شاشات: «عشرة عبيد صغار» لأغاثا كريستي على الشاشة اللبنانية

عودة لبنانية بالعنوان الأصلي «عشرة عبيد صغار»
عودة لبنانية بالعنوان الأصلي «عشرة عبيد صغار»
TT

شاشات: «عشرة عبيد صغار» لأغاثا كريستي على الشاشة اللبنانية

عودة لبنانية بالعنوان الأصلي «عشرة عبيد صغار»
عودة لبنانية بالعنوان الأصلي «عشرة عبيد صغار»

واحدة من ألمع روايات الكاتبة البوليسية البريطانية أغاثا كريستي (1890 - 1976) كانت روايتها «عشرة عبيد صغار» Ten Little Niggers، التي حملت لاحقا عنوانا آخر هو «ثم لم يبق أحد» Then There Were Non ثم قدّمتها السينما تحت عنوان ثالث هو «عشرة هنود صغار» Ten Little Indians.
هي مختلفة عن غالبية ما وضعته المؤلفة من روايات على أكثر من وجه وفي مقدّمة هذه الوجوه أنها ليست عن تحقيقات بطلها (هركيل بوارو) أو بطلتها (مس ماربل)، بل عبارة عن حكاية عشرة مدعوّين إلى قضاء أيام في قصر فوق جزيرة، يكتشفون بعد وصولهم جميعا أن صاحب الدعوة خطط لقتلهم واحدا وراء الآخر. صراع البقاء ضد ذلك المجهول الذي يخطف الأرواح. المحاولات المستميتة لحسبان خطوة القاتل المقبلة وتجنّبها تخفق في كل مرة. وفي كل مرّة يسقط فيها أحد المدعوين العشرة يختفي تمثال أسود صغير حتى.. «لم يبق أحد».
.. ولعله لم تبق في الدنيا عاصمة ثقافية إلا واقتبست الرواية. وهنا ميزتها الثانية: إمكانية أن تقع في أي بلد وضمن أي معطيات ثقافية أو هوية اجتماعية. تلفزيون لبنان والمشرق كان السبّاق عربيا في تقديمها على الشاشة الصغيرة في مسلسل ستيناتي أخرجه (بالأبيض والأسود وداخل الاستوديو) جان فيّاض وبأسلوب مسرحي نص عليه الاقتباس الذي قام به لطفي ملتقى.
اليوم، هناك عودة لبنانية ذات إخراج جيّد وكتابة فعالة وتمثيل حذر يوفرها للمشاهدين إيلي ف. حبيب بالعنوان الأصلي «عشرة عبيد صغار» (MTV) تصنع أكثر من مجرد نقل الرواية المعروفة إذ تمنحها هوية لبنانية خالصة.
المسلسلات اللبنانية عادة ما هي بوليسية (في المقابل الخليجية عادة ما تكون دراما اجتماعية أو كوميدية والسورية بيئية والمصرية ميلودرامية متنوّعة). وهناك مسلسلان بوليسيان آخران صنعا في لبنان (من إنتاج لبناني مصري) قدمنا أولهما هنا قبل يومين وهو «كلام على ورق» وثانيهما بعنوان «اتهام». كل واحد منهما يحتاج إلى سلم خاص لكي يصل إلى مشاهديه خارج الحدود وهذا السلم هو ذلك الإنتاج المصري - اللبناني المشترك.
لكن إذا ما كان «كلام على ورق» هو سيناريو جيّد أشرف عليه الزميل أحمد شوقي جرى طبخه بأسلوب عمل خطأ، فإن «اتهام» هو مط درامي وتنفيذي تتخلله أحداث. بكلمات أخرى، هو أجواء موسيقية وتصويرية وتمثيلية مع قليل من الأحداث في كل حلقة. يكفي الموسيقى التي تجر نفسها جرّا وتمتد لمعظم دقائق كل حلقة كما لو كانت ضريبة مفروضة على المشاهد بما تحمله من شجن متكلف وحزن لا معنى له (مرّة أخرى الناي أو الكلارنيت في سحبات طويلة متكررة).
طبعا «اتهام» ليس الوحيد الذي يستخدم هذه الموسيقى بل الكثير جدا من المسلسلات وبتنويعات قليلة. هل تعتقد أن هناك اتفاقا ما بين المنتجين وشركات المحارم الورقية؟
«عشرة عبيد صغار» لا يحتاج إلى سلم ولا إلى تلك الموسيقى المهترئة ولو أنه استبدلها بأغنية جيدة التأليف ومناسبة للموضوع. إنه مسلسل محلي كونه غير مرتبط بمشاركة عربية أخرى، وبذلك يحفظ لنفسه سمة قليلة الحضور عاما بعد عام.
التمثيل «الحذر» الذي ذكرته هو ناتج عن أن الموضوع يتطلب الحرص على توفير عشر شخصيات مختلفة ليس منها ما تستطيع الفكاك من حالة الحصار التي تفرضها الرواية أحداثا ومكان تصوير. هذا ما يفسّر المساحات المحدودة من التصرّف والتعابير، لكن مما شاهدته من حلقات (خمسة) يقدّر المرء أن الجميع يدرك قيمة ما يقوم به ويقوم به جيّدا.
أحد الممثلين هنا هو شوقي متّى. للأسف تقديم الحلقات ينص على بعض الاحتفاءات غير الضرورية، كتسمية ممثل محدود الشهرة بـ«النجم» وبتسمية شوقي متّى بـ«النجم السينمائي».. في أحد الأيام كانت هناك حالة انتشار سينمائية خاض غمارها الأستاذ متّى لكن الأفضل دائما تفريغ الأسماء من الألقاب خصوصا أن تلك المرحلة انتهت. هذا ليس انتقاصا من هذا الممثل الجيّد في هذا المسلسل كما كان عهده دائما، بل تقدير أفضل لمكانته.
في «اتهام» طلة لممثل كوميدي معروف اسمه صلاح تيزاني (اسم الشهرة «أبو سليم الطبل») لكن من دون اهتمام يذكر بالاستفادة من النوستالجيا التي يحملها معه في هذه العودة إلى الشاشة الصغيرة. هذان الممثلان، كل في لونه وأسلوبه، من بين أغصان الشجرة الفنية التي لا تزال تنمو على تربة هذا الوطن الحبيب.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.