اجتمع عيد الفطر مع عيد الجيش فازدحمت روزنامة الحفلات بأسماء لامعة

من نجومها نجوى كرم وعاصي الحلاني وجورج وسوف وميريام فارس

نانسي عجرم
نانسي عجرم
TT

اجتمع عيد الفطر مع عيد الجيش فازدحمت روزنامة الحفلات بأسماء لامعة

نانسي عجرم
نانسي عجرم

لن تتقيّد مواعيد حفلات عيد الفطر في لبنان هذا العام بالأيام المحددة له عادة، فهي ستطول إقامتها في ربوعه حتى ما بعد المناسبة ولغاية نهاية شهر أغسطس (آب).
ولعلّ التقاء عيد الفطر السعيد بمناسبة عيد الجيش (الأول من أغسطس)، ساهم في تفعيل هذه الحفلات المقامة لمناسبتين مهمتين لهما منحيان اجتماعي ووطني على السواء.
ولبنان الذي اعتاد إحياء عيد الفطر بأول وثاني وثالث أيامه فقط، فهو في العام الحالي مدد لها بسبب حفلات المهرجانات الصيفية من ناحية وموسم السياحة من ناحية أخرى.
أما نجوم هذه الحفلات التي تتوزّع على مختلف المناطق اللبنانية، فتقتصر على اللبنانيين منهم بنسبة كبيرة بحيث تضم غالبيتهم، وفي مقدمتهم نجوى كرم وعاصي الحلاني وجورج وسوف وميريام فارس إضافة إلى وائل كفوري ومايا دياب وملحم زين وغيرهم.
ففي 29 من الشهر الحالي تقدّم نجوى كرم أولى حفلات العيد لها في بلدة مغدوشة الجنوبية، وبالتحديد في مجمّع «لارك» السياحي، لتنتقل بعدها أي في 31 الحالي لتحيي ثاني أيام العيد في فندق فينيسيا وسط العاصمة بيروت إلى جانب المطرب وائل كفوري.
وستكون لإطلالة سلطان الطرب جورج وسوف وقعها المنتظر، في مهرجانات أعياد بيروت ثاني أيام العيد أيضا في 31 يوليو، بحيث سيقدّم حفلته الغنائية الأولى بعد غياب عن المسرح لأكثر من ثلاث سنوات بسبب الوعكة الصحية التي ألمت به.
أما عاصي الحلاني فقرر أن يفتتح موسم العيد في قلعة بعلبك التي يشارك في مهرجاناتها الفنية هذا العام في 30 يوليو، وذلك من خلال تقديمه حفلة غنائية بعنوان «حلم» سيؤدّي فيها باقة من أغانيه الجديدة والقديمة والتي سيلوّنها بواحدة خاصة بمدينة بعلبك، فتكون بمثابة هديّته لها ولأهلها في هذه المناسبة، والحفلة من إخراج جو مكرزل وستتضمن لوحات راقصة بإشراف الكوريغراف فرنسوا رحمة. ودائما مع عاصي الحلاني فسيتسنى لجمهوره متابعته في حفلة غنائية أخرى يحييها رابع أيام العيد أي في 2 أغسطس (آب)، على مسرح مطعم الفردوس في اهدن (شمال لبنان) والتي سيشاركه فيها الفنان فارس كرم.
ومن الشمال ننتقل إلى بيروت التي ستشهد إضافة إلى حفلة نجوى كرم في الفينيسيا، حفلات أخرى يحييها كل من ميريام فارس وملحم زين وفارس كرم أيضا في فندق (الموفمبيك) ثاني أيام العيد، وحفلة أخرى لأيمن زبيب وحاتم العراقي ومايا دياب يقدمونها في فندق «لو رويال» في منطقة ضبية، وذلك ثالث أيام العيد وهي من تنظيم معدّ الحفلات في لبنان عماد قانصوه.
ولن ننسى المهرجانات الغنائية المقامة في عدد من المناطق اللبنانية إضافة إلى «أعياد بيروت»، التي ستضمّ حفلات غنائية مختلفة في مناسبة العيد وما بعده، وبينها تلك التي يقيمها الموسيقي زياد الرحباني في مهرجان «اهدنيات» في الثاني من أغسطس (آب)، وكذلك المطرب كاظم الساهر في 8 أغسطس في المهرجان نفسه، إضافة إلى حفلة غنائية غربية في 3 أغسطس تقدّم في مهرجان البترون تحت عنوان (Les annees Bonheur 3)، التي تتضمن أغاني غربية، والتي رددناها في السبعينات والثمانينات مع فريق «بوني إم» والمغنيين الفرنسيين جان فرنسوا ميكاييل وباتريك جوفيه وغيرهم.
المطرب راغب علامة من جهته سيحيي حفلته الأولى هذا الصيف في 10 أغسطس في مطعم الفردوس في اهدن مع الفنانة جنى، كما سيكون له إطلالة ثانية في فندق فينيسيا (بيروت) في 12 من الشهر نفسه وذلك في صالة الـ(ball room).
وعلى الرغم من أن كلا من هيفاء وهبي وإليسا ونانسي عجرم ستغيب عن حفلات العيد بالتحديد إلا أنهن سيشاركن في حفلات صيف لبنان اللاحقة، فتقدّم الأولى حفلة في مهرجان القبيات في 16 أغسطس التي ستسبقها حفلة أخرى مع عاصي الحلاني وفارس كرم في فندق فينيسيا في 15 منه أيضا.
أما أليسا فستحيي حفلة مهرجانات «أعياد بيروت» في 21 أغسطس، بينما تسافر نانسي عجرم إلى شرم الشيخ في مصر لإحياء حفلات العيد هناك في 28 و29 الحالي.
وتشارك تلفزيونات لبنان بحلّة العيد كلّ على طريقتها. فتلفزيون «إم تي في» خصص لمناسبة عيد الجيش الواقع في الأول من أغسطس حفلة خاصة في المناسبة يشارك فيها ضيوف عدة من أهل الفن والسياسة معا، فيما ستنفرد الفنانة مايا دياب ولمناسبة عيد الفطر في تقديم حلقة خاصة من برنامجها «هيك منغني» تستضيف فيها عددا من نجوم غناء وستحمل هذه الحلقة كلّ جديد على صعيدي التقديم والمضمون.
من جهته خص تلفزيون «إل بي سي آي» مشاهديه طيلة أيام العيد بحفلات غنائية أقيمت سابقا لكلّ من مارسيل خليفة وهبة طوجي وصابر الرباعي. وستتوزّع هذه الحفلات على مدى ثلاثة أيام العيد أي الثلاثاء والأربعاء والخميس المصادفين 29 و30 و31 الشهر الحالي.
أما تلفزيون «المستقبل» فيقدّم لمشاهديه ابتداء من 29 الحالي سهرات خاصة بعيد الفطر. فضمن برنامج «خلّي السهرة عنّا» الذي تابعناه طيلة شهر رمضان، سيتم استضافة عدة فنانين لبنانيين على مدى يومين متتاليين (أول وثاني أيام العيد)، وهم «الفرسان الأربعة» في اليوم الأول، والفنانين نضال حليحل وايلي بيطار وماريا سركيس في اليوم الثاني. كما سيتاح للمشاهدين فرصة متابعة مهرجانات بيت الدين 2014 لسهرة من الموشحات والصوفيات ليلة 29 من الحالي. أما في 30 منه فستتضمن السهرة فيلما عربيا بعنوان «ممنوع في ليلة الدخلة» ويليه نقل للحفلة الغنائية للمزين النسائي جو رعد التي أقامها وسط بيروت لمناسبة عيد الموسيقى.
أما في 31 يوليو فسيعرض تلفزيون المستقبل في بداية السهرة فيلما عربيا بعنوان «البعض يذهب للمأذون مرتين»، يليه مسرحية «جحا يحكم المدينة».



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)