رئيس هيئة الأركان الأميركي: «طالبان» لا تخسر

تواصل عمليات القتال في عدد من الولايات الأفغانية

المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد يتحدث إلى الصحافيين عن فرص السلام في أفغانستان  في سفارة بلاده بالعاصمة كابل أول من أمس (رويترز)
المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد يتحدث إلى الصحافيين عن فرص السلام في أفغانستان في سفارة بلاده بالعاصمة كابل أول من أمس (رويترز)
TT

رئيس هيئة الأركان الأميركي: «طالبان» لا تخسر

المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد يتحدث إلى الصحافيين عن فرص السلام في أفغانستان  في سفارة بلاده بالعاصمة كابل أول من أمس (رويترز)
المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد يتحدث إلى الصحافيين عن فرص السلام في أفغانستان في سفارة بلاده بالعاصمة كابل أول من أمس (رويترز)

في تصريح مثير اعترف رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال جوزيف دنفورد بمواصلة قوات «طالبان» التقدم في الأراضي الأفغانية، وعدم خسارتها الحرب التي تشنُّها ضد القوات الأفغانية والأجنبية المساندة لحكومة الرئيس أشرف غني في كابل. وقال الجنرال دنفورد في مؤتمر للأمن بهاليفاكس إن «(طالبان) لا تخسر في الميدان».
وشدَّد الجنرال دانفورد على أن هناك الكثير يجب عمله من أجل إحلال السلام في أفغانستان التي مزقتها الحرب سنوات طويلة وأنه «من العدل القول إن (طالبان) لا تخسر الحرب حالياً، ويجب علينا الاعتراف بذلك»، مضيفاً: «إننا استخدمنا مصطلح معضلة منذ أكثر من عام، ولم يتغير الوضع كثيراً حتى الآن».
ونقلت وكالة «خاما برس» الأفغانية المقربة من الجيش الأفغاني عن الجنرال دانفورد قوله إنه لا يوجد حل عسكري للمعضلة في أفغانستان، وإن الولايات المتحدة وحلفاءها في حلف شمال الأطلسي يستخدمون القوة العسكرية والسياسة والضغط الاقتصادي لإقناع «طالبان» بأن من مصلحتهم المفاوضات لإيجاد حل سياسي للمشكلات مع حكومة كابل.
وأضافت الوكالة نقلاً عن الجنرال دانفورد: «دون الذهاب إلى التفاصيل، فإننا نعتقد أن (طالبان) تدرك حالياً أنه في مرحلة معينة عليهم القبول بالمصالحة، وأن مفتاح النجاح هو جمع كل وسائل الضغط على (طالبان)، وتقديم شيء مغرٍ لهم للقبول به وبدء التفاوض مع الحكومة».
وجاءت تصريحات الجنرال دانفورد في وقت تبذل فيه الإدارة الأميركية وحلفاؤها الدوليون والحكومة الأفغانية جهوداً كبيرة من أجل إيجاد حل للصراع في أفغانستان عبر مصالحة وطنية أفغانية.
وكان موقع ممول من وزارة الدفاع الأميركية قال إن السلام مع «طالبان» في أفغانستان لن يكون سهلاً وسلمياً، وإن الولايات المتحدة تكاد تيأس من محاولاتها الوصول إلى حل سلمي مع حركة «طالبان»، لإنهاء الحرب الأميركية الأطول في أفغانستان التي تجاوزت سبعة عشر عاماً.
وأشار موقع الدفاع والديمقراطية الممول من وزارة الدفاع الأميركية في تعليق له إلى أن «طالبان» أكثر من سعيدة للتفاوض حول شروط انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، بشرط أن تضع «طالبان» بنفسها شروط مثل هذا الاتفاق، واصفاً مثل هذه الاتفاقية، إن تم التوصل إليها لن تكون في صالح الشعب الأفغاني أو الولايات المتحدة أو المنطقة الإقليمية كاملة، حسبما جاء في تعليق للموقع الأميركي.
وكانت «طالبان» وضعَتْ شروطها في المؤتمر للسلام في أفغانستان، حيث شددت «طالبان» قبل بدء أي مفاوضات على وجوب إزالة أسماء قادتها من القائمة السوداء التي وضعتها لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة، وتحرير قادتها من السجون في أفغانستان وباكستان، والاعتراف بمكتبها السياسي وإنهاء الدعاية المسمومة ضد «إمارة طالبان». وشددت «طالبان» على أنه في حال القبول بمقترحاتها فإن على القوات الأميركية وقوات حلف الأطلسي تحديد جدول زمني للانسحاب من أفغانستان، وبعد ذلك يمكن التوصل إلى سلام في أفغانستان.
ونفى الموقع الأميركي أن يكون لدى «طالبان» إمكانية للتنازل عن شروطها خاصة، وأن هذه الشروط تتحدث عنها «طالبان» منذ أكثر من عقد من الزمان، ولم تغيرها مطلقاً، وأن «طالبان» كسبت منذ بدء إدارة أوباما الحوار معها كثيراً من المكاسب السياسية، مثل فتح مكتب لها في الدوحة، والإفراج عن خمسة من قادتها من سجن غوانتانامو دون دفع مقابل لذلك.
وأضاف الموقع الأميركي أن استراتيجية ترمب حول أفغانستان التي أعلنها في أغسطس (آب) من العام الماضي لم تؤتِ ثمارها، وأن إدارة ترمب تراجعت عن خطة هزيمة «طالبان» عسكرياً، وبدأت تبحث عن سلام مع الحركة.
ميدانياً تضاربت التصريحات بين قوات «طالبان» والحكومة الأفغانية حول سير المعارك والمواجهات المسلحة بين الطرفين في عدد من الولايات الأفغانية، فقد نقلت وكالة «خاما برس» الأفغانية عن الجيش مقتل وإصابة ما لا يقل عن خمسة وعشرين من مقاتلي «طالبان» في غارات جوية قامت بها القوات الأفغانية والأميركية في منطقة جاركانو في ولاية غزني جنوب شرقي أفغانستان، وأن القوات الحكومية تمكَّنت من إبطال عدد من الألغام الأرضية التي زرعتها قوات «طالبان» في المنطقة. كما تحدث الجيش الأفغاني عن اعتقال سبعة من مقاتلي «طالبان» مع قائد ميداني لهم في ولاية تاخار الشمالية، وقال بيان للجيش الأفغاني إن عملية الاعتقال حدثت في منطقة قارا هندو وقرية قلبراس على أطراف مركز ولاية تاخار الشمالية.
من جانبها، تحدثت «طالبان» عن عدد من المعارك والمواجهات مع القوات الحكومية في ولاية ننجرهار شرق أفغانستان، حيث ذكر بيان للحركة مقتل 16 من أفراد القوات الخاصة الأفغانية في منطقة خوكياني، وجاء في بيان للحركة أن القوات الخاصة الأفغانية تعاونت مع مسلحي تنظيم «داعش» لشنِّ هجمات على مواقع «طالبان» في الولاية.
في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية في أفغانستان أمس أن المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان يأمل في التوصل إلى اتفاق سلام مع حركة «طالبان» بحلول أبريل (نيسان) 2019.
وقال المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد للصحافيين المحليين إنه يأمل في «التوصل لاتفاق سلام قبل 20 أبريل من العام المقبل». وخليل زاد في كابل لقيادة محادثات بين الولايات المتحدة و«طالبان» والحكومة الأفغانية.
ومن المقرَّر أن تجري أفغانستان انتخابات رئاسية في 20 أبريل 2019. وأضاف الدبلوماسي الأميركي المولود في أفغانستان أنه «لا يزال متفائلاً بحذر» بشأن المحادثات.
واجتمع خليل زاد الذي اختارته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإجراء محادثات مباشرة مع «طالبان»، مع زعماء الحركة في قطر، الشهر الماضي، لإيجاد سبل لإنهاء الحرب المستمرة منذ 17 عاماً في أفغانستان.
وقال اليوم إن النتيجة النهائية للمحادثات ستكون «السلام وأفغانستان ناجحة لا تشكل أي خطر على نفسها أو على المجتمع الدولي». وقدمت الحركة، التي تقاتل من أجل طرد القوات الأجنبية وهزيمة الحكومة المدعومة من الغرب، مطالبها، الشهر الماضي، لخليل زاد، وشملت جدولاً زمنياً لانسحاب القوات الأميركية وإطلاق سراح أعضاء بارزين مسجونين بالحركة.
وفي أكتوبر (تشرين الأول)، أطلقت باكستان سراح أحد مؤسسي الحركة وقيادياً بارزاً فيها. ولم يعلن موعد بعد لجولة أخرى من المحادثات، لكن خليل زاد قال إن «(طالبان) قد تُدخِل تعديلات إضافية على فريق المفاوضين». ويحاول خليل زاد تشكيل فريق تفاوض يضم شخصيات أفغانية مؤثرة لطمأنة الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في كابل بأنها لن تستبعد من عملية السلام».
وفي الوقت الذي تبذل فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وحكومة الرئيس أشرف غني، الجهود للتوصل لتسوية مع «طالبان» واصلت الحركة هجماتها في مختلف أرجاء البلاد على قوات الحكومة وكبدتها خسائر بالمئات في الأسابيع القليلة الماضية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».