«مسك العالمي» يناقش المواءمة بين مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل

المتحدثون شدّدوا على تميّز بيئة العمل في السعودية لاستيعاب الشباب

سعوديات يلتقطن صورة سيلفي بجانب صورة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان (رويترز)
سعوديات يلتقطن صورة سيلفي بجانب صورة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان (رويترز)
TT

«مسك العالمي» يناقش المواءمة بين مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل

سعوديات يلتقطن صورة سيلفي بجانب صورة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان (رويترز)
سعوديات يلتقطن صورة سيلفي بجانب صورة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان (رويترز)

انطلقت في الرياض أمس فعاليات منتدى مسك العالمي في نسخته الثالثة بعنوان «مهارات المستقبل» بمشاركة متحدثين عالميين وشركاء دوليين وممثلي مؤسسات شبابية دولية وبحضور قيادات شابة ورياديي أعمال ومسؤولين في القطاعين الحكومي والخاص.
وناقشت الجلسة الافتتاحية في المنتدى التي حملت عنوان «تحديات التعليم والتدريب والتوظيف» المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل. وقال المهندس أحمد الراجحي وزير العمل والتنمية الاجتماعية السّعودي خلال مشاركته في الجلسة: «نرسم حالياً خريطة للنّظام التعليمي في السعودية كي تلائم سوق العمل، آخذين في الاعتبار الوظائف المستقبلية، التي نحتاج إليها وفي الوقت ذاته نعتقد برؤية المملكة 2030. ومشروع البرامج التي تولد»، مؤكداً أنّ ذلك ليس بالتمرين السّهل إنّما هو مهمة صعبة تمثل تحدياً كبيراً. وأشار إلى الحاجة للعمل جميعاً والتعاون مع النّظام التعليمي ومع أصحاب العمل الذين يوجدون الوظائف، ومع وزارة العمل لإعطاء اتجاه واضح للذي يتوجب العمل عليه.
وأكّد أنّ هناك نقاشاً بين المعرفة والمهارات المطلوبة، وهذا كان محور النقاش حول متطلبات المهارات أكثر من المتطلبات القائمة على المعرفة واتجاه التعليم، منوّها أنّ القيادة قرّرت حالياً تشكيل لجنة للتركيز بشكل أساسي على رسم وقياس مستقبل واتجاه التعليم الذي نحتاج إليه لوظائف المستقبل.
وتحدّث الراجحي عن مسارات عدة ينبغي النّظر فيها من أجل معرفة نوعية الشّباب الذين نحتاج إليهم للوظائف التي يتوقعونها في ظلّ وجود الروبوتات والأتمتة، مشيراً إلى أنّ السعودية محظوظة بأنّ الشّباب يمثلون 70 في المائة من سكانها، وبالتالي فإن كل برامج «الرؤية 2030»، تتمحور حول الاستفادة من مصدر القوة الشبابية.
وشدّد على أنّ البيئة متميزة لاستيعاب الشّباب ولا عائق أمام ذلك. وأضاف: «علينا في المدى القصير العمل على إيجاد المزيد من فرص العمل، ولكن في المديين المتوسط والطويل فإن ذلك يشكل ميزة إيجابية، فنحن نعمل حالياً من أجل إعادة منحهم المهارات المطلوبة حتى للشباب الذين تخرجوا في مجالات غير مطلوبة في سوق العمل، وبالتالي نحاول إعادة صقلهم بالمهارات المطلوبة ليتمكنوا من الانخراط في وظائف معينة».
وبيّن الراجحي أنّ الرياض شهدت مساء أول من أمس، اجتماعاً لمناقشة برامج «الرؤية 2030» التي تم إطلاقها وتخصيص ميزانيات لها، وبدأت عملية التنفيذ «ونعتقد أنّنا في مرحلة التنفيذ حالياً ولم نعد في مرحلة التخطيط ونؤمن بحاجة للمزيد من الأشخاص في المستقبل».
ولفت إلى أنّ «في السعودية 12 مليون وافد يسهمون إيجابيا في الاقتصاد، وسيكون لدينا هذا المزيج من القوى العاملة، لتحقيق الأهداف المرجوة ونخطّط للشّباب منذ مرحلة التعليم حتى يصلوا إلى مرحلة العمل».
وعن خطة وبرامج الوزارة للشباب، ذكر الراجحي أنّ القيادة قرّرت مؤخراً تشكيل لجنة وزارية لسياسات سوق العمل، وخلق الوظائف، وهذه اللجنة تضم خمسة وزراء، وهم وزير التخطيط الاقتصادي وزير التجارة والاستثمار ووزير التعليم ووزير الخدمة المدنية ووزير العمل والتنمية الاجتماعية. وأوضح أنّ تلك اللجنة تلتقي كل أسبوعين لمناقشة ماهية العلاقات بين التعليم ومتطلبات سوق العمل والوظائف المستقبلية. قائلاً: «نخطّط الآن كي نتأكّد أنّ كل شاب سعودي عندما ينخرط في التعليم يضمن مخططاً واضحاً في مجال عمله بعد التخرج وكل المسارات والمستقبل الذي ينتظره لتفادي الازدواجية».
إلى ذلك، قال الدكتور أحمد العيسى وزير التعليم السّعودي، على هامش منتدى مسك: «نحن في حاجة لبعض الوقت للتّأكّد من أنّ تطويرنا للنّظام التعليمي يسير في الاتجاه السّليم، إذ لا بد لكل طالب في التعليم العام، أن يحظى بفرصة لتطوير مهاراته في مجالات التفكير وحلّ المشكلات والتواصل بغض النّظر عن التخصص الذي ينخرط فيه، كما أنّه بالنسبة للتّعليم العالي نودّ أن نرى المزيد من التعليم القائم على المشروعات، أي أنّ الطّلاب سيكونون قادرين على أن يكونوا قريبين جدا من تلبية احتياجات سوق العمل والقطاع الخاص، لذلك أعتقد أنّنا نواجه قضايا ملحّة وحاسمة بالنّسبة للرؤّية 2030، ونسير في الاتجاه الصحيح».
من جهته، أكّد عبد الله السياحة وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية أنّ المخطط لبرنامج تحقيق «الرؤية 2030»، يتعلّق بتطوير المهارات والتركيز على رياض الأطفال حتى الصّف 12، والوزارة بدأت في ذلك مع وزارة العمل. وتابع: «توصلنا بالتعاون مع (العمل) و(مسك) إلى تطوير مهارات نحو 300 ألف طالب العام الماضي، ونتقدّم للوصول إلى مليون طالب».
وأكد أنّ التركيز في قطاع التعليم العالي على ثلاثة تخصصات، هي البيانات والذكاء الاصطناعي وأمن ائتمان المعلومات، وجرى افتتاح فرص لهذه التخصصات لنيل درجة الماجستير ونكاد نصل إلى 4 آلاف ونتقدم نحو 8 آلاف بهدف ردم هذه الفجوة بين التعليم وسوق العمل.
بدورها، أكّدت ممثلة الأمم المتحدة للشباب على هامش منتدى مسك أن 1.8 مليار شخص في العالم من عمر 10 إلى 24 عاماً، مبيّنة أنّ السّكان في العالم تحت عمر الـ30 يمثلون نحو نصفهم، ونحو 90 في المائة منهم يعيشون في الدول النّامية. وأضافت أنّ ذلك يخلق تحدياً كبيراً، ولكن يجب النّظر إلى ذلك كفرصة لبلداننا لتحقيق التنمية المطلوبة، والنمو السّريع والاستدامة، وإيجاد مجتمع يتشارك من كل المجتمعات من كل الأجيال، ونأمل عام 2030، أن يستمرّ نمو السّكان في العالم، وبشكل خاص في آسيا وأفريقيا، حيث إن جنوب القارتين في هذا التاريخ سيزوّد العالم بنسبة 60 في المائة من القوى العاملة.
وتابعت: «حاليا لدينا 64 مليون من العاطلين من الشباب في أنحاء العالم، وإذا كنّا جدّيين بشأن التنمية المستدامة لتحقيق هذه الأهداف بحلول 2030، ويكون الجوع والفقر صفراً، فعلينا أن نستثمر حالياً في قدرات الشّباب في العمل والإنتاج».
وقالت شيماء حميد الدين المدير التنفيذي لـ«مسك»، إنّ النّسخة الثالثة من منتدى «مسك» العالمي، حقّقت نقلة كبيرة منوّهة بالحشد الدّولي من الشرق الأوسط وأميركا الشّمالية والجنوبية وآسيا، وأفريقيا وأوروبا التي شاركت في فعاليات المنتدى أمس.
وأضافت حميد الدين: «هذا المنتدى الأكبر في العالم، يجلب مجموعات متميزة من الثّقافات والأفكار والهويات، ولدينا الفرصة للتّعلم والتشارك على المستوى العالمي حيث أصبحنا أكثر ارتباطاً دولياً الآن أكثر من أي وقت مضى».
ولفتت حميد الدين إلى أبحاث أطلقتها «مسك» أمس، لمؤشر الشّباب العالمي، تظهر نقلة في التوقعات والأولويات وتؤمن بالتعامل مع المسائل الدولية، للتّعليم والتعلم بجودة عالية، و«متفاعلون بشكل كبير مع التغيير». وتابعت: «لكنّ السّؤال كيف نتعامل مع هذه التحديات، ونكتسب مهارات الغد للوظائف التي لم يكن بالإمكان تخيلها، وإحدى الطّرق هي منح الشّباب الصّوت وثانياً العمل معهم في جميع أنحاء العالم، والمساعدة على تهيئتهم للمستقبل».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».