تواصل روسي مع نجل القذافي يثير ردود فعل ليبية متباينة

صورة أرشيفية للقذافي الابن خلال فترة احتجازه (رويترز)
صورة أرشيفية للقذافي الابن خلال فترة احتجازه (رويترز)
TT

تواصل روسي مع نجل القذافي يثير ردود فعل ليبية متباينة

صورة أرشيفية للقذافي الابن خلال فترة احتجازه (رويترز)
صورة أرشيفية للقذافي الابن خلال فترة احتجازه (رويترز)

أثارت تصريحات روسية رسمية عن إمكانية دمج سيف الإسلام القذافي في العملية السياسية الجارية في ليبيا، ردود فعل متباينة في أوساط الليبيين. ففي حين رحب بعضهم بعودته وترشحه للرئاسة شرط إبراء ساحته قضائياً، حذر آخرون من الخطوة، واعتبروا أنها «ليست في مصلحة البلاد».
وكان رئيس مجموعة الاتصال الروسية لتسوية الأزمة الليبية، ليف دينغوف، كشف عن وجود اتصالات بين بلاده وسيف الإسلام القذافي. وقال: إن الأخير «لديه اعتبار ووزن سياسي في بلاده؛ ولذلك سيكون ضمن الأطراف المشاركة في العملية السياسية الليبية».
وأضاف دينغوف لوكالة «سبوتنيك» الروسية، أول من أمس، أن «سيف الإسلام إيجابي للغاية، ويمكننا القول إنه سيكون أحد الأطراف المشاركين في العملية السياسية، لسبب بسيط هو أن هناك مجموعة معينة من الناس تدعم كل ما يتعلق بالقذافي وعائلته».
وأشار إلى أن «سيف الإسلام متفائل جداً، ولديه فريق يدعمه، لكن يجب ألا ننسى أن هناك عقوبات ضده وحتى يتم رفع هذه العقوبات، لا أعتقد أن مشاركته ستكون مشروعة؛ لأن الانتخابات ستجري تحت رعاية الأمم المتحدة... أعتقد أنه في أي حال سيحتاج (سيف الإسلام) إلى تسمية مرشح يمثله ويمثل مصالح القبائل، بما في ذلك قبيلة القذاذفة». وذهب إلى أن «روسيا لن تدعم أي شخص لا يدعمه الشعب الليبي مطلقاً».
ومنذ أطلقت سراحه «كتيبة أبو بكر الصديق» المسلحة في مدينة الزنتان (جنوب غربي طرابلس) في 11 يونيو (حزيران) 2017، لم يشاهد سيف الإسلام في مكان عام. وتشير تقارير وشخصيات ليبية إلى أنه يتواجد في الزنتان ولم يخرج منها. وسيف الإسلام، الذي اعتقل في الزنتان بعد إطاحة والده معمر القذافي من حكم البلاد ومقتله في أكتوبر (تشرين الأول) 2011، مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية التي تطالب مجلس الأمن بالتحرك للقبض عليه على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب خلال الانتفاضة التي أنهت حكم والده.
وقال شيخ قبيلة الفواخر في مدينة سلوق (شرق ليبيا) جمال أبو فرنة لـ«الشرق الأوسط»: إن «الديمقراطية تسع جميع الليبيين، ورأي الأغلبية هو الذي يجب أن يسود من دون إقصاء لأحد». وأضاف: «إذا لم تكن هناك محاذير قضائية تواجه نجل القذافي، فلا مانع من ترشحه... لا توجد لدينا مشكلة في دمجه في العملية السياسية إطلاقاً».
في المقابل، رأى رئيس مجلس شيوخ وأعيان قبائل التبو الشيخ إبراهيم وردكو، أن «الدفع بسيف الإسلام من قبل قوى عظمى لحسابات سياسية أمر مرفوض». وقال: إن «الحديث عن أن عودته هي الحل لأزمات البلاد ليس في مصلحة ليبيا». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «البعض يقول إن من حق سيف القذافي الترشح لرئاسة البلاد، لكن قبل ذلك عليه أن يبرئ ساحته أولاً أمام القضاء الداخلي والخارجي من التهم الموجهة إليه». ورد على من يرى في سيف الإسلام حلاً لأزمات ليبيا، قائلاً: «إذا كانت هناك شريحة من المواطنين تطالب بإعادة نظام القذافي الذي حكم البلاد قرابة 42 عاماً، فهناك شرائح ترفضه، ونحن لا نريد تجزئة الأمور في البلاد». وأضاف أن «الليبيين لا يحتاجون إلى شخصيات تربك المشهد أكثر من ذلك، نحن في حاجة إلى حوار مع شخصيات يلتف الناس حولها، بعيداً عن التجاذبات».
غير أن شيخ قبيلة الفواخر أبو فرنة قال لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد إقصاءً لأحد، كما نرفض استقواء شخصيات ليبية بجهات خارجية، أو فرض رأيها بالقوة»، مشيراً إلى «ضرورة الاحتكام إلى صناديق الانتخابات بعيداً عن التفزيع والتخويف... هذا إذا كنّا نريد ليبيا ديمقراطية يسودها الاستقرار والمحبة».
من جانبه، دافع قيادي في قبيلة القذاذفة، رفض نشر اسمه، عن وجود دور للقذافي الابن في العملية السياسية مستقبلاً.
وقال إن «كل تيار في البلاد يعمل بشكل جهوي لحساب جماعته بعيداً عن مصلحة البلاد، وبالتالي لا يجب أن يزايد أحد على عائلة القذافي... نرحب بسيف، وندعم تواجده على رأس المشهد الليبي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».