الحكومة اليمنية تؤكد لمسؤولين غربيين تمسكها بمرجعيات السلام

وسط تحركات تقودها بريطانيا للتوصل إلى اتفاق مع الميليشيات الحوثية

TT

الحكومة اليمنية تؤكد لمسؤولين غربيين تمسكها بمرجعيات السلام

ذكرت مصادر يمنية رسمية أن نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر أبلغ مسؤولين وسفراء غربيين بينهم وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، تمسك «الشرعية» في اليمن بالمرجعيات الثلاث المتفق عليها في أي حوار للسلام مع الميليشيات الحوثية الموالية لإيران.
وأفادت المصادر بأن الفريق الأحمر أبدى استعداد قيادة «الشرعية» وحكومتها المعترف بها دوليا التعاطي الإيجابي مع جهود السلام كافة سواء تلك التي تقودها الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن مارتن غريفيث أم تلك التي تضطلع بها الدوائر الإقليمية والدولية.
وتأتي تصريحات الأحمر التي بثتها وكالة «سبأ» الرسمية، بالتزامن مع تحركات بريطانية وفرنسية وأميركية، بهدف الضغط من أجل استئناف المشاورات بين الحكومة الشرعية والجماعة الانقلابية، في جولة جديدة من المقرر أن تستضيفها السويد.
ويخشى ناشطون يمنيون وكثير من القيادات الحزبية المؤيدة للشرعية أن تكون المساعي الغربية بمثابة محاولة من الدوائر الغربية لمكافأة الميليشيات الحوثية عبر جعلها حجر عثرة أمام استكمال الحسم العسكري الذي بات يؤتي ثماره مع اقتراب انتزاع الحديدة ومينائها وتضييق الخناق على الجماعة الحوثية في معقلها الرئيس في محافظة صعدة.
وأفادت المصادر الرسمية اليمنية بأن نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر، التقى أمس في الرياض السفير الأميركي ماثيو تولر لمناقشة المستجدات على الساحة الوطنية والعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين. وثمّن الأحمر - بحسب الوكالة - الموقف الأميركي الداعم للشرعية ولأبناء الشعب اليمني والعلاقات التاريخية، مجددًا التأكيد على موقف «الشرعية» بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي تجاه السلام الدائم المبني على المرجعيات الثلاث.
وذكر المصدر الرسمي أن الأحمر أكد أن المهمة الملقاة على عاتق المجتمع الدولي والشركاء الدوليين وفي مقدمتهم الأصدقاء الأميركان هو تنفيذ القرار الدولي 2216 باعتباره مدخلاً رئيسيًا لتحقيق السلام، ليس في اليمن فحسب، بل على مستوى المنطقة، مع إشارته إلى استمرار تعنت الانقلابيين الحوثيين واستهتارهم بالجهود الأممية ورفضهم اغتنام فرص الحوار والسلام. وقال الأحمر إن «الشرعية» ستدعم بقيادة الرئيس هادي جهود المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث لإحلال السلام وفق المرجعيات وتتعامل بإيجابية مع كل جهود السلام القائمة وفق المرجعيات الثلاث.
وفي حين يدور الحديث عن مساعٍ بريطانية وأميركية وفرنسية لتبني قرار أممي جديد ملزم بوقف الحرب في اليمن، تتمسك «الشرعية» بالمرجعيات المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216، باعتبارها ثوابت يرتكز عليها أي اتفاق محتمل للسلام مع الميليشيات الحوثية.
وأفادت المصادر اليمنية بأن الأحمر أشار خلال لقاء السفير الأميركي إلى أن «الشرعية» وبدعم الأشقاء في التحالف بقيادة السعودية يتولون إدارة ملفات مهمة، في مقدمها إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة اليمنية وتحجيم التدخل الإيراني التخريبي ومحاربة الإرهاب والتطرف، علاوة على الجهود المبذولة للحد من تدهور الاقتصاد وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين.
وكان الأحمر التقى الاثنين الماضي، في الرياض وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت، وأبلغه - بحسب المصادر الرسمية - حرص «الشرعية» على تحقيق السلام الدائم المستند على المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن الدولي 2216.
وقال الأحمر إن «الشرعية» خاضت في سبيل السلام كثيراً من جولات المشاورات برعاية أممية، وإن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المجتمع الدولي والشركاء الدوليين، ومن ضمنهم الأصدقاء البريطانيون، لتنفيذ القرار الأممي 2216 بما من شأنه مصلحة اليمن واليمنيين وإرساء السلام والأمن الدوليين.
وأشار الأحمر في معرض تذكيره للوزير البريطاني بخطر الجماعة الحوثية إلى الأضرار التي لحقت باليمنيين جراء انقلابها، وإلى تهديد الجماعة للأمن الإقليمي والدولي من خلال استهداف الملاحة الدولية وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. الأمر الذي يُثبت - وفقا للأحمر - خطر انقلاب الحوثيين ليس على اليمن فقط وإنما على الأمن والاستقرار الدوليين.
وأوضح نائب الرئيس اليمني أن الوضع الإنساني الذي يعيشه اليمنيون يتفاقم يومًا بعد آخر، وأن المتسبب فيه أساسًا انقلاب ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران باستيلائها على السلطة وتعطيلها للخدمات وتعمدها إرهاب وإفقار واستهداف المدنيين ونهب رواتبهم ومقدرات الدولة واحتكار المساعدات الإغاثية والإيوائية.
ونقلت وكالة «رويترز» عن هانت قوله إن فرص إجراء محادثات لإنهاء الحرب في اليمن صارت «أكثر واقعية». وأضاف: «الأمر يتعلق بإجراءات بناء الثقة على الجانبين، لكن هناك استعدادا حقيقيا للتواصل بشأن هذا وفقا للأشخاص الذين تحدثت إليهم».
وبدورها، قالت وزارة الخارجية البريطانية أمس إن تحالف دعم الشرعية في اليمن وافق على إجلاء جرحى من المتمردين الحوثيين، وذلك غداة زيارة هانت إلى المنطقة. وأوضحت الوزارة في بيان أن «قوات التحالف ستسمح الآن للأمم المتحدة بالإشراف على إجلاء طبي لحوثيين، ما يصل إلى 50 مقاتلا مصابين، إلى سلطنة عمان قبل سلسلة محادثات سلام جديدة في السويد ستعقد في وقت لاحق هذا الشهر». وجاء في البيان: «يشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم (...) 75 في المائة من السكان بحاجة إلى مساعدة إنسانية و8.4 مليون قد يموتون من الجوع. علينا التحرك».
وقال هانت إنه «متفائل لإعلان السعودية والإمارات دعمهما عملية السلام الدولية التي يقودها الموفد الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث». وأضاف: «خلال لقاءاتي (...) أحرزنا تقدماً (...) ورسمنا نهجاً ذا مصداقية نحو خفض التصعيد العسكري».
وكان عدد من السفراء الغربيين كثفوا في الرياض لقاءاتهم بالمسؤولين في الحكومة الشرعية وقيادات الأحزاب، وفي مقدمهم وزير الخارجية خالد اليماني ونائب رئيس مجلس النواب محمد علي الشدادي.
وذكرت وكالة «سبأ» أمس أن الشدادي التقى أمس السفير الفرنسي لدى بلاده كرستيان تيستو وأطلعه على الترتيبات الجارية لاستئناف انعقاد جلسات مجلس النواب في العاصمة المؤقتة عدن بموجب قرار نقل المجلس على النحو الذي يعزز من تمكين عمل المؤسسة التشريعية بعد أن اكتمل النصاب القانوني لانعقاد المجلس من أعضاء مجلس النواب المؤيدين للشرعية.
وأشار الشدادي إلى أن الميليشيات تمارس على بعض أعضاء مجلس النواب، الذين لم يتمكنوا من الخروج من صنعاء، المضايقات وتفرض عليهم الإقامة الإجبارية.
وترجح مصادر حزبية في صنعاء تحدثت إلى «الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية أبلغت في الأيام الماضية دوائر غربية رغبتها في الخروج باتفاق يضمن لها ماء الوجه مع اقتراب خسارتها لمدينة الحديدة ومينائها عسكريا، غير أن المصادر أبدت قلقها من أن يكون العرض الحوثي لمجرد المناورة فقط، كي يسمح لها توقف العمليات العسكرية بإعادة ترتيب صفوفها لمواصلة القتال من جديد.


مقالات ذات صلة

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي لقاء نسوي حوثي في صنعاء حول مهام الزينبيات في شهر رمضان (إعلام حوثي)

رمضان... موسم حوثي لتكثيف أعمال التعبئة والتطييف

تستعد الجماعة الحوثية لموسم تعبئة وتطييف في شهر رمضان بفعاليات وأنشطة تلزم فيها الموظفين العموميين بالمشاركة وتستغل المساعدات الغذائية بمساهمة من سفارة إيران.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مضامين طائفية تغلب على رسائل الشهادات العليا في جامعة صنعاء تحت سيطرة الحوثيين (إكس)

انقلابيو اليمن يعبثون بالشهادات الجامعية ويتاجرون بها

أثار حصول القيادي الحوثي مهدي المشاط على الماجستير سخرية وغضب اليمنيين بسبب العبث بالتعليم العالي، بينما تكشف مصادر عن تحول تزوير الشهادات الجامعية لنهج حوثي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي القوات اليمنية نجحت بشكل محدود في وقف تدفق المهاجرين الأفارقة (إعلام حكومي)

15 ألف مهاجر أفريقي وصلوا إلى اليمن خلال شهر

رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليمنية للحد من الهجرة من «القرن الأفريقي»، فإن البلاد استقبلت أكثر من 15 ألف مهاجر خلال شهر يناير الماضي.

محمد ناصر (تعز)

«قمة فلسطين» بالقاهرة ترفض «التهجير» وتدعو ترمب لدعم مسار السلام

TT

«قمة فلسطين» بالقاهرة ترفض «التهجير» وتدعو ترمب لدعم مسار السلام

صورة جماعية للقادة والرؤساء وروؤساء الوفود المشاركين في اجتماع القمة العربية الطارئة بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
صورة جماعية للقادة والرؤساء وروؤساء الوفود المشاركين في اجتماع القمة العربية الطارئة بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

مؤكدين رفض «تهجير» الفلسطينيين، وآملين في تعاون وثيق مع الولايات المتحدة من أجل تحقيق السلام في المنطقة، اجتمع قادة وزعماء الدول العربية، الثلاثاء، بالقاهرة، في «قمة غير عادية» حملت عنوان «قمة فلسطين».

وجاء انعقاد «القمة الطارئة» بناءً على طلب فلسطين؛ بهدف الخروج بخطة بديلة، رداً على مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتهجير سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن، وتحويل القطاع «ريفييرا الشرق الأوسط».

في هذا الصدد، اعتمدت مسودة البيان الختامي للقمة «الخطة المصرية لمستقبل غزة»، ودعت المجتمع الدولي والمؤسسات المالية إلى «تقديم دعم سريع للخطة المصرية»، بحسب ما نشرته قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية.

وفي إطار مواجهة مخططات «التهجير»، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته، إنه «بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، تم تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة من الفلسطينيين الإداريين والتكنوقراط توكل لها إدارة قطاع غزة والإشراف على الإغاثة مؤقتاً»، مشيراً إلى أن «القاهرة تعكف على تدريب الكوادر الأمنية الفلسطينية لتولي مهام الأمن في المرحلة المقبلة».

وأضاف السيسي أن «مصر عملت بالتعاون مع السلطة الفلسطينية والمؤسسات الدولية المعنية على بلورة خطة لإعادة الإعمار تتضمن الإغاثة العاجلة والتعافي المبكر وصولاً لإعادة الإعمار»، داعياً إلى «اعتماد الخطة المصرية».

وأشار السيسي إلى أنه «بالتوازي مع خطة إعادة الإعمار، لا بد من إطلاق مسار خطة للسلام من الناحيتين الأمنية والسياسية»، داعياً إلى «اعتبار معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل نموذجاً لتحويل حالة العداء والحرب والرغبة في الانتقام إلى سلام». وقال: «مصر دشنت السلام منذ خمسة عقود وحرصت عليه، وهي لا تعرف سوى السلام القائم على الحق والعدل وعدم خلق واقع طارد للسكان خارج أراضيهم».

وأعرب الرئيس المصري عن ثقته في قدرة نظيره الأميركي دونالد ترمب على تحقيق السلام فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن «القاهرة سوف تستضيف مؤتمراً لإعادة إعمار غزة الشهر المقبل».

وأكد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، في كلمته، رفض بلاده «أي محاولات للتهجير والاستيطان»، مشيداً بـ«مبادرة مصر بشأن قطاع غزة»، داعياً إلى «دعم الخطة المصرية التي تسهم في تقوية روابطنا الأخوية وحماية أمننا القومي وتعزيز قدرتنا على مجابهة التحديات بما يحفظ مكتسباتنا التنموية».

وقال إنه «تأكيداً على ما جاء في (قمة البحرين)، فإن التمسك بمسار السلام الدائم والشامل، هو الضامن لينال الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في تقرير المصير استناداً لحل الدولتين كما أكدت المبادرة العربية للسلام وجميع القرارات الدولية في هذا الشأن».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (على اليمين) يرحب بملك الأردن عبد الله الثاني قبل «القمة العربية» بشأن غزة (أ.ف.ب)

وأكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن اجتماع القاهرة يستهدف التأكيد على أربعة محاور، وهي الرفض التام للتهجير والتأكيد على دعم خطة واضحة لإعادة إعمار غزة ضمن جدول زمني تُعرض على الشركاء الفاعلين لكسب الدعم والتأييد الدولي، وثانياً دعم جهود السلطة الفلسطينية في الإصلاح وإدارة قطاع غزة وربطها بالضفة وتوفير الخدمات وتحقيق الأمن.

وأضاف أن «المحور الثالث يتعلق بوقف التصعيد الخطير في الضفة لمنع تفجير الأوضاع، ورابعاً التأكيد على أن حل الدولتين لتحقيق السلام العادل والشامل».

ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، نظيره الأميركي إلى «دعم خطة إعادة إعمار غزة». وقال إن «دور دولة فلسطين مهم في قطاع غزة من خلال المؤسسات الحكومية والأجهزة الأمنية للسلطة التي ستتسلم مسؤوليتها بعد هيكلة وتدريب كوادرها في مصر والأردن». وأكد أهمية «اعتماد الخطة المصرية - العربية لإعادة إعمار غزة، وتشكيل صندوق ائتمان دولي لإعادة الإعمار وإنجاح المؤتمر الدولي لإعادة الإعمار في مصر».

ودعا إلى «تكليف اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية بإجراء اتصالات وزيارات لعواصم العالم لشرح خطة إعادة الإعمار والتأكيد على دور السلطة الفلسطينية في غزة والعمل من أجل انسحاب إسرائيل من غزة».

وفي سياق الداخل الفلسطيني، أعلن عباس تعيين نائب للرئيس ولمنظمة التحرير الفلسطينية.

وقال عباس «قررنا استحداث منصب جديد وتعيين نائب لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين». وأكد الرئيس الفلسطيني في كلمته أمام القمة إصدار عفو عام عن جميع المفصولين من حركة «فتح»، كما أعلن جاهزيته لإجراء انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية، خلال العام المقبل حال توفرت الظروف الملائمة لذلك، في غزة والضفة والقدس الشرقية.

فلسطينيون نازحون من وسط قطاع غزة يعودون إلى منازلهم في شمال القطاع (أ.ب)

بدوره، عدَّ الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، القمة «حدثاً مهماً في تاريخ القضية، قضية شعب ظُلم ولا يصح أن يظلم مرة أخرى بأن يقتلع من أرضه»، وهي قمة عنوانها «ألا ترتكب في حق الفلسطينيين نكبة جديدة وأن يحفظ للشعب حقه في الاستقلال والحرية والعيش الكريم وتقرير المصير».

وقال أبو الغيط إن «إعادة إعمار غزة نضال نختار أن نخوضه، وإعمار غزة ممكن بوجود أهلها... ممكن إن صمت السلام وانسحبت إسرائيل من القطاع»، معرباً عن «تقديره لكل جهود السلام ولدور الولايات المتحدة التاريخي والحاضر». وأضاف، لكن «القبول بمشروعات غير واقعية يزعزع استقرار المنطقة ويقوض هيكل السلام الذي استقر فيها لعقود»، مجدداً «رفض منطق تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».

ورحَّبت المسودة بعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة في القاهرة الشهر المقبل. ودعا القادة العرب، وفق المسودة، إلى إجراء انتخابات في المناطق الفلسطينية كافة خلال عام واحد إذا توافرت الظروف المناسبة لذلك.

وتتضمن «الخطة المصرية»، بحسب مسودة البيان الختامي نشرتها قناة «القاهرة الإخبارية»، قبل ساعات من انعقاد القمة، أن «تتولى لجنة غير فصائلية إدارة قطاع غزة لمدة 6 أشهر كفترة انتقالية».

ووفق الخطة، «ستكون اللجنة مستقلة ومكونة من شخصيات غير فصائلية (تكنوقراط) تعمل تحت مظلة الحكومة الفلسطينية»، و«سيجري تشكيل لجنة إدارة غزة خلال المرحلة الحالية تمهيداً لتمكينها من العودة بشكل كامل للقطاع وإدارة المرحلة المقبلة بقرار فلسطيني»، وتشير الخطة إلى أن «مصر والأردن يعملان على تدريب عناصر الشرطة الفلسطينية تمهيداً لنشرها في القطاع». وأشارت الخطة إلى أنه «من المطروح دراسة مجلس الأمن فكرة الوجود الدولي بالأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية وغزة». ودعت إلى «إصدار قرار بنشر قوات حماية حفظ سلام دولية بالأراضي الفلسطينية في سياق متكامل لإقامة الدولة الفلسطينية».

فلسطينيون في سوق أقيمت في الهواء الطلق قرب أنقاض المباني التي دمَّرتها الضربات الإسرائيلية (رويترز)

وكانت قمة البحرين التي عُقدت بالمنامة في مايو (أيار) الماضي، قد تضمنت دعوة مماثلة لـ«نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين».

وقالت «الخطة المصرية» إنه «يمكن التعامل مع معضلة تعدد الجهات الفلسطينية الحاملة للسلاح إذا أزيلت أسبابها من خلال عملية سياسية ذات مصداقية»، مؤكدة «ضرورة أن تصبّ الجهود المبذولة في تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية». ودعت إلى «إبرام هدنة متوسطة المدى بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لفترة زمنية محددة بالمناطق الفلسطينية كافة».

وأكدت «الخطة المصرية» أن «حل الدولتين هو الحل الأمثل من وجهة نظر المجتمع والقانون الدوليين، وأن القطاع جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية»، كما أدانت «قتل واستهداف المدنيين، ومستوى العنف غير المسبوق والمعاناة الإنسانية التي خلفتها الحرب على غزة».

«الخطة المصرية» حثَّت كذلك على «ضرورة مراعاة حقوق الشعب الفلسطيني وبقائه على أرضه دون تهجير»، مشددة على «ضرورة تكاتف المجتمع الدولي من منطلق إنساني قبل كل شيء لمعالجة الكارثة الإنسانية التي خلفتها الحرب». وركزت الخطة على الإشارة إلى أن «محاولة نزع الأمل في إقامة الدولة من الشعب الفلسطيني أو انتزاع أرضه منه لن تؤتي إلا بمزيد من الصراعات وعدم الاستقرار».

مراسلون عرب يشاهدون شاشة تظهر الرئيس المصري (على اليمين) يستقبل رئيس السلطة الفلسطينية (أ.ب)

وفي شأن الهدنة في القطاع، طالبت «الخطة المصرية» بـ«ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة». وقالت: «سيكون من أبرز آثار انهيار وقف إطلاق النار إعاقة الجهد الإنساني وعملية إعادة الإعمار»، مشيرة إلى أن «تنفيذ إعادة الإعمار يتطلب ترتيبات للحكم الانتقالي وتوفير الأمن بما يحافظ على آفاق حل الدولتين».

وذكرت أن هناك «أهمية كبيرة للعمل على مقترح تدريجي يُراعي الحفاظ على حق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه، فضلاً عن ضرورة مراعاة حقه في تحقيق تطلعاته المشروعة بإقامة دولته مُتصلة الأراضي بقطاع غزة والضفة»، ومطالبة بضرورة «التعاطي مع القطاع بأسلوب سياسي وقانوني يتسق مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن». وطالبت الخطة المصرية بضرورة «بدء التفكير في كيفية إدارة المرحلة المقبلة للتعافي المبكر بما يضمن الملكية الفلسطينية». وأكدت أهمية «استمرار جهود السلطة الفلسطينية لاتخاذ مزيد من الخطوات لتطوير عمل المؤسسات والأجهزة الفلسطينية».

ووفق «الخطة المصرية»، سيتم توفير سكن مؤقت للنازحين في غزة خلال عملية إعادة الإعمار، ومناطق داخل القطاع في 7 مواقع تستوعب أكثر من 1.5 مليون فرد، بحسب ما نقلته «القاهرة الإخبارية». وتتكون «الخطة المصرية» من نحو «112 صفحة تتضمن خرائط توضح كيفية إعادة تطوير أراضي غزة وعشرات الصور الملونة التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي لمشاريع الإسكان والحدائق والمراكز المجتمعية، وميناء تجاري ومركز للتكنولوجيا وفنادق على الشاطئ، بحسب وثيقة حصلت عليها «رويترز»، أشارت إلى أن تكلفة إعادة الإعمار ستبلغ 53 مليار دولار.