الكباب منذ بداية التاريخ

ذكره هوميروس في «الإلياذة» وابن الوراق في كتاب «الطبيخ»

الكباب منذ بداية التاريخ
TT

الكباب منذ بداية التاريخ

الكباب منذ بداية التاريخ

الكباب واحد من أشهر وأطيب أطباق اللحوم حول العالم، كما أن الكباب من الأطباق المتوسطية والشرقية والأسيوية بامتياز. وقد انتشر هذا الطبق في الدول الغربية وحول العالم كنوع من أنواع المأكولات السريعة، ويُعرف كثيراً في بريطانيا والولايات المتحدة بالـ«دونر كباب» (يُحضر ويُطبخ على طريقة الشاورما). ورغم أن الكباب التقليدي يُحضر من لحم الغنم فإن أطباق الكباب المختلفة قد تستخدم السمك أو الدجاج أو لحم البقر أو لحم الماعز. وقد يأخذ الكباب أشكالاً كثيرة وأنواعاً عدة، فهناك الكفتة وهي اللحمة المفرومة مع البقدونس والبصل والبهارات والخضار، وقد تُطبخ في الفرن أو تُشوى بالأسياخ على الفحم. وهناك الشيش كباب وهي قطع اللحم التي تدخل في السيخ وتُشوى على الفحم مع بعض الخضار أحياناً وأحياناً مع قطع من الدهن كما هو الحال في بعض بلاد الشام. وهناك أيضاً كباب الخضراوات مع البندورة والفلفل بأنواعه المختلفة (يكثر في تركيا) والباذنجان والكوسة وغيرهما من الخضار.
وحول تاريخ الكباب تقول المعلومات المتوفرة إن أشباه الإنسان الـ«هومونين» استخدموا النار والطبخ في حوض البحر الأبيض المتوسط قبل 790 ألف سنة، وانتشرت المواقد والأفران الأرضية وعظام الحيوانات في أنحاء أوروبا والمتوسط قبل 250 ألف سنة. وتشير الموسوعة الحرة إلى أن هوميروس ذكر في إلياذته الشهيرة قطع اللحم المشوي، و«اكتشفتْ أعمال التنقيب في سانتوريني دعائم حجرية للأسياخ المستخدمة قبل القرن السابع عشر قبل الميلاد».
لكن وبشكل عام نشأت أطباق الكباب التي نعرفها حالياً في مطابخ العصور الوسطى في بلاد فارس وتركيا، والبعض يقول سوريا وحلب بالتحديد. وكانت تُحضر هذه الأطباق عموماً من قطع صغيرة أو شرائح من اللحم أو اللحم المفروم، وغالباً ما كان يتم طهيها على أسياخ فوق النار.
إلا أن المشاوي العمودية أو ما تُعرف بمشاوي الشاورما في لبنان انتشرت في تركيا أيام الإمبراطورية العثمانية في القرن السابع عشر. وتعد مدينة بورصة التركية مكان ولادة «الدونر كباب»، وقد انتقل بعد قرن إلى مدينة إسطنبول ليصبح من أشهر الأطباق والمأكولات السريعة. وفي نهاية الحرب العالمية الثانية ذاع صيت الكباب عالمياً، وافتُتح أول مطعم له في العاصمة البريطانية لندن في عام 1966، وانتقلت النسخة اليونانية منه (غيروس) إلى نيويورك في بداية السبعينات من القرن الماضي. يحضَّر الكباب بطرق مختلفة، فالكباب الحلبي المشوي يحضَّر من اللحم والدهن والبقدونس والفلفل الأسود المطحون والملح والبهارات المشكلة والصنوبر. يتم خلط هذه المكونات وتحويل الخليط إلى كرات صغيرة قبل فردها على السيخ وشيّها على الفحم. يقدَّم عادةً الكباب هذا إلى جانب سلطة من السماق والبصل والبقدونس وعصير الليمون.
وفي الفرن عادةً ما يتم خلط اللحم المفروم مع البهارات والملح والبقدونس والبصل لتحضير ما يُعرف بالكفتة ومن ثم يتم تقطيع البندورة إلى قطع كبيرة والبطاطا إلى قطع كبيرة وسلقها نصف سلقة. تُمسح الصينية ببعض الزيت قبل فرد الكفتة حتى لا تلتصق بقاع الصينية خلال الطبخ، ومن ثم توضع فوقها قطع البطاطا وفوق ذلك قطع البندورة. يتم التمليح والتبهير بالفلفل الأسود وإضافة خليط من رب الرمان وعصير الحامض وزيت الزيتون قبل وضع الصينية بالفرن وطبخ الكفتة.
أما الكباب التركي فيحضَّر من اللحم المفروم والقليل من الدهن والثوم المهروس والبصل الناعم والفلفل الأحمر الحار والكزبرة والكمون والفلفل الأسود والملح وزيت الزيتون. يتم خلط هذه المكونات جيداً في وعاء قبل وضعها في البراد لساعة على الأقل. بعد ذلك يتم مسح الأسياخ بالماء البارد قبل فرد اللحم عليها وشيّها.
وأحياناً أيضاً يتم خلط اللحم بالبقدونس والبهارات والبصل والملح وتشكيل كرات صغيرة أو قطع على شكل صحون طائرة بحجم قطع الهامبورغر. وبينما يتم قلي هذه القطع عادةً في الزيت وتقديمها إلى جانب السلطة أو الأرز، يتم قلي الكرات الصغيرة وطبخها في صلصة البندورة ورب الرمان وتناولها إلى جانب الأرز والخبز وشتى أنواع السلطات.
وهناك أنواع كثيرة من هذا النوع من الكباب فمنه ما يخلط اللحم المفروم بالبقدونس، ومنه ما يحضَّر بلحم البقر المفروم ويُطبخ بالكريم، كما هو الحال مع طبق كرات اللحم السويدي. وهذا الطبق الأخير واحد من أشهر الأطباق وأكثرها مبيعاً في العالم. تحضَّر الكرات من لحم البقر المفروم وكسرات الخبز المحمص والبقدونس وخليط من البهارات ومنها جوز الطيب والبصل المفروم والثوم المهروس والملح والبيض والزبدة وزيت الزيتون والطحين ومرق اللحم والكريم وصلصة الوورشيستشير المعروفة والخردل الفرنسي. تُحضر كرات اللحم وتُقلى قبل إضافتها إلى الصلصة المصنوعة من الزبدة ومرق اللحم والكريم وصلصة الوورشيستشير والخردل وطبخها لمدة دقيقتين قبل التقديم على طبق من الأرز.
جاءت كلمة كباب على الأرجح من أصل عربي، إلى اللغة الإنجليزية في أواخر القرن السابع عشر جزئياً من خلال اللغات الأردية والفارسية والتركية. وقد وصف ابن سيار الوراق في كتاب «الطبيخ» في القرن العاشر للميلاد، الكباب «بأنه لحم مقلي في مقلاة أو مشوي على النار.
وقد أخذ الأتراك الاسم من اللغة العربية. أما الاسم العربي فقد يبدو أنه مأخوذ من كلمة (كبابو) الأرامية السورية القديمة والتي تعني (حرق) و(تفحيم). وفي القرن الرابع عشر، استعملت الكلمة لتدل على الطريقة لشيّ اللحم المفروم على شكل كروي. كما تدل الشيش كباب على قطع اللحم المشوية التي تُشوى على السيخ (كلمة شيش تعني السيخ)».
ووفقاً للغوي التركي سيفان نيشانيان، فإن الاسم ظهر في اللغة التركية في القرن الرابع عشر في قصة يوسف، وأن الكلمة لها معنى يعادل «القلي - تحترق» لكلمة «كبابو» في اللغة الأكادية القديمة و«كبابا» في الأرامية. أما الكلمة التركية «دونر döner» فقد جاءت من كلمة «دونميك dönmek» التي تعني «تدوير» أو «تقليب»، وعلى هذا يعني اسم الـ«دونر كباب» الشيّ المقلّب. أما الاسم العربي «شاورما» فهو مستمَد من كلمة تركية أخرى وهي كلمة «شيفيرما çevirme» التي تعني أيضاً «تدوير». وحسب ابن بطوطة فإن الكباب كان يقدَّم في البيوت الملكية خلال فترة سلطنة دلهي بين القرنين الثالث والسادس عشر، وكان العوام من الناس يستمتعون بها على الفطور مع خبز الـ«نان».


مقالات ذات صلة

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

مذاقات البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات.

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق الرجل كان يتناول أدوية لا تستلزم وصفة طبية لعلاج السعال... لكنه لم يلحظ أي تحسن (رويترز)

ليس سرطاناً... سبب غريب وراء إصابة صيني بسعال مستمر لعامين

شعر رجل في الصين، كان يعاني سعالاً مستمراً منذ عامين، بالارتياح عندما اكتشف أن السبب لم يكن إصابته بالسرطان، بل قطعة من الفلفل الحار استقرت في رئته.

«الشرق الأوسط» (بكين)
مذاقات صورة لطاجين اللحم بالبرقوق المشهور في المغرب من بكسباي

المطبخ المغربي... يتوج بلقب أفضل مطبخ في العالم

فاز المطبخ المغربي على المطبخ المكسيكي في نهائي مسابقة للطبخ، بعد جمع ما يقارب 2.5 مليون صوت طوال المنافسة.

كوثر وكيل (لندن)
أوروبا طبق من الدجاج (رويترز)

روسيا تقدم طبق «دجاج كييف» في عشاء بالأمم المتحدة

انتقدت أوكرانيا روسيا لتقديمها طبق «دجاج كييف» في حفل عشاء لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
صحتك فيتامين «إيه» ضروري في الصيف لأنه يساعد على ترميم الجلد بعد التعرض لأشعة الشمس (رويترز)

بين الفيتامينات المهمة والمأكولات الضارة... ماذا تحتاج أجسامنا خلال الصيف؟

فيما يلي أبرز الفيتامينات التي يجب عليك بدء تناولها إذا كنت تعيش في أماكن ذات درجات حرارة مرتفعة، وأيضاً أطعمة عليك تجنبها:

تمارا جمال الدين (بيروت)

مبارزة «سوشيالية» على لقب أفضل طبق كشري في مصر

طبق الكشري المصري (شاترستوك)
طبق الكشري المصري (شاترستوك)
TT

مبارزة «سوشيالية» على لقب أفضل طبق كشري في مصر

طبق الكشري المصري (شاترستوك)
طبق الكشري المصري (شاترستوك)

يبدو أن انتشار وشهرة محلات الكشري المصرية، لدرجة افتتاح فروع لها في دول عربية، زادا حدة التنافس بينها على لقب «أفضل طبق كشري». الأمر الذي انعكس في «مبارزة سوشيالية» لـ3 من محلات الكشري المعروفة في مصر، حيث استخدم كل منها فيديوهات بخلفية أغاني مهرجانات في تحدٍّ تَصدّر «التريند» على «إكس».

ولا تظهر المؤشرات مِن أين بدأت ما سُميت «المبارزة السوشيالية»، أي المبارزة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن فيديوهات نشرها مستخدمون على «إكس» تشير إلى شباب يرتدون زي «كشري التحرير»، وهو محل كشري له أفرع كثيرة في مصر، يقدمون أغنية تعبر عن تفردهم بـ«أفضل طبق كشري»، ليرد عليهم آخرون يرتدون زي محلات «سيد حنفي»، الذي وضع فيديو شباب «كشري التحرير» في الخلفية، ويخبرونهم بأنهم يريدون فقط الأضواء «اللقطة»، وأن الأفضل لهم الابتعاد عن المنافسة والنوم جيداً.

ونشرت مستخدمة باسم «رحومة» على «إكس» فيديو السجال بين «كشري التحرير» وكشري «سيد حنفي»، معلّقةً أن آخر شيء كانت تتخيله أن محلات الكشري «تدوس على بعض»، أي تدخل في سجال وتحدٍّ مباشر.

وعلى الصفحة نفسها، جاء تعليق من المستخدمة ذاتها: «بشرى سارة للجميع، أبو طارق ردوا يا جماعة»، بعد ذلك يظهر فيديو لشخص في خلفيته لافتة «أبو طارق»، وهو محل كشري شهير في مصر، يرد على الاثنين قائلاً في نهايته: «روحوا ناموا... بتحلموا».

ويبدو من الفيديوهات المتداولة والتعليقات عليها أن بعض هذه المبارزات يدور بين أفرع لمحلات الكشري المصرية، ولكن في الخارج.

وتتراوح أسعار طبق الكشري في مصر بين 20 جنيهاً في المناطق الشعبية، و50 جنيهاً في المناطق المتوسطة والميسورة اجتماعياً، ويختلف طعمه من محل إلى آخر حسب «الصنعة» التي يتقنها كل محل. وتقتصر مكونات طبق الكشري على الأرز والمكرونة والعدس وحمص الشام والبصل المقلي، مع إضافات مثل الصلصة والدَّقَّة.

طبق الكشري أكلة شعبية مميزة في مصر (فيسبوك)

في السياق، جاءت تعليقات تعدّ الكشري وجبة الفقراء، حيث كتبت صاحبة حساب باسم «مريم» على «إكس» أنها حاولت أن تشرح لزميلتها الأميركية في العمل ما هو الكشري، وكيف أنه بلا لحوم، فسألتها زميلتها؛ هل معنى ذلك أن معظم المصريين نباتيين؟ فردّت عليها: «بل معظمهم فقراء».

ليرد عليها متابع آخر باسم «محمد المسيري» متعجباً من ربط الكشري بالفقر، مشيراً إلى وجود محلات الكشري في كل المناطق، ويدخلها الناس من كل المستويات (الطبقات الاجتماعية)، وأن هناك فنادق 5 نجوم ومطاعم كبرى تقدم «طبق الكشري» ضمن قائمة الطعام الخاصة بها.

ونشر حساب باسم «عصمت سليم» على «إكس» صورة لعربة كشري في الشارع (يبدو أنها صورة تعود لفترة قديمة) يأكل منها مجموعة من الصبية، وعليها أسعار «5 - 3 - 2 - 1»، وكتب معلقاً على الصورة إن سعر طبق الكشري عند أغلبية الناس أهم من أسعار الذهب. وأضاف: «طبق الكشري الأكلة الشعبية في مصر كان بـ5 قروش، والآن وصل سعره إلى 50 جنيهاً (الدولار يساوي 48.25 جنيه مصري) بزيادة ألف مرة»، وردّ عليه أحد المتابعين أن هذه الأسعار كانت في السبعينات.

ويُرجع بعض المصادر أصل الكشري إلى أزمنة قديمة، في إشارة إلى كتاب «الجيبتانا» الذي يؤرخ للمصريين القدماء، وتَرد فيه وصفة «الكوشير»، ويتكون من حبوب القمح والعدس والفول والحمص والثوم والبصل بعد طهيها في أوانٍ من الفخار، وهي مكونات قريبة جداً مما يتكون منه الكشري اليوم.

وتسعى مصر إلى تسجيل الكشري ضمن التراث الإنساني اللامادي. وكانت الدكتورة نهلة إمام، مستشارة وزارة الثقافة لشؤون التراث اللامادي، قد تحدثت سابقاً عن تقديم ملف لليونيسكو لتسجيل «الكشري» كـ«أكلة مصرية»، ومن المفترض تحكيم هذا الملف في 2025.