مصر تدرس استنساخ مقبرة الملكة نفرتاري غرب الأقصر

للحفاظ على المقبرة الأصلية من العوامل الطبيعية

مقبرة نفرتاري من الداخل
مقبرة نفرتاري من الداخل
TT

مصر تدرس استنساخ مقبرة الملكة نفرتاري غرب الأقصر

مقبرة نفرتاري من الداخل
مقبرة نفرتاري من الداخل

تدرس سلطات محافظة الأقصر (721 كيلومترا) جنوب القاهرة، مع وزارة الآثار والتراث بمصر ومسؤولين إيطاليين إقامة مشروع، لاستنساخ مقبرة الملكة نفرتاري على غرار مشروع استنساخ مقبرة الفرعون الذهبي الملك توت عنخ آمون.
ومن المتوقع أن يجري الإعلان عن تفاصيل المشروع على هامش الاحتفال بمرور 110 أعوام على اكتشاف المقبرة، غرب مدينة الأقصر على يد بعثة إيطالية برئاسة خبير الآثار الشهير سكياباريللي عام 1904. قبل 18 عاما على اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون.
وقال اللواء طارق سعد الدين محافظ الأقصر لوكالة الأنباء الألمانية إن اتصالات تجري مع وزارة الآثار والتراث والسفير الإيطالي في القاهرة لدراسة استنساخ مقبرة نفرتاري المغلقة أمام السياح للحفاظ عليها من العوامل البيئية التي تهدد نقوشها ورسومها النادرة، وذلك بهدف تمكين السياح وعشاق الآثار المصرية في العالم من رؤية المقبرة ومعالمها، على غرار مشروع استنساخ مقبرة الملك توت عنخ آمون.
وأوضح محافظ الأقصر أن مشروعات إقامة نماذج لمقابر ملوك وملكات الفراعنة، فيما وصف بأنه عملية استنساخ للتاريخ، تأتي من أجل الحفاظ على معالم تاريخية نادرة، مشيرا إلى أن العملية تخضع لدراسات موسعة من قبل وزارة الآثار والتراث وعلماء المصريات، قبل اتخاذ قرار بشأنها.
وثمّن دور خبراء الآثار المصريين، ووزير الآثار والتراث، ومسؤولي وزارته في العناية بآثار الأقصر ومساعيهم لإعلان مزيد من الاكتشافات الأثرية الحديثة التي تسهم بشكل إيجابي في جذب أنظار العالم إلى الأقصر، وتحقيق مزيد من الليالي السياحية بالمدينة.
وأشار المحافظ إلى أن الأقصر سوف تستضيف في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل احتفالية عالمية بمناسبة مرور 110 سنوات على اكتشاف مقبرة نفرتاري، ومن المنتظر أن يشارك في الاحتفالية وفود من محبي الآثار المصرية وعلماء المصريات والسياح من مختلف بلدان العالم.
يُذكر أن مقبرة الملكة نفرتاري قد اكتشفت سنة 1904 على يد بعثة إيطالية برئاسة الآثاري الشهير سكياباريللي، ولم تفتتح للجمهور منذ اكتشافها إلا في أوائل عقد التسعينات من القرن الماضي، وذلك لحدوث بعض التلف في النقوش والزخارف، بسبب ترسب الأملاح بالفتحة المؤدية إلى داخل المقبرة، ثم أغلقت في إطار السعي للحفاظ على معالمها.
وتزخر المقبرة بالنقوش والرسوم الجدارية الحية، وهناك لوحة حائطية تصور الملكة، وهي تلعب لعبة شبيهة بالشطرنج.
وكانت أنظار محبي الآثار المصرية من علماء المصريات وسياح العالم أجمع قد اتجهت في 30 أبريل (نيسان) الماضي إلى مدينة الأقصر التاريخية بصعيد مصر، حيث قام وزير الدولة لشؤون الآثار بمصر يرافقه عدد كبير من كبار المسؤولين بمصر بافتتاح المقبرة المقلدة للفرعون الذهبي الملك توت عنخ آمون، بالقرب من منزل مكتشف المقبرة المستكشف البريطاني هيوارد كارتر عند مدخل الطريق المؤدي إلى منطقة وادي الملوك، الغنية بمقابر ملوك الفراعنة، حيث ترقد مومياء توت عنخ آمون داخل مقبرته الأصلية التي باتت معالمها مهددة بالاندثار، نتيجة استقبالها لقرابة ألف زائر في كل يوم، فتقرر إقامة نسخة مقلدة لها لتخفيف زوراها والحفاظ على معالمها الأثرية النادرة، التي تمثل تراثا فريدا للإنسانية جمعاء.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».