الشرعية في طرحها الرسمي بخيار السلام، وفق المرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن 2216. لكنها لا تستبعد أن يكون الحسم العسكري هو الخيار الأخير لإجبار الجماعة على إنهاء الانقلاب وإحباط المخطط الإيراني في اليمن.
من جهة أخرى، قالت سفارة كوريا الجنوبية لدى السعودية، أنه ليس هناك في الوقت الراهن أي مخطط لتنفيذ أي خطة لإجراء تدريب مشترك مع الجانب اليمني.
 


مقالات ذات صلة

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.