جائزة الإبداع الثقافي العربية للسعودي أحمد ماطر

لإنجازاته البارزة في الفنون التشكيلية والمرئية والأدائية

ماطر يتسلّم جائزة «الإبداع الثّقافي» في حفل أقيم بالكويت
ماطر يتسلّم جائزة «الإبداع الثّقافي» في حفل أقيم بالكويت
TT

جائزة الإبداع الثقافي العربية للسعودي أحمد ماطر

ماطر يتسلّم جائزة «الإبداع الثّقافي» في حفل أقيم بالكويت
ماطر يتسلّم جائزة «الإبداع الثّقافي» في حفل أقيم بالكويت

أعلنت مبادرة «تكريم» فوز السعودي الدكتور أحمد ماطر بجائزة «الإبداع الثقافي» التي تقدم للمثقفين والمبدعين العرب الذين حققوا إنجازات بارزة على المستوى الدُّولي. وتسلَّم ماطر الجائزة في حفل أقيم في الكويت أول من أمس.
وطيلة خمسة عشر عاماً أسس ماطر طريقته في المزواجة بين أشكال الفن ما حقق لتجربته الفرادة في تطويع الفنون المختلفة، وبتعدّد جمالي حديث يمتثل لرؤاه بالفن التشكيلي وبالتصوير الفوتوغرافي، والفن الأدائي، والتسجيل المرئي. وهو الذي جرى اختياره عام 2009 في قائمة مجموعة «بيزنس» العربية كأبرز الشّخصيات العربية المؤثرة في العالم.
استطاع ماطر أن يصنع منطقته الفنية الخاصة من محيطه وأسئلته القادمة من جوهر مكونه الثّقافي، وهو ابن قرية من جنوب السعودية نشأ فيها قبل الالتحاق بدراسة كلية الطب في جامعة الملك خالد في منطقة عسير. واشتغل على تخوم ذاكرة ذلك الطفل القادم بدهشته الأولى، من ثم الفتى والشاب المملوء بمعارف جديدة ليتماس مع حدود استفهامات الآخر في الطرف البعيد من العالم، ذلك الآخر الذي يبحث في حاجته للتعرف على تلك الثقافة العربية والإسلامية القادمة من أرض الجزيرة العربية تحديداً. وأشارت «مبادرة تكريم» إلى أنّ اختيارها ماطر لجائزة «الإبداع الثقافي» كونه يُمثل ذلك التفوق الواضح في تحقيق الطّموح وما عكسه من أدوار ناجحة لدعم الثّقافة العربية وتقديم مخزونها الكبير إلى العالم والإسهام في تنشيط دور الفنان وتوسيع آفاقه.
واقتنت كبريات المتاحف في أوروبا وأميركا بعض أعماله، ومنها المتحف البريطاني الذي عرض أحد أعماله وهو في الثانية والعشرين من عمره، حين شارك في معرض «الكلمة في الفن»، ثم توالت المراكز الدولية في اقتناء أعماله الشهيرة، كمتحف «قوقنهايم» للفنون الحديثة والمعاصرة في نيويورك. كما اُختير عام 2016 لرسم لوحة «طريق الحرير» ليُهديها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للرئيس الصيني، لتُجسد عمق علاقة المملكة بالصين، وله من المؤلفات «عسير من السماء» و«مجسمات القرن العشرين وتاريخ الفضاء العام» و«صحراء فاران... التغيرات الحضرية في العمارة الإسلامية».
ومؤخراً عُيّن ماطر رئيساً تنفيذياً لمعهد «مسك» للفنون 2017 الذي نشأ تحت مظلّة مؤسسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «مسك الخيّرية»، وهذا المعهد يُعدُّ «مركزاً ثقافياً يُعنى بالفن والفنانين ويسعى إلى تشجيع المواهب الفنية الشّابة المحلية في المملكة والارتقاء بالفنون السعودية والعربية وتمكين التبادل والحوار الثّقافي العالمي».
وقال ماطر عن الجائزة إنّه بهذه الجائزة يُعيد «الفضل لمخزون الأرض العربية ثقافياً وجمالياً»، ووصف تلك الأرض بأنّها «مهد الحضارات ومنهل الإلهام ومنها حفر الإنسان العربي معارفه واستقى لطير مخياله حكايات الأساطير واختطّ لمسيرته دروب الأثر الكُبرى وابتنى لطموحه معارج تفوق العادي والمتاح حتى يُنجز كلّ هذا الضوء في تاريخ البشر»، مشيراً إلى أنّ الثقافة العربية ليست «ربيبة حضارة أُخرى أو وليدة تقليدٍ أو خديجة جغرافيا تتقاسمها أمم غريبة، وإنّما هي نتاجٌ حقيقي لطينها العريق في التاريخ والضّارب في الزمن». وهو ما جعل الفنون بمختلف أشكالها في الوطن العربي، حسب كلمته، «تقومُ على أساسٍ متينٍ من تلك الأصالة البالغة في التجذّر وعلى أثرٍ عميقٍ من التجارب والإنجاز الفذ للإنسان العربي».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».