محامو لبنان يعتصمون رفضاً لتجاوزات وتوقيفات تطال زملاءهم

محامو لبنان يعتصمون رفضاً لتجاوزات وتوقيفات تطال زملاءهم
TT

محامو لبنان يعتصمون رفضاً لتجاوزات وتوقيفات تطال زملاءهم

محامو لبنان يعتصمون رفضاً لتجاوزات وتوقيفات تطال زملاءهم

نفّذ مئات المحامين المنتسبين إلى نقابة بيروت، اعتصاماً داخل قصر العدل في بيروت، اعتراضاً على ما وصفوها بـ«التجاوزات» التي تطال زملاءهم المحامين في قصور العدل، وآخرها توقيف محامٍ نتيجة خلاف بينه وبين موظفة في إحدى الدوائر القضائية، من دون مراجعة النقابة والحصول على إذن منها. وطالب المعتصمون النقابة باتخاذ قرارات توقِف هذه التجاوزات، وتكرّس حصانتهم المنصوص عليها في القانون حتى يؤدوا مهمّة الدفاع عن حقوق الناس بعيداً عن الضغوط.
واعتبر نقيب المحامين في بيروت أندريه الشدياق، أن «تصرفات بعض الموظفين في قصور العدل خارجة عن المألوف في تعاملهم مع المحامين، وتتعارض مع الأصول القانونية التي رعت دور المحامي في تحقيق رسالة العدالة». وقال إن المحامي «أضحى رهينة الخضوع لجمهوريات وأندية قضائية غير مباحة قانوناً»، رافضاً «التعسّف في اتخاذه تدابير متعارضة مع نص المادة 75 من قانون تنظيم مهنة المحاماة، التي لا تجيز إطلاقاً توقيف المحامي احتياطياً في دعاوى القدح والذم أو التحقير، التي تقام عليه بسبب أقوال أو كتابات صدرت عنه في أثناء ممارسته لمهنته».
وأضاف نقيب المحامين: «إن مجلس النقابة كان ولا يزال حريصاً على اتخاذ التدابير اللازمة باعتماد الآلية التي ترعى وتصون علاقة المحامين بالقضاء، والتي لا يجوز تجاوزها»، مؤكداً أن «للمحامين شكاوى محقة لجهة تسيير المرفق العام القضائي بتأخير انعقاد مواعيد الجلسات والتباطؤ بإصدار الأحكام»، مشدداً على ضرورة «تشكيل لجنة مشتركة بين النقابة ومجلس القضاء الأعلى، تكرّس كأولية ما استخرجه من أحكام واضحة المعالم بالنسبة إلى مسألتي التوقيف الاحتياطي وعدم جوازه في قضايا القدح والذم والتحقير كما استحالة تحريك دعوى الحق العام حتى في حالة الجرم المشهود إلا بعد استئذان مجلس القضاء». وأكد النقيب الشدياق أن مجلس النقابة «اكتفى بالاعتصام الآنيّ اليوم (أمس) وأبقى جلسات مفتوحة، فطراوتنا ليست مرادفة لضعف».
وتنسحب خلافات نقابة المحامين في بيروت مع السلطة القضائية، على نقابة الشمال، حيث يستمرّ المحامون في مقاطعة جلسات المحكمة التي ترأسها القاضية سمر البحيري، استجابةً لقرار نقابتهم، بعدما أقدمت الأخيرة على طرد المحامي نبيل رعد من قاعة المحكمة خلال تقديمه مذكرة بإحدى القضايا الموكل الدفاع فيها، واستتبعتها بدعوى أقامتها ضدّه بجرم القدح والذم وعرقلة سير العدالة.
وأكد مرجع قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن الالتباسات التي حصلت مع بعض المحامين سواء في بيروت أو طرابلس، هي قيد المتابعة والحلّ مع نقابتي المحامين في بيروت والشمال، مشدداً على أن «العدالة لا تقوم إلا بالتعاون والتفاهم بين جناحيها القضاء والمحاماة». ولفت المرجع القضائي إلى أن «الاجتماع الذي عُقد الأسبوع الماضي في مجلس القضاء الأعلى سيُستكمل باجتماع آخر لوضع حدّ للالتباسات التي حصلت مؤخراً». فيما شدد مصدر في نقابة محامي الشمال، على أن «الحلّ الوحيد للعودة عن مقاطعة جلسات المحاكمة عند القاضية البحيري، يكون بتراجعها عن الدعوى التي أقامتها ضدّ المحامي رعد، والاتفاق على آلية عمل تحترم المحامي ورسالته ودوره، لا أن يبقى عُرضة للإهانة واللامبالاة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».